الأحد، 1 أغسطس 2021

 

جزء الخامس والعشرون سورة الجاثية (3)

                       قــال تــعــالـى

﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ * وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * هَذَا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ * وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ * وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلاَّ ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ *  وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ مَا عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ مَا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ * وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ * ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللَّهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْها وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ * فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ * وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ سورة الجاثية (27ـ37)



1) مسائل العقيدة في الآيات.

     * سعة ملك الله وانفراده بالتصرف والتدبير:

لقوله تعالى ﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ ﴾ سورة الجاثية :27)

* قال ابن كثير :

يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ مالك السموات والأرض والحاكم فيهما في الدنيا والآخرة، ويَوْمَ الْقِيَامَةِ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ وَهُمُ الْكَافِرُونَ بِاللَّهِ الْجَاحِدُونَ بِمَا أَنْزَلَهُ عَلَى رُسُلِهِ مِنَ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ وَالدَّلَائِلِ الْوَاضِحَاتِ.(تفسير ابن كثير 4/ 191)

* قال الشيخ عبدالرحمن السعدي:

ـ قوله تعالى ﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ﴾  يخبر تعالى عن سعة ملكه وانفراده بالتصرف والتدبير في جميع الأوقات .

ـ قوله تعالى ﴿ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ ﴾ اليوم الذي تستبين به الحقائق.

ـ قوله تعالى ﴿ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ ﴾ كانت أعمالهم باطلة لأنها متعلقة بالباطل فبطلت في يوم القيامة. (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ723)


                          


* الإيمان باليوم الآخر(وصف شدة يوم القيامة )

لقوله تعالى ﴿وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * هَذَا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ سورة الجاثية (28ـ29)

* قال الشيخ عبدالرحمن السعدي:

ثم وصف تعالى شدة يوم القيامة وهوله ليحذره العباد ويستعد له.

ـ قوله تعالى ﴿وَتَرَى﴾ أيها الرائي لذلك اليوم.

ـ قوله تعالى  ﴿كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً﴾ على ركبها خوفا وذعرا وانتظارا لحكم الملك الرحمن.

ـ قوله تعالى ﴿ كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا﴾

ـ قيل :إلى شريعة نبيهم الذي جاءهم من عند الله، كل أمة تدعى إلى شرعها الذي كلفت به.

ـ وقيل :إلى كتاب أعمالها وما سطر عليها من خير وشر وأن كل أحد يجازى بما عمله بنفسه

ويحتمل أن المعنيين كليهما مراد من الآية . (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ723)

* قال ابن كثير :

ـ قوله تعالى ﴿ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ تُجَازَوْنَ بأعمالكم خيرها وشرها.

 ـ قوله تعالى ﴿ َهذَا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ﴾ يَسْتَحْضِرُ جَمِيعَ أَعْمَالِكُمْ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ.

لقوله تعالى ﴿ وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ، وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنا مالِ هذَا الْكِتابِ لَا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً﴾ سورة الكهف :49) (تفسير ابن كثير 4/ 192)


                           


2) الوعد والوعيد في الآيات.

      * الوعد في الآية:

لقوله تعالى ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ﴾ سورة الجاثية :30)

* قال ابن كثير :

يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ حكمه في خلقه يوم القيامة . (تفسير ابن كثير 4/ 192)

* قال الشيخ عبدالرحمن السعدي:

ـ قوله تعالى ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ إيمانا صحيحا وصدقوا إيمانهم بالأعمال الصالحة من واجبات ومستحبات.

ـ قوله تعالى ﴿فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ﴾ التي محلها الجنة وما فيها من النعيم المقيم والعيش السليم.

ـ قوله تعالى ﴿ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ﴾ المفاز والنجاة والربح والفلاح الواضح البين الذي إذا حصل للعبد حصل له كل خير واندفع عنه كل شر. (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ723)


                           


* الوعيد في الآية:

 لقوله تعالى ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ * وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلاَّ ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ * وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ مَا عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ مَا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ * وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ * ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللَّهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْها وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ﴾ سورة الجاثية (31ـ 35)

* قال ابن كثير :

ـ قوله تعالى ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ ﴾ يُقَالُ لَهُمْ ذَلِكَ تَقْرِيعًا وتوبيخا، أما قرئت عليكم آيات الله تعالى فاستكبرتم عن اتباعها، وأعرضتم عن سماعها.

 ـ قوله تعالى ﴿وكنتم قوما مجرمين   فِي أَفْعَالِكُمْ مَعَ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ مِنَ التَّكْذِيبِ؟

ـ قوله تعالى ﴿وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيها ﴾ إِذَا قَالَ لَكُمُ الْمُؤْمِنُونَ ذَلِكَ .

ـ قوله تعالى ﴿قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ﴾ لَا نَعْرِفُهَا.

ـ قوله تعالى ﴿ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا ﴾  إِنْ نَتَوَهَّمُ وُقُوعَهَا .

ـ قوله تعالى ﴿ وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ﴾ بِمُتَحَقِّقِينَ. (تفسير ابن كثير 4/192ـ193)

* قال الشيخ عبدالرحمن السعدي:

ـ قوله تعالى ﴿وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا﴾ وظهر لهم يوم القيامة عقوبات أعمالهم.

ـ قوله تعالى ﴿وَحَاقَ بِهِمْ﴾ أي: نزل .

ـ قوله تعالى ﴿مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ ﴾ العذاب الذي كانوا في الدنيا يستهزؤون به وبوقوعه وبمن جاء به.

ـ قوله تعالى ﴿وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ﴾ نترككم في العذاب.

ـ قوله تعالى ﴿كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا﴾ فإن الجزاء من جنس العمل .

ـ قوله تعالى ﴿وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ﴾ هي مقركم ومصيركم.

ـ قوله تعالى ﴿وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾ ينصرونكم من عذاب الله ويدفعون عنكم عقابه. (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ723)

*قال ابن كثير :

ـ قوله تعالى ﴿ ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللَّهِ هُزُواً﴾ إِنَّمَا جَازَيْنَاكُمْ هَذَا الْجَزَاءَ لِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ حُجَجَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ سُخْرِيًّا تسخرون وتستهزؤون بِهَا. (تفسير ابن كثير 4/ 193)

* قال الشيخ عبدالرحمن السعدي:

ـ قوله تعالى ﴿وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾ بزخارفها ولذاتها وشهواتها فاطمأننتم إليها، وعملتم لها وتركتم العمل للدار الباقية.

ـ قوله تعالى ﴿ فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ﴾ ولا يمهلون ولا يردون إلى الدنيا ليعملوا صالحا. (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ723)


                           


3) مسائل العقيدة في الآيات.

 * الله له الحمد والكبرياء سبحانه:

لقوله تعالى ﴿  فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ * وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ سورة الجاثية (36ـ37)

* قال ابن كثير :

لما ذكر تعالى حُكْمَهُ فِي الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ، قال (فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ) أَيِ الْمَالِكِ لَهُمَا وَمَا فِيهِمَا. (تفسير ابن كثير 4/ 193)

*قال الشيخ عبدالرحمن السعدي:

ـ قوله تعالى ﴿فَلِلَّهِ الْحَمْدُ﴾ كما ينبغي لجلاله وعظيم سلطانه.

ـ قوله تعالى ﴿رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ له الحمد على ربوبيته لسائر الخلائق حيث خلقهم ورباهم وأنعم عليهم بالنعم الظاهرة والباطنة.

ـ قوله تعالى ﴿وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾  له الجلال والعظمة والمجد.

ـ فالحمد فيه الثناء على الله بصفات الكمال ومحبته تعالى وإكرامه.

 ـ والكبرياء فيها عظمته وجلاله والعبادة مبنية على ركنين، محبة الله والذل له، وهما ناشئان عن العلم بمحامد الله وجلاله وكبريائه.

ـ قوله تعالى ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ القاهر لكل شيء.

ـ قوله تعالى ﴿الْحَكِيمُ﴾ الذي يضع الأشياء مواضعها، فلا يشرع ما يشرعه إلا لحكمة ومصلحة ولا يخلق ما يخلقه إلا لفائدة ومنفعة. (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان الشيخ عبدالرحمن السعدي صــ723ـ724)

تم بحمد الله تفسير سورة الجاثية

وبهذا أنتهى تفسير (جزء الخامس والعشرون)

نسأل الله أن ينفعنا بما علمنا وأن يجعله خالصا لوجه الكريم.

وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  جزء الرابع والعشرون سورة الزمر (3) قــال تـعــالـى ﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللَّهِ لَ...