جزء قَدْ سَمِعَ (سورة الطلاق (1)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً * فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً * وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً * ذلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً)سورة الطلاق (1ـ 5)
1) الأحكام الشرعية في الآيات.
* أحكام الطلاق:
في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً * فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) سورة الطلاق (1ـ 2)
* قال ابن كثير :
ـ قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ ) خُوطِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلًا تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا ثُمَّ خاطب الأمة تبعا.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ:
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عَقِيلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي سَالِمٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَةً لَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَتَغَيَّظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ:
«لِيُرَاجِعْهَا ثُمَّ يُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ بها الله عز وجل»
«هكذا رواه البخاري هاهنا وَقَدْ رَوَاهُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ وَمُسْلِمٌ وَلَفْظُهُ
«فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ» وَرَوَاهُ أَصْحَابُ الْكُتُبِ وَالْمَسَانِيدِ من طرق متعددة وألفاظ كثيرة، وموضع استقصائها كتب الأحكام(أخرجه البخاري في الطلاق باب 1، 2، 3، 44، 45، وتفسير سورة 65، باب 1، والأحكام باب 13، ومسلم في الطلاق حديث 2، 3. وأبو داود في الطلاق باب 4، والنسائي في الطلاق باب 1، 3، وابن ماجة في الطلاق باب 1، 3، ومالك في الطلاق حديث 53، وأحمد في المسند 1/ 44، 2/ 26، 43، 51، 54، 58، 61، 63، 64، 74، 78، 79، 80، 128، 130، 146، 3/ 386.
ـ قوله تعالى(إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ) الطُّهْرُ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ.
ـ قوله تعالى (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ)
عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : لَا يُطَلِّقْهَا وَهِيَ حَائِضٌ وَلَا في طهر قد جامعها فيه، ولكن يتركها حَتَّى إِذَا حَاضَتْ وَطَهُرَتْ طَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ : الْعِدَّةُ الطُّهْرُ وَالْقُرْءُ الْحَيْضَةُ أَنْ يُطَلِّقَهَا حُبْلَى مُسْتَبِينًا حَمْلَهَا وَلَا يُطَلِّقَهَا، وَقَدْ طَافَ عَلَيْهَا وَلَا يَدْرِي حُبْلَى هِيَ أم لا؟
ومن هاهنا أَخَذَ الْفُقَهَاءُ أَحْكَامَ الطَّلَاقِ وَقَسَّمُوهُ :
إِلَى طَلَاقِ سُنَّةٍ وَطَلَاقِ بِدْعَةٍ،
فَطَلَاقُ السُّنَّةِ : أَنْ يُطَلِّقَهَا طاهرة مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ، أَوْ حَامِلًا قَدِ اسْتَبَانَ حملها،
طلاق البدعة: هُوَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي حَالِ الْحَيْضِ، أَوْ فِي طُهْرٍ قَدْ جَامَعَهَا فِيهِ وَلَا يَدْرِي أَحَمَلَتْ أَمْ لَا.(تفسير ابن كثير 4/ 483ـ484)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قوله تعالى (وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) أمر تعالى بإحصاء العدة ,أي: ضبطها بالحيض إن كانت تحيض , بالأشهر إن لم تكن تحيض ,وليست حاملا
فإن في إحصائها أداء لحق الله ,وحق الزوج المطلق ,وحق من سيتزوجها بعد, وحقها في النفقة ونحوها وهذا الأمر بإحصاء العدة يتوجه للزوج وللمرأة إن كانت مكلفة وإلا فلوليها .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 353)
ـ قوله تعالى (وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ) أي: في جميع أموركم وخافوه في حق الزوجات المطلقات.
ـ قوله تعالى(لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ) مدة العدة بل يلزمن بيوتهن الذي طلقها زوجها وهي فيها .
ـ قوله تعالى (وَلا يَخْرُجْنَ) أي: لا يجوز لهن الخروج منها ,أما النهي عن إخراجها ,فلأن المسكن, يجب على الزوج للزوجة ,لتكمل فيه عدتها التي هي حق من حقوقه.
وأما النهي من خروجها فلما في خروجها من إضاعة حق الزوج وعدم صونه ؟
ويستمر هذا النهي عن الخروج من البيوت ,والاخراج إلى تمام العدة . .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 353ـ 354)
* قال ابن كثير :
وقوله تعالى( إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ )
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ :
أَيْ لَا يَخْرُجْنَ مِنْ بُيُوتِهِنَّ إِلَّا أَنْ تَرْتَكِبَ الْمَرْأَةُ فَاحِشَةً مُبَيِّنَةً فَتَخْرُجَ مِنَ الْمَنْزِلِ وَالْفَاحِشَةُ الْمُبَيِّنَةُ تَشْمَلُ الزِّنَا.
قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَابْنُ عباس وعكرمة وغيرهم :
وَتَشْمَلُ مَا إِذَا نَشَزَتِ الْمَرْأَةُ أَوْ بَذَتْ عَلَى أَهْلِ الرَّجُلِ وَآذَتْهُمْ فِي الْكَلَامِ وَالْفِعَالِ .(تفسير ابن كثير 4/484)
* قال الشيخ محمد العثيمين:
أي: بأمر قبيح واضح ,موجب لإخراجها ,بحيث يدخل على أهل البيت الضرر من عدم إخراجها , كالأذى بالأقوال والأفعال الفاحشة
ففي هذه الحال يجوز لهم إخراجها ,لأنها هي التي تسببت لإخراج نفسها ,ولإسكان فيه جبر لخاطرها ,ورفق بها ,فهي التي أدخلت الضرر على نفسها ,وهذا في المعتدة الرجعية.
وأما البائن ,فليس لها سكنى واجبة ,لأن السكن تبع للنفقة ,والنفقة تجب للرجعية دون البائن. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 354)
ـ قوله تعالى( وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ) أي: التي حددها لعباده وشرعها لهم ,وامرهم بلزومها والوقوف عليها.
ـ قوله تعالى (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ) بأن لم يقف معها ,بل تجاوزها أو قصر عنها
ـ قوله تعالى (فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) أي بخسها حظها ,وأضاع نصيبه من اتباع حدود الله التي هي الصلاح في الدنيا والآخرة .
ـ قوله تعالى (لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) أي شرع الله العدة وحدد الطلاق بها
لحكم عظيمة :
منها : أنه لعل الله يحدث في قلب المطلق الرحمة والمودة فيراجع من طلقها ,ويستأنف عشرتها فيتمكن ذلك مدة العدة ,أو لعله يطلقها لسبب منها فيزول ذلك السبب في مدة العدة فيراجعها لانتفاء سبب الطلاق.
منها: أنها مدة التربص يعلم براءة رحمها من زوجها .
ـ قوله تعالى (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ)
* قال ابن كثير :
فَإِذَا بَلَغَتِ الْمُعْتَدَّاتُ أَجَلَّهُنَّ أَيْ شَارَفْنَ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَقَارَبْنَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ لَمْ تَفْرُغِ الْعِدَّةُ بِالْكُلِّيَّةِ
فَحِينَئِذٍ :
ـ إِمَّا أَنْ يَعْزِمَ الزَّوْجُ عَلَى إِمْسَاكِهَا وَهُوَ رَجْعَتُهَا إِلَى عِصْمَةِ نِكَاحِهِ وَالِاسْتِمْرَارُ بِهَا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ عِنْدَهُ بِمَعْرُوفٍ أَيْ مُحْسِنًا إِلَيْهَا فِي صُحْبَتِهَا،
ـ وَإِمَّا أَنْ يَعْزِمَ عَلَى مُفَارَقَتِهَا بِمَعْرُوفٍ أَيْ مِنْ غَيْرِ مُقَابَحَةٍ وَلَا مُشَاتَمَةٍ وَلَا تَعْنِيفٍ بَلْ يُطَلِّقُهَا عَلَى وَجْهٍ جميل وسبيل حسن.(تفسير ابن كثير 4/485)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قوله تعالى(وَأَشْهِدُوا) على طلاقها ورجعتها .
ـ قوله تعالى(ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) أي: رجلين مسلمين عدلين ,لأن في الإشهاد المذكور ,سدًا لباب المخاصمة ,وكتمان كل منهما ما يلزمه بيانه .
ـ قوله تعالى (وَأَقِيمُوا) ايها الشهداء
ـ قوله تعالى (الشَّهادَةَ لِلَّهِ ) أي : ائتوا بها على وجهها , من غير زيادة ولا نقص ,وأقصدوا بإقامتها وجه الله وحده ولا ترعوا بها قريبا لقرابته ولا صاحبا لمحبته .
ـ قوله تعالى (ذلِكُمْ) الذي ذكرنا لكم من الأحكام والحدود.
ـ قوله تعالى (يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) فإن من يؤمن بالله ,واليوم الآخر ,يوجب له ذلك أن يتعظ بمواعظ الله , وأن يقدم لآخرته من الأعمال الصالحة.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 354)
2) مسائل العقيد في الآيات.
* ثمرات تقوى الله:
في قوله تعالى (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً)سورة الطلاق (3)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قوله تعالى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) وأن من اتقاه في الطلاق وغيره فإن الله يجعل له فرجا ومخرجا .
وإن العبرة بعموم اللفظ:
فكل من اتقى الله تعالى ,ولازم مرضاة الله في جميع أحواله ,فإن الله يثيبه في الدنيا والأخرة , ومن جملة ثوابه أن يجعل له فرجا ومخرجا من كل شدة ومشقة .
ـ قوله تعالى (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ) أي: يسوق الله الرزق للمتقي ,من وجه لا يحتسبه ولا يشعر به.
ـ قوله تعالى (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ) أي : في أمر دينه ودنياه بأن يعتمد على الله في جلب ما ينفعه ودفع ما يضره ,ويثق به في تسهيل ذلك .
ـ قوله تعالى (فَهُوَ حَسْبُهُ) أي: كافية الأمر الذي توكل عليه به ,
ـ قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ) أي: لابد من نفوذ قضائه وقدره ,
ـ قوله تعالى ( قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) أي : وقتاّ ومقداراّ لا يتعداه ولا يقصر عنه.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 354)
3) الاحكام الشرعية في الآيات.
* أقسام عدة المطلقة:
في قوله تعالى (وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) سورة الطلاق (4)
* قال ابن كثير :
يَقُولُ تَعَالَى مُبَيِّنًا لِعِدَّةِ الْآيِسَةِ، وَهِيَ الَّتِي انقطع عنها المحيض لِكِبَرِهَا، أَنَّهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ عِوَضًا عَنِ الثَّلَاثَةِ القروء فِي حَقِّ مَنْ تَحِيضُ
وَكَذَا الصِّغَارُ اللَّائِي لَمْ يَبْلُغْنَ سِنَّ الْحَيْضِ أَنَّ عِدَّتَهُنَّ كَعِدَّةِ الْآيِسَةِ ثلاثة أشهر.
ـ قوله تعالى( إِنِ ارْتَبْتُمْ)
فِيهِ قَوْلَانِ:
[أَحَدُهُمَا]
أَيْ إِنْ رَأَيْنَ دَمًا وَشَكَكْتُمْ فِي كَوْنِهِ حَيْضًا أَوِ اسْتِحَاضَةً وَارْتَبْتُمْ فِيهِ.
[وَالْقَوْلُ الثَّانِي]
إِنِ ارْتَبْتُمْ فِي حُكْمِ عِدَّتِهِنَّ وَلَمْ تَعْرِفُوهُ فهو ثلاثة أَشْهُرٍ.
ـ قوله تعالى(وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) وَمَنْ كَانَتْ حَامِلًا فَعِدَّتُهَا بِوَضْعِهِ، وَلَوْ كَانَ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَوِ الْمَوْتِ بِفُوَاقِ نَاقَةٍ فِي قَوْلِ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، كَمَا هُوَ نَصُّ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ وَكَمَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ.
قال البخاري:
حدثنا سعيد بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ جَالِسٌ فَقَالَ: أَفْتِنِي فِي امْرَأَةٍ وَلَدَتْ بَعْدَ زَوْجِهَا بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً،
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: آخِرُ الْأَجَلَيْنِ. قُلْتُ أَنَا وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِي- يَعْنِي أَبَا سَلَمَةَ- فَأَرْسَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ غُلَامَهُ كُرَيْبًا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ يَسْأَلُهَا فَقَالَتْ:
قُتِلَ زَوْجُ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ وَهِيَ حُبْلَى فَوَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَخُطِبَتْ فَأَنْكَحَهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ أَبُو السَّنَابِلِ فِيمَنْ خطبها « أخرجه البخاري في المغازي باب 10، وتفسير سورة 65، باب 2، ومسلم في الطلاق باب 56، وأبو داود في الطلاق باب 47، والترمذي في الطلاق باب 17، والنسائي في الطلاق باب 56، وابن ماجة في الطلاق باب 7، والدارمي في الطلاق باب 11.(تفسير ابن كثير 4/ 488ـ489)
4) مسائل العقيدة في الآيات.
* ثمرات تقوى الله تعالى:
في قوله تعالى (ومَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً * ذلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً)سورة الطلاق(4ـ5)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قوله تعالى (ومَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) أي: من اتقى الله تعالى ,يسر له الأمور ,وسهل عليه كل عسير .
ـ قوله تعالى (ذلِكَ) أي: الحكم الذي بينه الله لكم.
ـ قوله تعالى (أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ ) لتمشوا عليه , وتقوموا به وتعظموه.
ـ قوله تعالى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً) أي: يندفع عنه المحذور ,ويحصل له المطلوب. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 355)
صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق