الأحد، 8 نوفمبر 2020


جزء قَدْ سَمِعَ (سورة المنافقون )

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ ساءَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ * ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ * وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤوُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ * سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ * هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ * يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ *يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ)سورة المنافقون (1ـ 11)

                                

1) مسائل العقيدة في الآيات:

    * صفات المنافقين وأحوالهم .

في قوله تعالى ِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ ساءَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ * ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ * وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤوُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ * سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ )سورة المنافقون (1ـ11)

* قال ابن كثير :

يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنِ الْمُنَافِقِينَ إِنَّهُمْ إِنَّمَا يَتَفَوَّهُونَ بِالْإِسْلَامِ إِذَا جَاءُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّا فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ فَلَيْسُوا كَذَلِكَ بَلْ عَلَى الضِّدِّ مِنْ ذَلِكَ.(تفسير ابن كثير 4/471)

* قال محمد العثيمين:

لما قدم النبي صل الله عليه وسلم المدينة , وكثر المسلمون في المدينة واعتز الإسلام بها , صار أناس من أهلها من الأوس والخزرج , يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر , ليبقى جاههم , وتحقن دماؤهم , وتسلم أموالهم , فذكر الله من أوصافهم ما به يعرفون , لكي يحذر العباد منهم , ويكونوا منهم على بصيرة .

ـ قوله تعالى (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا) على وجه الكذب

ـ قوله تعالى (قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ) وهذه الشهادة من المنافقين على وجه الكذب والنفاق ,مع أنه لا حاجة لشهادتهم في تأييد رسوله .

فإن الله تعالى  (وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) في قولهم ودعواهم ,وأن ذلك ليس بحقيقة منهم.

ـ قوله تعالى(اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا) بأنفسهم ,وصدوا غيرهم ممن يخفى عليه حالهم. .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 343)

 * قال ابن كثير :

أَيِ اتَّقَوُا النَّاسَ بِالْأَيْمَانِ الْكَاذِبَةِ لِيُصَدَّقُوا فِيمَا يَقُولُونَ، فَاغْتَرَّ بِهِمْ مَنْ لَا يَعْرِفُ جَلِيَّةَ أَمْرِهِمْ، فَاعْتَقَدُوا أَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ، فَرُبَّمَا اقْتَدَى بِهِمْ فِيمَا يَفْعَلُونَ وَصَدَّقَهُمْ فِيمَا يَقُولُونَ، وَهُمْ مِنْ شَأْنِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الباطن لا يألون الإسلام وأهله خبالا، فَحَصَلَ بِهَذَا الْقَدْرِ ضَرَرٌ كَبِيرٌ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ.(تفسير ابن كثير 4/471)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قوله تعالى (إِنَّهُمْ ساءَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ) حيث أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر ,وأقسموا على ذلك وأوهموا صدقهم .

ـ قوله تعالى (ذلِكَ) الذي زين لهم النفاق   (بِ) سبب (أَنَّهُمْ) لا يثبتون على الإيمان.

 ـ قوله تعالى (آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ) بحيث لا يدخلها الخير أبداّ

ـ قوله تعالى (فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ) ما ينفعهم ,ولا يعون ما يعود بمصالحهم.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 343)

* قال ابن كثير :

أَيْ إِنَّمَا قُدِّرَ عَلَيْهِمُ النِّفَاقُ لِرُجُوعِهِمْ عَنِ الْإِيمَانِ إِلَى الْكُفْرَانِ، واستبدالهم الضلالة بالهدى، فطبع الله عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ. أَيْ فَلَا يَصِلُ إِلَى قُلُوبِهِمْ هُدًى وَلَا يَخْلُصُ إِلَيْهَا خير فلا تعي ولا تهتدي.(تفسير ابن كثير 4/ 471)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قوله تعالى (وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ) من روائها ونضارتها.

ـ قوله تعالى (وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ) أي: من حسن منطقهم تستلذ لاستماعه , فأجسامهم وأقوالهم معجبة , ولكن ليس وراء ذلك من الخلاق الفاضلة والهدى الصالح شيء.

ـ قوله تعالى ( كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) لا منفعة فيها , ولا ينال منها إلا الضرر المحض.

ولهذا قال تعالى( يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ) ذلك لجبنهم وفزعهم وضعف قلوبهم ,والريب الذي في قلوبهم يخافون أن يطلع عليهم .

ـ قوله تعالى (هُمُ الْعَدُوُّ) على الحقيقة ,لأن العدو البارز المتميز ,أهون من العدو الذي لا يشعر به ,وهو مخادع ماكر ,يزعم أنه ولي ,وهو العدو المبين.

ـ قوله تعالى (فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) أي: كيف يصرفون عن الدين الإسلامي بعد ما تبينت أدلته ,واتضحت معالمه ,إلى الكفر الذي لا يفيدهم إلا الخسار والشقاء.

ـ قوله تعالى (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ) لهؤلاء المنافقين

ـ قوله تعالى ( تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ) عما صدر منكم ,لتحسن أحوالكم ,وتقبل أعمالكم ,امتنعوا من ذلك أشد الامتناع

ـ قوله تعالى (لَوَّوْا رُؤوُسَهُمْ ) امتناعاّ من طلب الدعاء من الرسول

ـ قوله تعالى (وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ ) عن الحق بغضاّ له.

ـ قوله تعالى (وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) عن أتباعه بغياّ وعناداّ ,فهذه حالهم عندما يدعون إلى طلب الدعاء من الرسول ,وهذا من لطف وكرامته لرسوله ,حيث لم يأتوا إليه ,فيستغفر لهم , فإنه سواء استغفر لهم أم لم يستغفر لهم فلن يغفر الله لهم ,وذلك لأنهم قوم فاسقون ,خارجون عن طاعة الله ,مؤثرون للكفر على الإيمان ,فلذلك لا ينفع فيهم استغفار الرسول ,لو استغفر لهم

ـ قوله تعالى (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ)(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 345ـ346)

                             

* شدة عدواتهم للنبي عليه الصلاة والسلام والمسلمين :

في قوله تعالى (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ * يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) سورة المنافقين (7ـ 8)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

وهذا من شدة عدواتهم للنبي عليه الصلاة والسلام والمسلمين ,لما رأوا اجتماع أصحابه وائتلافهم ,ومسارعتهم في مرضاة الرسول صل الله عليه وسلم قالوا بزعمهم الفاسد

ـ قوله تعالى (لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا) فإنهم بزعمهم لولا أموال المنافقين ونفقاتهم عليهم ,لما اجتمعوا في نصرة دين الله ,وهذا من أعجب العجب أن يدعي هؤلاء المنافقون الذين هم أحرص الناس على خذلان الدين ,وأذية المسلمين ,مثل هذه الدعوى ,التي لا تروج إلا على من لا علم له بحقائق الأمور.

ولهذا قال الله رداّ لقولهم

قوله تعالى (وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فيؤتي الرزق من يشاء ,ويمنعه من يشاء وييسر الأسباب لمن يشاء , ويعسرها على من يشاء

ـ قوله تعالى (وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ) فلذلك قالوا تلك المقالة ,التي مضمونها أن خزائن الرزق في أيديهم ,وتحت مشيئتهم.

ـ قوله تعالى (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ)

وذلك في غزوة المريسيع حين صار بين بعض المهاجرين والأنصار ,بعض كلام كدر الخواطر , ظهر حينئذ نفاق المنافقين ,وأظهروا ما في نفوسهم .

وقال كبيرهم ,عبدالله بن أبي بن سلول : ما مثلنا ومثل هؤلاء يعني المهاجرين إلا كما قال القائل " غذ كلبك يأكلك"

وقال (لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ)

بزعمه أنه هو وإخوانه من المنافقين الأعزون ,وأن رسول الله ومن معه هم الأذلون , والأمر بعكس ما قال هذا المنافق .

ـ قوله تعالى (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) فهم الأعزاء والمنافقون والكفار هم الأذلاء .

ـ قوله تعالى (وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) فلذلك زعموا أنهم الأعزاء اغتراراّ بما هم عليه من الباطل.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 346)

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حدثنا عمر بْنُ دِينَارٍ، سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ:

كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ فَكَسَعَ « ضرب.» رَجُلٌ مِنَ المهاجرين رجلا من الأنصار:

فقال الأنصاري: يا للأنصار! وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ

فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ؟ دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ»

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بن أبي ابن سَلُولٍ: وَقَدْ فَعَلُوهَا، وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ،

 قَالَ جَابِرٌ: وَكَانَ الْأَنْصَارُ بِالْمَدِينَةِ أَكْثَرَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ حِينَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ كَثُرَ الْمُهَاجِرُونَ بَعْدَ ذَلِكَ

فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ

 فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

 «دَعْهُ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ» وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِ عن سفيان به نحوه. أخرجه البخاري في تفسير سورة 63، باب 5، وأحمد في المسند 3/ 392، 393.

                             

3) الأحكام الشرعية في الآيات:

  * الأمر بذكر الله ـ والإنفاق في سبيله.

في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ)سورة المنافقون (9ـ 11)

* قال ابن كثير :

قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ )

يَقُولُ تَعَالَى آمِرًا لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِكَثْرَةِ ذِكْرِهِ، وَنَاهِيًا لَهُمْ عَنْ أَنْ تَشْغَلَهُمُ الْأَمْوَالُ وَالْأَوْلَادُ عَنْ ذَلِكَ، وَمُخْبِرًا لَهُمْ بِأَنَّهُ مَنِ الْتَهَى بِمَتَاعِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا عَمَّا خُلِقَ لَهُ مِنْ طَاعَةِ رَبِّهِ وَذِكْرِهِ، فَإِنَّهُ مِنَ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ يَخْسَرُونَ أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.(تفسير ابن كثير 4/ 477)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قوله تعالى(وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْناكُمْ) يدخل في هذا النفقات الواجبة , من الزكاة والكفارات ,والنفقات المستحبات كبذل المال في جميع المصالح .

ـ قوله تعالى (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ) متحسراّ على ما فرط في وقت الإمكان سائلاّ الرجعة التي هي محال .

ـ قوله تعالى (رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) أي: لأتدارك ما فرطت فيه.

ـ قوله تعالى ( فَأَصَّدَّقَ ) من مالي ,ما به أنجو من العذاب ,وأستحق به جزيل الثواب.

ـ قوله تعالى (وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) بأداء المأمورات كلها ,واجتناب المنهيات.

ـ قوله تعالى (وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها) المحتوم لها

ـ قوله تعالى (وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) من خير وشر , فيجازيكم على ما علمه منكم من النيات والأعمال .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 346ـ347)

تم بحمد الله تفسير سورة المنافقون

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  جزء الرابع والعشرون سورة الزمر (3) قــال تـعــالـى ﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللَّهِ لَ...