الجمعة، 30 أبريل 2021


جزء الأحقاف سورة ق(3)

قــال تــعــالـى

(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ) وَقالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ * أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ * الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ * قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ * قالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ * مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ * يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ * وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ ما يَشاءُونَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ) سورة ق(20ـ 35)

                                                   

1) مسائل العقيدة في الآيات.

  * الإيمان باليوم الآخر:

 في قوله تعالى(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ)سورة ق( 20ـ 22)

 * قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قوله تعالى ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ﴾ النافخ في الصور هو ملك إسرافيل .

والنفخ في الصور نفختان:

1/ نفخة الصعق.

2/ نفخة البعث.

ـ قوله تعالى ﴿ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ﴾ يوم القيامة.

ـ قوله تعالى ﴿وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ﴾ كل نفس إنسان.

ـ قوله تعالى ﴿مَعَهَا سَائِقٌ﴾ يسوقها.

ـ قوله تعالى ﴿ وَشَهِيدٌ﴾ يشهد عليها بما عملت.

ـ قوله تعالى ﴿ لَقَدْ كُنْتَ﴾  أيها الإنسان.

 ـ قوله تعالى ﴿ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا ﴾ كنت غافلاً عن هذا اليوم ساهٍ في الدنيا.

ـ قوله تعالى ﴿ فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ ﴾ كشف الغطاء، واتضح كل شيء.

 ـ قوله تعالى ﴿ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾ قوي بعد أن كان في الدنيا أعمى غافل

لقوله تعالى(يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا )(سورة آل عمران:30)(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/167ـ168)

                          

 

   * شهادة الملائكة بأعمال بني آدم:

    في قوله تعالى ﴿ وَقالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ * أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ * الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ * قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ * قالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ * مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ)(سورة ق23ـ 29)

 * قال ابن كثير :

 يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنِ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِعَمَلِ ابْنِ آدَمَ أَنَّهُ يَشْهَدُ عليه يوم القيامة بما فعل.(تفسير ابن كثير 4/286)

* قال الشيخ عبدالرحمن السعدي:

ـ قوله تعالى ﴿ وَقَالَ قَرِينُهُ﴾ قرين هذا المكذب المعرض، من الملائكة، الذين وكلهم الله على حفظه، وحفظ أعماله، فيحضره يوم القيامة ويحضر أعماله.

ـ قوله تعالى ﴿هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ﴾ قد أحضرت ما جعلت عليه، من حفظه، وحفظ عمله، فيجازى بعمله.

ويقال لمن استحق النار:

ـ قوله تعالى ﴿أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ ﴾ أي: كثير الكفر والعناد لآيات الله، المكثر من المعاصي، المجترئ على المحارم والمآثم .(تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ 749)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

أختلف المفسرون في الف التثنية في قوله تعالى (أَلْقِيا

ـ قيل: لتكرار الفعل , كقول ألقي ألقي.

ـ قيل : يشمل كل قرين, فيكون﴿ وَقَالَ قَرِينُهُ﴾ الملكان الموكلان به.

ـ قوله تعالى ﴿كَفَّارٍ﴾ كافر قد تمكن الكفر في قلبه.

ـ قوله تعالى ﴿ عَنِيدٍ ﴾ معاند للحق، لا يقبل مهما عرض له الحق .

ـ قوله تعالى ﴿ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ ﴾ يمنع كل خير.

ـ قوله تعالى ﴿ مُعْتَدٍ ﴾ يعتدي على غيره.

ـ قوله تعالى ﴿ مُرِيبٍ ﴾ واقع في الريبة والشك والقلق، ويشكك غيره فيدخل في قلبه الريبة.

ـ قوله تعالى ﴿ الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ﴾ يعبد مع الله غيره.

ـ قوله تعالى ﴿ فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ﴾ وهو عذاب النار.

ـ قوله تعالى ﴿ قالَ قَرِينُهُ ﴾ هو يدعي أن قرينه هو الذي أطغاه وهو صده عن سبيل الله.

ـ قوله تعالى ﴿ رَبَّنا مَا أَطْغَيْتُهُ ﴾  ما أمرته أن يكذب، ولا أن يكون عنيداً، ولا أن يكون معتدياً، ولا أن يكون مشركاً مع الله أحداً، ما فعلت هذا .

ـ قوله تعالى ﴿ وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ ﴾ كان هذا الكافر في ضلال بعيد عن الحق

                       لدينا خصمان: الكفَّار العنيد ـ والقرين

فالكفَّار العنيد يدعي أن القرين هو الذي أغواه وأطغاه، والقرين ينكر ذلك .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/169ـ170)

* قال الشيخ عبدالرحمن السعدي:

                        قال الله تعالى مجيباً لاختصامهم

فيقول الله ﴿ قالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ ﴾ لا فائدة في اختصامكم عندي.

 ـ قوله تعالى ﴿ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ﴾  جاءتكم رسلي بالآيات البينات ,والحجج الواضحات فقامت عليكم حجتي ,وانقطعت حجتكم ,وقدمتم إليٌ بما أسلفتم من الأعمال التي  وجب جزاؤها.

ـ قوله تعالى ﴿ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ ﴾ لا يمكن أن يخالف ما قاله الله ,لأنه لا أصدق من الله قيلا.

ـ قوله تعالى ﴿ وَما أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ بل أجزيهم بما عملوا من خير وشر ,فلا يزاد في سيئاتهم ولا ينقص من حسناتهم.

لقوله تعالى ﴿ وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ سورة الكهف:49) (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ 749)

 

                          

 

2) الوعد والوعيد في الآيات :

   * الوعيد في الآيات:

في قوله تعالى ﴿يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾ سورة ق (30)

* الشيخ عبدالرحمن السعدي:

ـ قوله تعالى ﴿يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ﴾ وذلك من كثرة ما ألقي فيها.

ـ قوله تعالى ﴿وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾ لا تزال تطلب الزيادة، من المجرمين العاصين، غضبًا لربها.

 وقد وعدها الله ملأها:

كما قال تعالى ﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ سورة السجدة :13) (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ 749)

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

: « لا تَزَالُ جَهَنَّمُ يَلْقَى فِيهَا وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مزيد؟ حتى يضع رب العزة قدمه فيها فَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فَتَقُولُ: قَطُّ قَطُّ) أخرجه البخاري، كتاب الأيمان والنذور، باب الحلف بعزة الله وصفاته وكلماته (6661) ومسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء (2848)

                           

* الوعد في الآيات:

في قوله تعالى (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ ما يَشاءُونَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ)سورة ق(31ـ 35)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قوله تعالى ﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ ﴾ قربت للمتقين مكاناً غير بعيد .

ـ قوله تعالى ﴿ هَذَا ﴾ ما تشاهدون من قرب الجنة.

ـ قوله تعالى ﴿ مَا تُوعَدُونَ ﴾  الذي توعدون.

ـ قوله تعالى ﴿ لِكُلِّ أَوَّابٍ ﴾  أي رجاع إليه.

ـ قوله تعالى ﴿ حَفِيظٍ ﴾ حفيظ لما أمره الله به.

ـ قوله تعالى ﴿ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ ﴾  خافه عن علم وبصيرة، لأن الخشية لا تكون إلا بعلم.

ـ قوله تعالى ﴿ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ﴾ جاء يوم القيامة بقلب منيب يعني رجاع إلى الله

ـ قوله تعالى ﴿ ادْخُلُوها بِسَلامٍ ﴾  هذا أمر إكرام.

ـ قوله تعالى ﴿بسلام﴾  دخولاً مصحوباً بسلام، سلام من كل آفة، فأصحاب الجنة سالمون من الأمراض، وسالمون من الهرم، وسالمون من الموت، وسالمون من الغل، وسالمون من الحسد، وسالمون من كل شيء.

ـ قوله تعالى ﴿ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ﴾ الذي لا زوال ولا موت . (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ 750)

ـ قوله تعالى ﴿ لَهُمْ ما يَشاءُونَ ﴾  أي لهؤلاء المتقين ما يشاءون.

ـ قوله تعالى ﴿ فِيها ﴾  في الجنة

ـ قوله تعالى ﴿ وَلَدَيْنا مَزِيدٌ ﴾ يعني نعطيهم فوق ما يشتهون ويتمنون. ومن الزيادة النظر إلى وجه الله عز وجل

ولهذا استدل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وغيره من أهل العلم بهذه الآية على إثبات رؤية الله عز وجل.

كقوله تعالى (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ )سورة يونس (26)(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 171ـ172)

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين

الاثنين، 26 أبريل 2021


جزء الأحقاف سورة ق (2)

قــال تــعــالــى

(أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ * وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ * وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ )سورة ق(15ـ19)

                                                 

1) مسائل العقيدة في الآيات.

   * الرد على منكري البعث:

في قوله تعالى ﴿أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ سورة ق (15)

* قال ابن كثير :

أَنَّ ابْتِدَاءَ الْخَلْقِ لَمْ يُعْجِزْنَا وَالْإِعَادَةُ أَسْهَلُ منه.(تفسير ابن كثير 4/283)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قوله تعالى ﴿ أَفَعَيِينا ﴾ الاستفهام هنا للنفي، وعيينا هنا بمعنى تعبنا.

ـ قوله تعالى ﴿ بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ ابتداء الخلائق

ـ هل نحن عجزنا عن ابتداء الخلائق حتى نعجز عن إعادة الخلائق؟!

من المعلوم أن الجواب: لا.

كما قال تعالى{ وَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ }سورة الأحقاف (33) . أي لم يتعب بذلك.

ـ قوله تعالى ﴿ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ فإن إعادة الخلق أهون من ابتدائه.

(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين10/ 163)

                          

* سعة علم الله تعالى:

في قوله تعالى ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ سورة ق(16)

* قال ابن كثير :

يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ قُدْرَتِهِ عَلَى الْإِنْسَانِ بِأَنَّهُ خالقه وعلمه مُحِيطٌ بِجَمِيعِ أُمُورِهِ، حَتَّى إِنَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نُفُوسُ بَنِي آدَمَ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ.(تفسير ابن كثير 4/283)

وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ

«إِنَّ اللَّهَ تعالى تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَقُلْ أَوْ تعمل» « أخرجه البخاري في الأيمان باب 15، ومسلم في الأيمان حديث 201، 202، وأبو داود في الطلاق باب 15، والترمذي في الطلاق باب 8، والنسائي في الطلاق باب 22، وابن ماجة في الطلاق باب 14، 16، وأحمد في المسند 2/ 398، 425، 474، 481، 491.

* قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قوله تعالى ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ ﴾ ابتدأنا خلقه وأوجدناه وجعلنا له عقلاً وسمعاً وبصراً وتفكيراً وحديثاً للنفس.

ـ قوله تعالى ﴿ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ﴾ ما تحدثه به نفسه، دون أن ينطق. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 164)

 

                          

2) الأمثال القرآنية في الآيات:

  * مثل قرب الملائكة للإنسان بالحبل الوريد:

في قوله تعالى ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ سورة ق (16)

* قال الشيخ محمد العثيمين :

حبل الوريد : الأوداج، وهما العرقان العظيمان المحيطان بالحلقوم، يسمى الوريد، ويسمى الودج، وجمعه أوداج

ويضرب المثل بهما في القرب، أقرب شيء إلى قلبك هو حبل الوريد، هذا أقرب إلى المخ, فملائكة أقرب إلى الإنسان من حبل وريده.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/164)

 

                          

3) مسائل العقيدة في الآيات:

    * كتابة الملائكة أقوال بني آدم:

في قوله تعالى﴿ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ  * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ سورة ق(17ـ18)

* قال ابن كثير :

ـ قوله تعالى ﴿إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ﴾ يعني الملكين الذين يَكْتُبَانِ عَمَلَ الْإِنْسَانِ.

ـ قوله تعالى ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ﴾ مُتَرَصِّدٌ.

ـ قوله تعالى ﴿مَا يَلْفِظُ ﴾ ابْنُ آدَمَ.

 ـ قوله تعالى ﴿مِنْ قَوْلٍ﴾ مَا يَتَكَلَّمُ بِكَلِمَةٍ

ـ قوله تعالى ﴿إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ إِلَّا وَلَهَا مَنْ يُرَاقِبُهَا مُعْتَدٍ لِذَلِكَ يَكْتُبُهَا لَا يَتْرُكُ كَلِمَةً وَلَا حَرَكَةً

وَوَكَلَ بِكَ مَلَكَانِ كَرِيمَانِ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِكَ وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِكَ، فَأَمَّا الَّذِي عَنْ يَمِينِكَ فَيَحْفَظُ حَسَنَاتِكَ، وَأَمَّا الَّذِي عَنْ يَسَارِكَ فَيَحْفَظُ سَيِّئَاتِكَ، فَاعْمَلْ مَا شِئْتَ أَقْلِلْ أَوْ أَكْثِرْ حَتَّى إِذَا مِتَّ طُوِيَتْ صَحِيفَتُكَ وَجُعِلَتْ فِي عُنُقِكَ مَعَكَ فِي قَبْرِكَ حَتَّى تَخْرُجَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

يقول تعالى( وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً ).(تفسير ابن كثير 4/284)

مسالة : هل كل لفظ يكتب أما الحسنات والسيئات فقط؟

ـ يقول الشيخ محمد العثيمين:

وظاهر الآية الكريمة أن القول مهما كان يكتب، سواء كان خيراً أم شرًّا، أم لغواً يكتب، لكن يحاسب على ما كان خيراً أو شرًّا

والمَلَكين لا يتركان شيئاً، مما يدل على كمال عنايتهما بما ينطق به الإنسان، وبناءً على ذلك يجب علينا أن نحترز من أقوال اللسان، فكم زلة لسانية أوجبت الهلاك؟

ففي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه –

في الرجل الذي قال: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله:

 «من ذا الذي يتألَّى عليَّ أن لا أغفر لفلان، قد غفرت له وأحبطت عملك» ( أخرجه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب النهي عن تقنيط الإنسان من رحمة الله تعالى (2621) .

ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام:

«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت» (أخرجه البخاري، كتاب الأدب، باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره (6018، 6019) ومسلم، كتاب الإيمان، باب الحث على إكرام الجار والضيف ولزوم الصمت (47) .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/165ـ166)

 

 

                          


   * الإيمان باليوم الآخر (الموت )

في قوله تعالى ﴿وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ  سورة ق(19)

* قال الشيخ عبدالرحمن السعدي:

ـ قوله تعالى ﴿وَجَاءَتْ﴾ هذا الغافل المكذب بآيات الله

ـ قوله تعالى ﴿سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ﴾ الذي لا مرد له ولا مناص،

ـ قوله تعالى ﴿ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴾ تتأخر وتنكص  عنه.(تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ748)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

والموت حق بحق اليقين، فإن الإنسان عند الموت يشاهد ما تُوُعِّد به، وما وُعِدَ به؛ لأنه إن كان مؤمناً بُشِّر بالجنة، وإن كان كافراً بُشِّر بالنار

ففي الآية التحذير من التهاون بالأعمال الصالحة، والتكاسل عن التوبة، وأن الإنسان يجب أن يبادر، لأنه لا يدري متى يأتيه الموت.

كما جاء في الحديث:

«الموت حق، والجنة حق، والنار حق» (أخرجه البخاري، كتاب التهجد، باب التهجد بالليل (1120) ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه (769) .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/166ـ 167)

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين

  جزء الرابع والعشرون سورة الزمر (3) قــال تـعــالـى ﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللَّهِ لَ...