الخميس، 10 ديسمبر 2020


 

جزء الذاريات سورة النجم (2)

قـــال تــعــالـى

(أَمْ لِلْإِنْسانِ مَا تَمَنَّى * فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى * وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لَا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى * إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى * وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً * فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَياةَ الدُّنْيا * ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى * وَلِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى * الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى) سورة النجم (24ـ 32)

                                                               

1) مسائل العقيدة في الآيات.

   1) الله سبحانه يدبر الأمر كله:

في قوله تعالى (أَمْ لِلْإِنْسانِ مَا تَمَنَّى * فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى) سورة النجم (24ـ 25)

 * قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قوله تعالى { أَمْ لِلْإِنْسانِ مَا تَمَنَّى } فهي بمعنى بل، وهمزة استفهام

والاستفهام هنا للإنكار والنفي، أي ليس للإنسان ما تمنى

كم يتمنى الإنسان من شيء ولكن لا يحصل، لأن هناك مدبراً وهو الله عز وجل

وفي هذا إشارة إلى رد صنيع هؤلاء المشركين:

ـ الذين يعبدون الأصنام ويقولون: إنها تقربهم إلى الله، وليس لهم ذلك

ـ ورد لقولهم: إن لله البنات ولهم البنين، وليس لهم ذلك

وهم وإن تمنوا ذلك وصار في مخيلتهم فإنه لا يحصل.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 223)

 * قال ابن كثير :

ـ قوله تعالى( فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى) أَيْ إِنَّمَا الْأَمْرُ كُلُّهُ لِلَّهِ مَالِكِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَالْمُتَصَرِّفِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، فَهُوَ الَّذِي مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ.(تفسير ابن كثير 4/ 324)

 

 

                             

2) شروط الشفاعة المثبتة:

في قوله تعالى (وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لَا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى) سورة النجم (26)

 * قال ابن كثير :

إِذَا كَانَ هَذَا فِي حَقِّ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ، فَكَيْفَ تَرْجُونَ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ شَفَاعَةَ هَذِهِ الأصنام والأنداد عند الله، وهو تعالى لَمْ يُشَرِّعْ عِبَادَتَهَا وَلَا أَذِنَ فِيهَا، بَلْ قَدْ نَهَى عَنْهَا عَلَى أَلْسِنَةِ جَمِيعِ رُسُلِهِ وأنزل بالنهي عن ذلك جميع كتبه؟

* قال الشيخ محمد العثيمين :

للشفاعة ثلاثة شروط:

الأول: رضى الله عن الشافع بأن يكون أهلاً للشفاعة لكونه من المقربين لله عز وجل.

الثاني: أن يرضى عن المشفوع له، بأن يكون أهلاً لأن يشفع له، أما الكافر فما تنفعهم شفاعة الشافعين.

الثالث: الإذن لقوله تعالى: { مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) [البقرة:255] (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/223)

                                 

3) وجوب الإيمان باليوم الآخر:

لقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى * وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً * فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَياةَ الدُّنْيا * ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى)سورة النجم (27ـ 30)

* قال الشيخ محمد العثيمين :

ـ قوله تعالى { لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ } أي: لا يصدقون بها ولا بما فيها من الثواب والعقاب، إذ إن الإيمان بالآخرة لابد أن يكون إيماناً بأن هذا اليوم سيكون، وإيماناً بكل ما ثبت من حصوله ووقعه فيه، إما في القرآن وإما في السنة .

فالإيمان باليوم الآخر يتضمن ثلاثة أمور:

الأول: الإيمان بوقوع اليوم الآخر أنه لابد كائن.

الثاني: الإيمان بما سيكون في هذا اليوم من: أهوال، وحساب، وموازين، وصراط، وجنة، ونار .

الثالث: الإيمان باليوم الآخر الإيمان بما يكون في القبر من فتنة القبر، سؤال الملكين الميت عن ثلاثة أشياء: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/223ـ 224)

* قال ابن كثير :

ـ قوله تعالى { لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى } يَقُولُ تَعَالَى مُنْكِرًا عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي تَسْمِيَتِهِمُ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى، وَجَعْلِهِمْ بنات الله تعالى الله عن ذلك.

يجعلون الملائكة إناثاً كالمشركين، قالوا: الملائكة بنات الله

لأنهم لا يؤمنون بالآخرة، ولو آمنوا بالعقاب ما قالوا هذا، لكنهم لا يؤمنون، فيقولون ما يريدون.

ولهذا قال تعالى (وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ)  أَيْ لَيْسَ لَهُمْ عِلْمٌ صَحِيحٌ يُصَدِّقُ مَا قَالُوهُ، بَلْ هُوَ كَذِبٌ وَزُورٌ وَافْتِرَاءٌ وَكُفْرٌ شَنِيعٌ.

ـ قوله تعالى(إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) أَيْ لَا يُجْدِي شَيْئًا وَلَا يَقُومُ أَبَدًا مَقَامَ الْحَقِّ.

وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

«إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أكذب الحديث»  أخرجه البخاري في الوصايا باب 8، والنكاح باب 45، والفرائض باب 2، والأدب باب 57، ومسلم في البر حديث 28، والترمذي في البر باب 56، ومالك في حسن الخلق حديث 15، وأحمد في المسند 2/ 245، 287، 312، 342، 470، 482، 491، 492، 504، 517، 539.(تفسير ابن كثير 4/ 324)

* قال الشيخ محمد العثيمين :

هذا الظن : المبني على الوهم لا على القرائن لا يغني من الحق شيئاً، أي لا يفيد شيئاً من الحق، لأنه وهم باطل، والوهم الباطل لا يمكن أن يفيد.

ـ قوله تعالى { فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى) يعني لا تبالي به ولا يهمنك أمره، ولا تستحسر من أجل توليه، بل ادع إلى سبيل الله ، لكن من أعرض وتولى لا يهمك أمره.

ـ قوله تعالى { عَنْ ذِكْرِنا } هو القرآن، ويحتمل أن يكون الذكر بمعنى التذكير، أي عن تذكيرنا، وكلا المعنيين متلازمان صحيحان. لأن القرآن ذكر.

ـ قوله تعالى { وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَياةَ الدُّنْيا} يعني لا يريد الآخرة ولا يهتم بها، بل همه الدنيا .

والحياة الدنيا وصفها بالدنيا من الدنو وهو القرب، وذلك لانحطاط مرتبتها، ولسبقها على الآخرة، لأن الدار الدنيا هي أول دار ينزلها الإنسان.

ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام:

(لموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما فيها) (أخرجه البخاري، كتاب الجهاد، باب فضل رباط يوم في سبيل الله (2892) ..

موضع السوط الذي يكون بقدر المتر في الجنة خير من الدنيا وما فيها.

* موقف ابن حجر مع اليهودي:

ويذكر أن ابن حجر - رحمه الله - وكان رئيس القضاء في مصر.

مر يوماً من الأيام في موكبه على العربة تجرها البغال، وحوله الجنود برجل يهودي زيَّات يبيع الزيت، قد تدنست ثيابه بالزيت، وشقي في طلب المعيشة فأوقفه اليهودي

وقال لابن حَجَر: إن نبيكم يزعم (أن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر)!

فكيف يتفق هذا الحديث مع الواقع، أنت الآن مؤمن وأنا يهودي فأيهما الشقي؟

قال: نعم ما أنا فيه الآن بالنسبة للآخرة سجن، لأن الآخرة خير لمن اتقى، وما أنت فيه بالنسبة للآخرة جنة، لأن الآخرة ليس لك فيها إلا النار وبئس القرار فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، فانظر كيف فتح الله عليه.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/225ـ 226)

* قال ابن كثير :

ـ قوله تعالى(فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا) أَيْ أَعْرِضْ عَنِ الَّذِي أَعْرَضَ عَنِ الْحَقِّ وَاهْجُرْهُ.

 ـ َقَوْلُهُ تعالى ( وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا) أَيْ إِنَّمَا أَكْثَرُ هَمِّهِ وَمَبْلَغُ عِلْمِهِ الدُّنْيَا، فَذَاكَ هو غاية ما لا خير فيه.

 ـ لهذا قال تعالى (ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) أَيْ طَلَبُ الدُّنْيَا وَالسَّعْيُ لَهَا هُوَ غَايَةُ مَا وَصَلُوا إِلَيْهِ.

* قال ابن كثير :

ـ قَوْلُهُ تَعَالَى (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى) أَيْ هُوَ الْخَالِقُ لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ وَالْعَالَمُ بِمَصَالِحِ عِبَادِهِ، وَهُوَ الَّذِي يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ، وَذَلِكَ كُلُّهُ عَنْ قُدْرَتِهِ وَعِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ وَهُوَ الْعَادِلُ الَّذِي لَا يَجُورُ أَبَدًا لَا فِي شرعه ولا في قدره.(تفسير ابن كثير 4/324)

                             

4) سعة علم الله تعالى .

في قوله تعالى (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى * الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى)سورة النجم (31ـ 32)

* قال ابن كثير :

يخبر تعالى أنه مالك السموات وَالْأَرْضِ، وَأَنَّهُ الْغَنِيُّ عَمَّا سِوَاهُ الْحَاكِمُ فِي خَلْقِهِ بِالْعَدْلِ وَخَلَقَ الْخَلْقَ بِالْحَقِّ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى أَيْ يُجَازِي كُلًّا بِعَمَلِهِ إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ

ثُمَّ فَسَّرَ الْمُحْسِنِينَ:

 بِأَنَّهُمُ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ، أَيْ لَا يَتَعَاطَوْنَ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْكَبَائِرَ وَإِنْ وَقَعَ مِنْهُمْ بَعْضُ الصَّغَائِرِ فَإِنَّهُ يَغْفِرُ لَهُمْ وَيَسْتُرُ عَلَيْهِمْ .

وَقَالَ تعالى (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ) وَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، لِأَنَّ اللَّمَمَ مِنْ صَغَائِرِ الذُّنُوبِ وَمُحَقَّرَاتِ الْأَعْمَالِ.(تفسير ابن كثير 4/325ـ326)

* قال الشيخ محمد العثيمين :

ـ قوله تعالى{ إِلَّا اللَّمَمَ } يعني: أن هؤلاء الذين أحسنوا يأتون الصغائر، والصغائر والحمد لله مكفرة بالحسنات،

* أخبر النبي عليه الصلاة والسلام :

(أن الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر) (أخرجه مسلم، كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان ... (رقم 233) (16) .

* أن الصغائر تقع مكفرة :

ـ باجتناب الكبائر

ـ فعل هذه الحسنات العظيمة: الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان.

ـ قوله تعالى { إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ}المغفرة هي ستر الذنب مع التجاوز عنه، ولا يكفي ستر الذنب بل لابد من تجاوز، فإذا المغفرة لابد من ستر ووقاية

أن الله تبارك وتعالى إذا خلا بعبده المؤمن يوم القيامة وقرره بذنوبه وأقر قال:

«قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم» (أخرجه البخاري، كتاب الأدب، باب ستر المؤمن على نفسه (6070) ومسلم، كتاب التوبة، باب قبول القاتل وإن كثر قتله (2768) .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 229ـ 230)

* قال ابن كثير :

ـ قوله تعالى(إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ) أَيْ رَحْمَتُهُ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ وَمَغْفِرَتُهُ تَسَعُ الذُّنُوبَ كُلَّهَا لِمَنْ تاب منها.(تفسير ابن كثير 4/326)

* أقسام النشأة:

1) النشأة الأولى في قوله تَعَالَى(هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ)

* قال ابن كثير :

أَيْ هُوَ بَصِيرٌ بِكُمْ عَلِيمٌ بِأَحْوَالِكُمْ وَأَفْعَالِكُمْ وَأَقْوَالِكُمُ الَّتِي تَصْدُرُ عَنْكُمْ، وَتَقَعُ مِنْكُمْ حِينَ أنشأ أباكم مِنَ الْأَرْضِ، وَاسْتَخْرَجَ ذُرِّيَّتَهُ مِنْ صُلْبِهِ أَمْثَالَ الذَّرِّ ثُمَّ قَسَمَهُمْ فَرِيقَيْنِ: فَرِيقًا لِلْجَنَّةِ وَفَرِيقًا لِلسَّعِيرِ.

* قال الشيخ محمد العثيمين :

أي بخلق أبينا آدم، لأن آدم خلق من التراب، ثم صار طيناً، ثم صار صلصالاً، ثم خلقه الله بيده جسماً ونفخ فيه الروح، فصار آدميًّا إنساناً، إذاً نحن من الأرض

أول نشأة.

ولذلك الآن بنو آدم كالأرض تماماً، فيهم الحزم الصلب الشديد، وفيهم السهل، وفيهم ما بين ذلك، وفيهم الأبيض، وفيهم الأحمر، وفيهم الأسود، لأن الأراضي تختلف، هكذا

وقد ذُكر أن الله لما أراد أن يخلق آدم أخذ من كل الأرض سهلها وحزنها، وأسودها وأبيضها كلها (أخرجه الترمذي، كتاب التفسير، باب ومن سورة البقرة (رقم 2955) . وقال: هذا حديث حسن صحيح.

2) النشأة الثانية في قوله تعالى (وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ )

* قال ابن كثير :

وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ قَدْ كَتَبَ الْمَلَكُ الَّذِي يُوَكَّلُ بِهِ رِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَعَمَلَهُ وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ؟

* قال الشيخ محمد العثيمين :

هذه النشأة الثانية

ـ قوله تعالى (أَجِنَّةٌ) جمع جنين وهو الحمل، وسمي الحمل جنيناً، لأنه مستتر .

ـ قوله تعالى { فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ }  أي من حين كان الإنسان نطفة، ومن النطفة يخلق، فمن حين يكون نطفة يكون جنيناً ثم يتطور أربعة، نطفة، ثم علقة، ثم مضغة مخلَّقة وغير مخلَّقة، ثم أنشأناه خلقاً آخر. الطور الأخير الذي تحل فيه الروح.

ـ قوله تعالى(فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ) أي: لا تزكوها وتقول عملت كذا وكذا، وصليت، وزكيت، وصمت، وجاهدت، وحججت ، لا تقل هكذا، تُدل بعملك على ربك، هذا لا يجوز

ـ قوله تعالى(هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى) يعني إن كنت تقيا لله ,فالله أعلم بك ,ولا حاجة أن تقول لله, إني فعلت وفعلت .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/231)

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين

    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  جزء الرابع والعشرون سورة الزمر (3) قــال تـعــالـى ﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللَّهِ لَ...