جزء قَدْ سَمِعَ (سورة التغابن(2)
قــــال تــعــــالـــى
(مَا أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ * اللَّهُ لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ * عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)سورة التغابن (11ـ 18)
1) مسائل العقيدة في الآيات.
* من أركان الإيمان ( الإيمان بالقدر خيره وشره)
في قوله تعالى (مَا أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) سورة التغابن (11)
* قال ابن كثير :
ـ قوله تعالى (مَا أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ)
ـ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بِأَمْرِ اللَّهِ، يَعْنِي عَنْ قَدَرِهِ وَمَشِيئَتِهِ .
ـ قال تعالى (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) أَيْ وَمَنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ فَعَلِمَ أَنَّهَا بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ فَصَبَرَ وَاحْتَسَبَ وَاسْتَسْلَمَ لِقَضَاءِ اللَّهِ هَدَى اللَّهُ قَلْبَهُ. وَعَوَّضَهُ عَمَّا فَاتَهُ مِنَ الدُّنْيَا هُدًى فِي قَلْبِهِ وَيَقِينًا صَادِقًا، وَقَدْ يُخْلِفُ عَلَيْهِ مَا كَانَ أَخَذَ مِنْهُ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ.
ـ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ يَعْنِي يَهْدِ قَلْبَهُ لِلْيَقِينِ، فَيَعْلَمُ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ « انظر تفسير الطبري 12/ 116.
ـ وَقَالَ الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ قَالَ: كُنَّا عند علقمة فقرئ عِنْدَهُ هَذِهِ الْآيَةُ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ:
هُوَ الرَّجُلُ تُصِيبُهُ الْمُصِيبَةُ فَيَعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَيَرْضَى وَيُسَلِّمُ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
«عَجَبًا لِلْمُؤْمِنِ لَا يَقْضِي اللَّهُ لَهُ قَضَاءً إِلَّا كَانَ خَيْرًا لَهُ، إِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ» «أخرجه مسلم في الزهد حديث 64، وأحمد في المسند 4/ 332، 333.(تفسير ابن كثير 4/ 481)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
قوله تعالى (مَا أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ) هذا عام لجميع المصائب في النفس , والمال ,والولد ,والأحباب , ونحوهم ,فجميع ما أصاب العباد ,فبقضاء الله قدره , قد يبق بذلك علمه تعالى , وجرى به قلمه , ونفذت به مشيئته , واقتضته حكمته , والشأن كل الشأن .
هل يقوم العبد بالوظيفة التي عليها في هذا المقام أم لا يقوم بها ؟
ـ فإن قام بها , فله الثواب الجزيل ,في الدنيا والآخرة ,فإذا آمن أنها من عند الله ,فرضي بذلك ,هدى الله قلبه ,فاطمأن ولم ينزعج عند المصائب , يرزقه الثبات عند ورودها , والقيام بموجب الصبر , فيحصل له بذلك ثواب عاجل ,مع ما يدخره الله له يوم الجزاء من الثواب .
كما قال تعالى (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)الزمر:10)
ـ ومن لم يلحظ قضاء الله وقدره , بل وقف مع مجرد الأسباب , أنه يخذل , ويكله الله إلى نفسه , وإذا وكل العبد إلى نفسه , فالنفس ليس عندها إلا الجزع والهلع.
ـ قوله تعالى (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) في مقام المصائب الخاص ,وأما ما يتعلق بها من حيث العموم اللفظي ,فإن الله أخبر خيره وشره ,وصدق إيمانه بما تقتضيه الإيمان من القيام بلوازمه وواجباته ,أن هذا السبب الذي قام به العبد أكبر سبب لهداية الله له في أحواله وأقواله ,وأفعاله وفي علمه وعمله.
وهذا أفضل جزاء يعطيه الله لأهل الإيمان ,كما قال تعالى في الأخبار :أن المؤمنين يثبتهم الله في الحياة الدنيا وفي الآخرة .
وأصل الثبات:
ثبات القلب وصبره ,ويقينه عند ورود كل فتنة فقال تعالى (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ)( إبراهيم :27)
فأهل الإيمان أهدى الناس قلوباّ ,وأثبتهم عند المزعجات والمقلقات ,وذلك لما معهم من الإيمان.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 350)
* وجوب طاعة الله وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام:
في قوله تعالى (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ * اللَّهُ لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)سورة التغابن (12ـ 13)
* قال ابن كثير :
وقوله تعالى(وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ أَمْرٌ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهُ ) فِيمَا شَرَعَ وَفِعْلُ مَا بِهِ أَمَرَ وَتَرْكُ مَا عَنْهُ نَهَى وَزَجَرَ.
ثُمَّ قَالَ تعالى( فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) أَيْ إِنْ نَكَلْتُمْ عَنِ الْعَمَلِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ مِنَ الْبَلَاغ , وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ مِنَ السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ.
ـ قَالَ الزُّهْرِيُّ: مِنَ اللَّهِ الرِّسَالَةُ وَعَلَى الرَّسُولِ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا أَنَّهُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لا إله غيره .
فقال تعالى( اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) فَالْأَوَّلُ خَبَرٌ عَنِ التَّوْحِيدِ وَمَعْنَاهُ مَعْنَى الطَّلَبِ أَيْ وَحِّدُوا الْإِلَهِيَّةَ لَهُ وَأَخْلِصُوهَا لَدَيْهِ وَتَوَكَّلُوا عَلَيْهِ.(تفسير ابن كثير 4/ 480ـ481)
* قال الشيخ محمد العثيمين:
أي: في امتثال أمرهما ,واجتناب نهيهما ,فإن طاعة الله وطاعة رسوله ,مدار السعادة ,وعنوان الفلاح
ـ قوله تعالى (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) أي عن طاعة الله وطاعة رسوله.
ـ قوله تعالى (فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) أي: يبلغكم ما أرسل به إليكم ,بلاغاّ يبين لكم ويتضح وتقوم عليكم به الحجة ,وليس بيده من هدايتكم ,ولا من حسابكم
ـ قوله تعالى(اللَّهُ لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ) أي: هو المستحق للعبادة والألوهية ,فكل معبود سواه فباطل .
ـ قوله تعالى (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) أي: فيلعتمدوا عليه في كل أمر نابهم ,وفيما يريدون القيام به ,فإنه لا يتيسر أمر من الأمور إلا بالله ,ولا سبيل إلى ذلك إلا بالاعتماد على الله ,ولا يتم الاعتماد على الله حتى يحسن العبد ظنه بربه ,ويثق به في كفايته الأمر الذي اعتمد عليه به
وبحسب إيمان العبد يكون توكله ,فكلما قوي الإيمان قوي التوكل.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 351)
2) الفوائد المستنبطة من الآيات.
* التحذير من عداوة الزوجات والأولاد:
في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)سورة التغابن (14ـ 15)
* قال ابن كثير :
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنِ الْأَزْوَاجِ وَالْأَوْلَادِ إِنَّ مِنْهُمْ مَنْ هُوَ عَدُوُّ الزَّوْجِ وَالْوَالِدِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُلْتَهَى بِهِ عن العمل الصالح.(تفسير ابن كثير 4/ 481)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
هذا تحذير من الله للمؤمنين من الاغترار بالأزواج والأولاد ,فإن بعضهم عدو لكم ,والعدو هو الذي يريد لك الشر , ووظيفتك الحذر ممن هذا وصفه والنفس مجبولة على محبة الأزواج والأولاد
فنصح تعالى عباده أن توجب لهم هذه المحبة الانقياد لمطالب الأزواج والأولاد ,ولو كان فيها ما فيها من المحذور الشرعي
ورغبهم في امتثال أوامره , وتقديم مرضاته بما عنده من الأجر العظيم المشتمل على المطالب العالية, وأن يؤثروا الآخرة على الدنيا الفانية
ولما كان النهي عن طاعة الأزواج والأولاد ,فيما هو ضرر على العبد , والتحذير من ذلك ,قد يوهم الغلظة عليهم وعقابهم .
أمر تعالى بالحذر منهم ,والصفح عنهم والعفو ,فإن في ذلك ,من المصالح مالا يمكن حصره
ـ قوله تعالى(وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)لان الجزاء من جنس العمل.
فمن عفا عفا الله عنه ,ومن صفح صفح الله عنه ,ومن غفر غفر الله له ,ومن عامل الله فيما يحب ,وعامل عباده كما يحبون وينفعهم ,نال محبة الله ومحبة عباده ,واتوثق له أمره.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 351)
3) القواعد الفقهية في الآيات .
* قاعدة (المشقة تجلب التيسير )
في قوله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)التغابن : 16
* قال الشيخ محمد العثيمين:
ـ قوله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) يأمر تعالى بتقواه ,التي هي امتثال أوامر واجتناب نواهيه ,ويقيد ذلك بالاستطاعة والقدرة .
فهذه الآية تدل على أن كل واجب عجز عنه العبد ,أنه يسقط عنه , وأنه إذا قدر على بعض المأمور ,وعجز عن بعضه ,فإنه يأتي بما يقدر عليه ,ويسقط عنه ما يعجز عنه.
كما قال النبي صل الله عليه وسلم :
(إذا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَائْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ) أخرجه البخاري في الاعتصام باب 2، ومسلم في الحج حديث 412، والنسائي في المناسك باب 1، وابن ماجة في المقدمة باب 1، وأحمد في المسند 2/ 247، 258، 314، 315، 355. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 351)
* الناسخ والمنسوخ في الآية:
* قال ابن كثير :
قال بعض المفسرين: إن هذه الآية ناسخة للتي في آل عمران
وهي قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )[آلِ عِمْرَانَ: 102]
* عن سعيد بن جبير :
لما نزلت هذه الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آلِ عِمْرَانَ: 102]
اشتد على القوم العمل فقاموا حتى ورمت عراقيبهم وتقرحت جباهم
فأنزل الله تعالى هذه الآية تخفيفاّ على المسلمين (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)التغابن :16
فنسخت الآية الأولى وروى عن أبي العالية وزيد بن أسلم وقتادة والربيع بن أنس والسدي ومقاتل بن حيان نحو ذلك .(تفسير ابن كثير 4/ 482)
4) الأحكام الشرعية في الآيات.
* وجوب الإنفاق في سبيل الله.
في قوله تعالى (وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ * عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)سورة التغابن (16ـ 18)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قوله تعالى (وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا) أي: اسمعوا ما يعظكم الله به, وما يشرعه لكم من الأحكام ,واعلموا ذلك وانقادوا له .
ـ قوله تعالى (وَأَطِيعُوا) الله ورسوله في جميع أموركم.
ـ قوله تعالى (وَأَنْفِقُوا) من النفقات الشرعية الواجبة والمستحبة ,يكن ذلك الفعل منكم خيراّ لكم في الدنيا والآخرة ,فإن الخير كله في امتثال أوامره الله تعالى وقبول نصائحه , والانقياد لشرعه , والشر كله في مخالفة ذلك .
ـ قوله تعالى (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ) فمن وقاه الله شر شح نفسه بأن سمحت نفسه بالإنفاق النافع لها.
ـ قوله تعالى (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) إن كانت النفس سمحة ,مطمئنة ,منشرحة لشرع الله ,طالبة لمرضاة الله ,فإنها ليس بينها وبين فعل ما كلفت إلا العلم به ووصول معرفته إليها ,والبصيرة بأنه مرض لله تعالى ,وبذلك تفلح وتنجح وتفوز كل الفوز.
ثم رغب تعالى في النفقة :
فقال تعالى (إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً) وهو كل نفقة كانت من الحلال إذا قصد بها العبد وجه الله تعالى وطلب رضاته ,ووضعها في موضعها.
ـ قوله تعالى (يُضاعِفْهُ لَكُمْ) النفقة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة .
ـ قوله تعالى (وَيَغْفِرْ لَكُمْ ) بسبب الإنفاق والصدقة يفغر ذنوبكم ,فإن الذنوب يكفرها الله بالصدقات والحسنات .
ـ قوله تعالى (وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ) يقبل من عباده اليسير من العمل ,ويجازيه عليه الكثير من الأجر ,ويشكر تعالى لمن تحمل من أجله المشاق والأثقال ,ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيراّ منه .
ـ قوله تعالى (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ)أي: غاب عن العباد من الجنود التي لا يعلمها إلا هو ,وما يشاهدونه من المخلوقات
ـ قوله تعالى (الْعَزِيزُ) الذي لا يغالب ولا يمانع ,الذي قهر كل الأشياء
ـ قوله تعالى (الْحَكِيمُ) في خلقه وأمره الذي يضع الأشياء مواضعها .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 352)
تم بحمد الله تفسير سورة التغابن
صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق