الجمعة، 30 أكتوبر 2020


جزء قَدْ سَمِعَ (سورة الممتحنة (1)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ * إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ * لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * رَبَّنا لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) سورة الممتحنة (1ـ 6)

                                                     

1) سبب نزول الآيات.

  * نزلت في حاطب بن أبي بلتعة:

 * قال ابن كثير:

كَانَ سَبَبُ نُزُولِ صَدْرِ هَذِهِ السُّورَةِ الْكَرِيمَةِ قِصَّةَ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَة. وَذَلِكَ أَنَّ حَاطِبًا هَذَا كَانَ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ أَيْضًا، وَكَانَ لَهُ بِمَكَّةَ أَوْلَادٌ وَمَالٌ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ قُرَيْشٍ أَنْفُسِهِمْ، بَلْ كَانَ حَلِيفًا لِعُثْمَانَ، فَلَمَّا عَزْمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَتْحِ مَكَّةَ لَمَّا نَقَضَ أَهْلُهَا الْعَهْدَ

فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ بِالتَّجْهِيزِ لِغَزْوِهِمْ وَقَالَ «اللَّهُمَّ عَمِّ عَلَيْهِمْ خَبَرَنَا»

فَعَمَدَ حَاطِبٌ هَذَا فَكَتَبَ كِتَابًا وَبَعَثَهُ مَعَ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ، يُعْلِمُهُمْ بِمَا عَزَمَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوِهِمْ، لِيَتَّخِذَ بِذَلِكَ عِنْدَهُمْ يدا فأطلع الله تعالى على ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِجَابَةً لِدُعَائِهِ،

 فَبَعَثَ فِي أَثَرِ الْمَرْأَةِ فَأَخَذَ الْكِتَابَ مِنْهَا، وَهَذَا بَيِّنٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ  :

 حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٌو، أَخْبَرَنِي حَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ وَقَالَ مُرَّةُ إِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي رَافِعٍ أَخْبَرَهُ

أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ فَقَالَ «انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ «*»

فإن بها ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ فَخُذُوهُ مِنْهَا، فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى أَتَيْنَا الرَّوْضَةَ، فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ «*»

قُلْنَا أَخْرِجِي الْكِتَابَ، قَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ، قُلْنَا لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ، قَالَ: فَأَخْرَجَتِ الْكِتَابَ مِنْ عِقَاصِهَا «*» ،

فَأَخَذْنَا الْكِتَابَ فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا فِيهِ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بلتعة إلى أناس مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ، يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)(المسند 1/ 79، 80).

* روضة خاخ: موضع على اثني عشر ميلا من المدينة.

* الظعينة: المرأة.

* العقاص: الذوائب المضفورة.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

«يَا حَاطِبُ مَا هَذَا؟»

قَالَ: لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ ولم أكن من أنفسهم، وكان من كان مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ أَهْلِيهِمْ بِمَكَّةَ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ، أَنْ أَتَّخِذَ فِيهِمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي، وَمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ كُفْرًا وَلَا ارْتِدَادًا عَنْ دِينِي وَلَا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«إِنَّهُ صَدَقَكُمْ» .

فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ،

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: «اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» «أخرجه البخاري في المغازي باب 9، 46، وتفسير سورة 60، باب 1، ومسلم في فضائل الصحابة حديث 161، وأبو داود في الجهاد باب 98، والترمذي في تفسير سورة 60، باب 1، والدارمي في الرقاق باب 48.(تفسير ابن كثير 4/ 440ـ441)

                          

2) مسائل العقيدة في الآيات:

* النهي عن موالاة الكفار المحاربين لله والرسول عليه الصلاة والسلام:

في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ * إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ * لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)(سورة الممتحنة (1ـ 3)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

وهذه الآيات فيها النهي الشديد عن موالاة الكفار من المشركين وغيرهم ,وإلقاء المودة إليهم ,وأن ذلك مناف للإيمان

ـ قوله تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) اعملوا بمقتضى إيمانكم , من ولاية من قام بالإيمان ,ومعاداة من عاداه .

ـ قوله تعالى (لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ) فإنه عدو لله وعدو للمؤمنين فلا تتخذوا عدو الله أَوْلِياءَ.

 ـ قوله تعالى (تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) أي: تسارعون في مودتهم وفي السعي بأسبابها , فإن المودة إذا حصلت , تبعتها النصرة والموالاة فخرج العبد من الإيمان ,وصار من جملة أهل الكفران وانفصل عن أهل الإيمان , وهذا المتخذ للكافر ولياّ ,عادم المروءة أيضا ,فإنه كيف يوالي أعدى أعدائه الذي لا يريد له إلا الشر , ويخالف ربه ووليه الذي يريد به الخير ؟!

ـ قوله تعالى(وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ) ومما يدعو المؤمن أيضاّ إلى معاداة الكفار ,أنهم قد كفروا بما جاء المؤمنين من الحق , ولا أعظم من هذه المخالفة والمشاقة ,فإنهم قد كفروا بأصل دينكم ,وزعموا أنكم ضلال على غير هدى .

والحال أنهم كفروا بالحق الذي لا شك فيه ولا مرية.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 333)

* قال ابن كثير :

ـ قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ)

يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ وَالْكُفَّارَ الَّذِينَ هُمْ مُحَارِبُونَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ شَرَعَ اللَّهُ عَدَاوَتَهُمْ وَمُصَارَمَتَهُمْ وَنَهَى أَنْ يُتَّخَذُوا أَوْلِيَاءَ وَأَصْدِقَاءَ وَأَخِلَّاءَ.

ـ قوله تعالى (لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) [آلِ عِمْرَانَ: 28]

 وَلِهَذَا قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُذْرَ حَاطِبٍ، لما ذَكَرَ أَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ مُصَانَعَةً لِقُرَيْشٍ لِأَجْلِ مَا كَانَ لَهُ عِنْدَهُمْ مِنَ الْأَمْوَالِ والأولاد.

ـ قوله تعالى (يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ) هَذَا مَعَ مَا قَبْلَهُ مِنَ التَّهْيِيجِ عَلَى عَدَاوَتِهِمْ وَعَدَمِ مُوَالَاتِهِمْ لِأَنَّهُمْ أَخْرَجُوا الرَّسُولَ وَأَصْحَابَهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ كَرَاهَةً لِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَإِخْلَاصِ الْعِبَادَةِ لله وحد.(تفسير ابن كثير 4/ 443ـ 444)

* قال الشيخ محمد العثيمين :

ـ قوله تعالى(أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ ) إلا أنكم تؤمنون بالله ربكم الذي يتعين على الخلق كلهم القيام بعبوديته ,لأنه رباهم ,وأنعم عليهم , بالنعم الظاهرة والباطنة وهو الله تعالى .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 334)

ـ قوله تعالى (تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ) أي: كيف تسرون المودة للكافرين وتخونها ,مع علمكم أن الله عالم بما تخفون وما تعلنون ؟!

فهو وإن خفي على المؤمنين ,فلا يخفى على الله تعالى ,وسيجازي العباد بما يعلمه منهم من الخير والشر .

ـ قوله تعالى (وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ) أي: موالاة الكافرين بعد ما حذركم الله منها .

 ـ قوله تعالى (فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) لأنه سلك مسلكاّ مخالفاّ للشرع وللعقل والمروءة الإنسانية .

ثم بين تعالى شدة عداوتهم ,تهييجا للمؤمنين على عدواتهم

 ـ قوله تعالى (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ) أي يجدوكم ,وتسنح لهم الفرصة في أذاكم

 ـ قوله تعالى (يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً ) ظاهرين

ـ قوله تعالى (وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ) بالقتل والضرب ,ونحو ذلك.

ـ قوله تعالى (وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ) أي: بالقول الذي يسوء ,ومن شتم وغيره.

 ـ قوله تعالى (وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) فإن هذا غاية ما يريدون منكم .

ـ قوله تعالى (لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ) فإن احتججتم وقلتم : نوالي الكفار لأجل القرابة والأموال ,فلن تغني عنكم أموالكم ولا أولادكم من الله شيئاّ.

 ـ قوله تعالى (وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فلذلك حذركم من موالاة الكافرين الذين تضركم موالاتهم.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 334)

 

                                                       

 

3) القصص القرآنية :

* الاقتداء بنبينا إبراهيم عليه السلام  :

في قوله تعالى (قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * رَبَّنا لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)سورة الممتحنة (4ـ 6)

* قال الشيخ محمد العثيمين :

ـ قوله تعالى ( قَدْ كانَتْ لَكُمْ) قد كان لكم يا معشر المؤمنين.

ـ قوله تعالى ( أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) أي: قدوة صالحة وائتمام ينفعكم.

ـ قوله تعالى (فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ) من المؤمنين ,لأنكم قد أمرتم أن تتبعوا ملة إبراهيم حنيفا.

ـ قوله تعالى (إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ)  إذ تبرأ إبراهيم عليه السلام ومن معه من المؤمنين ,من قومهم المشركين ومما يعبدون من دون الله, ثم صرحوا بعداوتهم غاية التصريح فقالوا

ـ قوله تعالى (اللَّهِ كَفَرْنا بِكُمْ)  أي: ظهر وبان

ـ قوله تعالى (وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ) أي: البغض بالقلوب ,وزوال مودتها ,والعداوة بالأبدان ,وليس لتلك العداوة والبغضاء وقت ولا حد ,بل ذلك .

ـ قوله تعالى (أَبَداً) ما دمتم مستمرين على كفركم.

ـ قوله تعالى (حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) أي: فإذا آمنتم بالله وحده ,زالت العداوة والبغضاء ,وانقلبت مودة وولاية ,فلكم أيها المؤمنون أسوة حسنة في إبراهيم ومن معه في القيام بالإيمان والتوحيد ,والقيام بلوازم ذلك ومقتضياته ,وفي كل شيء تعبدوا به لله وحده .

ـ قوله تعالى (إِلاَّ قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ)

ـ قوله تعالى (إِلاَّ) في خصلة واحدة وهي

ـ قوله تعالى (قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ) آزر المشرك ,الكافر ,المعاند ,حين دعاه إلى الإيمان والتوحيد.

فامتنع , فقال إبراهيم :

ـ قوله تعالى (لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) والحال أني لا.

ـ قوله تعالى (وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ) لكني أدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا ,فليس لكم أن تقتدوا بإبراهيم في هذه الحالة التي دعا بها للمشرك

فليس لكم أن تدعوا للمشركين ,وتقولوا :إنا في ذلك متبعون لملة إبراهيم ,فإن الله ذكر عذر إبراهيم في ذلك

ـ قوله تعالى (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) [التَّوْبَةِ: 113- 114](التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 334ـ 335)

* قال ابن كثير:

ـ قوله تعالى (إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) أَيْ لَكُمْ فِي إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمِهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ تَتَأَسَّوْنَ بِهَا إِلَّا فِي اسْتِغْفَارِ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا كَانَ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الْمُؤْمِنِينَ كَانُوا يَدْعُونَ لِآبَائِهِمُ الَّذِينَ مَاتُوا عَلَى الشِّرْكِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُمْ وَيَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ يَسْتَغْفِرُ لِأَبِيهِ،

فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (مَا كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ [التَّوْبَةِ: 113- 114](تفسير ابن كثير 4/ 444ـ445)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قوله تعالى(رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا ) أي: اعتمدنا عليك في جلب ما ينفعنا ودفع ما يضرنا ,ووثقنا بك يا ربنا في ذلك.

ـ قوله تعالى (وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) أي: رجعنا إلى طاعتك ومرضاتك وجميع ما يقرب إليك ,فنحن في ذلك ساعون ,وبفعل الخيرات مجتهدون ,ونعلم أنا إليك المصير ,فنستعد للقدوم عليك ,ونعمل ما يقربنا الزلفى إليك.

 ـ قوله تعالى (رَبَّنا لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) أي: لا تسلطهم علينا بذنوبنا ,فيفتنونا ويمنعونا مما يقدرون عليه من أمور الإيمان ,ويفتنون أيضاّ بأنفسهم ,فإنهم إذا رأوا لهم الغلبة ,ظنوا أنهم على الحق وانا على الباطل فازدادوا كفراّ وطغيانا

ـ قوله تعالى (وَاغْفِرْ لَنا رَبَّنا) ما اقترفنا من الذنوب والسيئات ,وما قصرنا به من المأمورات .

ـ قوله تعالى (رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ ) القاهر لكل شيء

ـ قوله تعالى (الْحَكِيمُ) الذي يضع الأشياء مواضعها ,فبعزتك وحكمتك انصرنا على أعدائنا ,واغفر لنا ذنوبنا ,وأصلح عيوبنا , ثم كرر الحث لهم على الاقتداء بهم

ـ قوله تعالى (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) وليس كل أحد تسهل عليه هذه الأسوة ,وإنما تسهل على من

ـ قوله تعالى (كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) فإن الإيمان واحتساب الأجر والثواب يسهل على العبد كل عسير ,ويقلل لديه كل كثير ,ويوجب له الإكثار من الاقتداء بعباد الله الصالحين ,والأنبياء والمرسلين ,فإنه يرى نفسه مفتقراّ ومضطراّ إلى ذلك غاية الاضطرار.

ـ قوله تعالى( وَمَنْ يَتَوَلَّ) عن طاعة الله والتأسي برسل الله ,فلن يضر إلا نفسه ,ولا يضر الله شيئاّ

ـ قوله تعالى (فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ ) الذي له الغنى التام المطلق من جميع الوجوه ,فلا يحتاج إلى أحد من خلقه بوجه .

ـ قوله تعالى (الْحَمِيدُ) في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله ,فإنه محمدو على ذلك كله.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/334ـ 335)

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين

الأربعاء، 28 أكتوبر 2020


    
 جزء قَدْ سَمِعَ (سورة الحشر (3)

                                قــــال تـــعـــالـــى

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ * لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ * لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ * لَا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ * كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ * كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ * فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ * لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ *هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) سورة الحشر (11ـ 24)


                                                           

1) القصص القرآنية .

* حال المنافقين مع يهود بني النضير :

في قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ * لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ * لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ * لَا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ) سورة الحشر (11ـ 14)

  * قال ابن كثير:

 يُخْبِرُ تَعَالَى عَنِ الْمُنَافِقِينَ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَأَضْرَابِهِ حِينَ بُعِثُوا إِلَى يَهُودِ بَنِي النَّضِيرِ يَعِدُونَهُمُ النَّصْرَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ.(تفسير ابن كثير 4/434)

  * قال الشيخ محمد العثيمين :

ـ قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) تعجب تعالى من حال المنافقين ,الذين طمعوا إخوانهم من أهل الكتاب ,في نصرتهم ,وموالاتهم على المؤمنين.

ـ قوله تعالى (لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً) أي: لا نطيع في عدم نصرتكم أحداّ يعذلنا أو يخوفنا .

ـ قوله تعالى (وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) في هذا الوعد الذي غروا به إخوانهم ,ولا يستكثر هذا عليهم ,فإن الكذب وصفهم ,والغرور والخداع مقارنهم ,والنفاق والجبن يصحبهم ,ولهذا كذبهم الله بقوله ,الذي وجد مخبره كما أخبر الله به ,ووقع طبق ما قال .

ـ قوله تعالى (لَئِنْ أُخْرِجُوا) من ديارهم جلاء ونفياّ

ـ قوله تعالى (لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ) لمحبتهم للأوطان ,وعدم صبرهم على القتال ,وعدم وفائهم بوعدهم .

ـ قوله تعالى (وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ ) بل ستولى عليهم الجبن , ويملكهم الفشل ,ويخذلون إخوانهم ,أحوج ما كانوا إليهم .

ـ قوله تعالى (وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ) على الفرض والتقدير .

ـ قوله تعالى ( لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ) أي: ليحصل منهم الإدبار عن القتال والنصرة , ولا يحصل لهم نصر من الله , والسبب الذي أوجب لهم ذلك أنكم أيها المؤمنون

ـ قوله تعالى (لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ) فخافوا منكم أعظم مما يخافون الله ,وقدموا مخافة المخلوق الذي لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعاّ ولا ضراّ على مخافة الخالق ,الذي بيده الضر والنفع ,والعطاء ,والمنع .

ـ قوله تعالى (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ) مراتب الأمور ,ولا يعرفون حقائق الأشياء ,ولا يتصورون العواقب.

ـ قوله تعالى (لَا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً) أي: فيحال الاجتماع

ـ قوله تعالى (إِلاَّ فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ) أي: لا يثبتون لقتالكم ولا يعزمون عليه ,إلا إذا كانوا متحصنين في القرى ,أو من وراء الجدر والأسوار.

فإنهم إذ ذاك ربما يحصل منهم امتناع ,اعتماد على حصونهم وجدرهم ,لا شجاعة بأنفسهم ,وهذا من أعظم الذم.

 ـ قوله تعالى (بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ) أي: بأسهم فيما بينهم شديد ,لا آفة في أبدانهم ولا في قوتهم ,وإنما الآفة في ضعف إيمانهم وعدم اجتماع كلمتهم.

ـ قوله تعالى ( تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً ) حين تراهم مجتمعين ومتظاهرين .

ـ قوله تعالى (وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) أي: متباغضة متفرقة متشتتة.

 ـ قوله تعالى (ذلِكَ) الذي أوجب لهم اتصافهم بما ذكر

ـ قوله تعالى (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ) أي: لا عقل عندهم ,ولا لب, فلو كانت لهم عقول ,لكانت كلمتهم مجتمعة ,وقلوبهم مؤتلفة ,فبذلك يتناصرون ويتعاونون على مصالحهم ومنافعهم الدينية والدنيوية.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 330)

 

                            


 

2) الأمثال القرآنية.

  * الإعراض عن أوامر الله.

في قوله تعالى (كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ * كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ * فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ)سورة الحشر (15ـ 17)

* قال ابن كثير:

1) قال تعالى( كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)

 قَالَ مُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: يَعْنِي كَمَثَلِ مَا أَصَابَ كَفَّارَ قُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْرٍ.(تفسير ابن كثير 4/ 435)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

مثل هؤلاء المخذولين من أهل الكتاب ,الذي انتصر الله لرسوله منهم ,أذاقهم الخزي في الحياة الدنيا, وعدم نصر من وعدهم بالمعاونة .

ـ قوله تعالى( كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذاقُوا وَبالَ) وهم كفار قريش الذين زين لهم الشيطان أعمالهم ,فغرتهم أنفسهم وغرهم من غرهم , حتى أتوا "بدراّ" بفخرهم وخيلائهم ,ظانين أنهم مدركون برسول الله والمؤمنين ,فنصر الله رسوله والمؤمنين عليهم ,فقتلوا كبارهم ,وأسوا من أسروا منهم ,وفرمن فر وذاقوا بذلك وبال أمرهم هذا في الدنيا وفي الآخرة عذاب النار.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 330)


  2/ وقوله تَعَالَى(كَمَثَلِ الشَّيْطان إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ )

* قال ابن كثير :

يَعْنِي مَثَلُ هَؤُلَاءِ الْيَهُودِ فِي اغْتِرَارِهِمْ بِالَّذِينِ وَعَدُوهُمُ النَّصْرَ من المنافقين وقول المنافقين لهم (إِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ)، ثُمَّ لَمَّا حَقَّتِ الْحَقَائِقُ وَجَدَّ بِهِمُ الْحِصَارُ وَالْقِتَالُ، تَخَلَّوْا عَنْهُمْ وَأَسْلَمُوهُمْ لِلْهَلَكَةِ، مِثَالُهُمْ فِي هَذَا كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ سَوَّلَ لِلْإِنْسَانِ- وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ- الْكُفْرَ، فَإِذَا دَخَلَ فِيمَا سول له تَبَرَّأَ مِنْهُ وَتَنَصَّلَ وَقَالَ

( إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ).

وَقَوْلُهُ تعالى( فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها) أي فكان عاقبة الآمر بالكفر والفاعل له ومصيرهما إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ أي جزاء كل ظالم.(تفسير ابن كثير 4/435ـ436)

 

                            

3) الوعد والوعيد في الآيات:

في قوله تعالى َ( يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ)سورة الحشر (18ـ 20)

* قال ابن كثير:

ـ قوله تعالى (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ) أَيْ حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا، وَانْظُرُوا مَاذَا ادَّخَرْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ لِيَوْمِ مَعَادِكُمْ وَعَرْضِكُمْ عَلَى رَبِّكُمْ .

ـ قوله تعالى (وَاتَّقُوا اللَّهَ ) تَأْكِيدٌ ثَانٍ

ـ قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) أَيِ اعْلَمُوا أَنَّهُ عَالِمٌ بِجَمِيعِ أَعْمَالِكُمْ وَأَحْوَالِكُمْ، لَا تَخْفَى عَلَيْهِ منكم خافية ولا يغيب من أموركم جليل ولا حقير .

ـ قوله تعالى (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ ) أي لا تنسوا ذكر الله تعالى: فَيُنْسِيَكُمُ الْعَمَلَ لِمَصَالِحِ أَنْفُسِكُمُ الَّتِي تَنْفَعُكُمْ فِي مَعَادِكُمْ، فَإِنَّ الْجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ.

وَلِهَذَا قَالَ تعالى( أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) أَيِ الْخَارِجُونَ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ الْهَالِكُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْخَاسِرُونَ يَوْمَ مَعَادِهِمْ،

ـ قوله تعالى(لَا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ) أَيْ لَا يَسْتَوِي هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ فِي حكم الله تعالى يوم القيامة.

ـ قوله تعالى(أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ ) أَيِ النَّاجُونَ الْمُسَلَّمُونَ من عذاب الله عز وجل. ( تفسير ابن كثير4/436ـ 437)

                             

4) الأمثال القرآنية:

* تعظيم القرآن وعلو قدره.

في قوله تعالى (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) سورة الحشر (20)

* قال ابن كثير :

يَقُولُ تَعَالَى مُعَظِّمًا لِأَمْرِ الْقُرْآنِ وَمُبَيِّنًا عُلُوَّ قَدْرِهِ، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ تَخْشَعَ لَهُ الْقُلُوبُ وَتَتَصَدَّعَ عِنْدَ سَمَاعِهِ، لما فيه من الوعد الحق وَالْوَعِيدِ الْأَكِيدِ لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ أي فإذا كَانَ الْجَبَلُ فِي غِلْظَتِهِ وَقَسَاوَتِهِ لَوْ فَهِمَ هَذَا الْقُرْآنَ فَتَدَبَّرَ مَا فِيهِ لَخَشَعَ وَتَصَدَّعَ مِنْ خَوْفِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَكَيْفَ يَلِيقُ بكم أيها البشر أن لا تَلِينَ قُلُوبُكُمْ وَتَخْشَعَ وَتَتَصَدَّعَ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَقَدْ فَهِمْتُمْ عَنِ اللَّهِ أَمْرَهُ وَتَدَبَّرْتُمْ كِتَابَهُ،

قَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:

يَقُولُ لَوْ أَنِّي أَنْزَلْتُ هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ حَمَّلْتُهُ إِيَّاهُ لَتَصَدَّعَ وَخَشَعَ مِنْ ثِقَلِهِ وَمِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، فَأَمَرَ اللَّهُ النَّاسَ إِذَا نَزَّلَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ أَنْ يَأْخُذُوهُ بالخشية الشديدة والتخشع.(تفسير ابن كثير 4/ 438)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قوله تعالى (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) أخبر تعالى أنه يضرب للناس الأمثال ,ويوضح لعباده في كتابه الحلال والحرام ,لأجل أن يتفكروا في آياته ويتدبرها ,فإن التفكر فيها يفتح للعبد خزائن العلم ,ويبين طرق الخير والشر ,ويحثه على مكارم الأخلاق ,ومحاسن الشيم ,ويزجره عن مساوئ الأخلاق ,فلا أنفع للعبد من التفكر في القرآن والتدبر لمعانيه .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 332)

 

                              

 

5) مسائل العقيدة في الآيات.

  * عقيدة  أهــــل السنة و الجماعة  في أسماء الله وصفاته.

في قوله تعالى (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) سورة الحشر (22ـ 24)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

هذه الآيات اشتملت على كثير من أسماء الله الحسنى وأوصافه العلى ,عظيمة الشأن ,وبديعة البرهان .

ـ قوله تعالى (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ ) فأخبر أنه الله المألوه المعبود ,الذي لا إله إلا هو , وذلك لكماله العظيم ,وإحسانه الشامل ,وتدبيره العام وكل إله سواه فإنه باطل لا يستحق من العبادة مثقال ذرة ,لأنه فقير عاجز ,لا يملك لنفسه ولا لغيره شيئاّ. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 332)

* قال ابن كثير :

ـ قوله تعالى (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) وَأَنَّهُ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَيْ يَعْلَمُ جَمِيعَ الْكَائِنَاتِ الْمُشَاهِدَاتِ لَنَا وَالْغَائِبَاتِ عَنَّا، فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ مِنْ جَلِيلٍ وَحَقِيرٍ وَصَغِيرٍ وَكَبِيرٍ حَتَّى الذَّرِّ فِي الظُّلُمَاتِ.

ـ قوله تعالى (هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) وَالْمُرَادُ أَنَّهُ ذُو الرَّحْمَةِ الْوَاسِعَةِ الشَّامِلَةِ لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ، فَهُوَ رَحْمَنُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَرَحِيمُهُمَا،

ـ قوله تعالى (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ ) أَيِ الْمَالِكُ لِجَمِيعِ الْأَشْيَاءِ الْمُتَصَرِّفُ فِيهَا بِلَا مُمَانَعَةٍ وَلَا مُدَافَعَةٍ.

ـ قوله تعالى ( الْقُدُّوسُ السَّلامُ) تُقَدِّسُهُ الْمَلَائِكَةُ الْكِرَامُ السَّلامُ أَيْ مِنْ جميع العيوب والنقائص لكماله في ذاته وصفاته وأفعاله.(تفسير ابن كثير 4/438ـ439)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قوله تعالى (الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ) أي المصدق لرسله وأنبيائه بما جاءوا به بالآيات البينات ,والبراهين القاطعات ,والحجج الواضحات .

ـ قوله تعالى (الْعَزِيزُ) الذي لا يغالب ولا يمانع ,بل قد قهر كل شيء وخضع له كل شيء

ـ قوله تعالى (الْجَبَّارُ) الذي قهر جميع العباد ,وأذعن له سائر الخلق ,الذي يجبر الكسير ,ويغني الفقير .

ـ قوله تعالى (الْمُتَكَبِّرُ) الذي له الكبرياء والعظمة ,المتنزه عن جميع العيوب والظلم والجور.

ـ قوله تعالى (سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) وهذا تنزيه عام عن كل ما وصفه به من أشرك به وعانده .

ـ قوله تعالى (هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ) لجميع المخلوقات.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 332)

* قال ابن كثير :

ـ قوله تعالى ( الْبارِئُ ) الْخَلْقُ التَّقْدِيرُ والبرء هُوَ الْفَرْيُ، وَهُوَ التَّنْفِيذُ وَإِبْرَازُ مَا قَدَّرَهُ وَقَرَّرَهُ إِلَى الْوُجُودِ وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ قَدَّرَ شَيْئًا وَرَتَّبَهُ يَقْدِرُ عَلَى تَنْفِيذِهِ وَإِيجَادِهِ سِوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. فَالْخَلْقُ التَّقْدِيرُ وَالْفَرْيُ التَّنْفِيذُ، وَمِنْهُ يُقَالُ قَدَّرَ الْجَلَّادُ ثُمَّ فَرَى أَيْ قَطَعَ عَلَى مَا قَدَّرَهُ بِحَسَبِ مَا يُرِيدُهُ.( تفسير ابن كثير 4/ 439)

* قال الشيخ محمد العثيمين :

ـ قوله تعالى (الْمُصَوِّرُ) للمصورات , وهذه الأسماء متعلقة بالخلق والتدبير والتقدير ,وأن ذلك كله قد انفرد الله به ,لم يشاركه فيه مشارك.

ـ قوله تعالى (لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) أي: له الأسماء الكثيرة جداّ التي لا يحصيها ولا يعلمها أحد إلا الله ,ومع ذلك فكلها حسنى أي: صفات كمال ,بل تدل على أكمل الصفات وأعظمها ,لا نقص في شيء منها بوجه من الوجوه ,ومن حسنها أن الله يحبها ,ويحب من عباده أن يدعوه ويسألوه بها . .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 332)

  أسماء اللــــه كلها حســــنى :

 لأنها متضمنة لصفات  كاملة لا نقص فيها قال تعالى :{ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى } (سورة الأعراف 180)

  أسماء الله غير محصورة بعدد معين :

  الجمع بينه وبين حديث  (إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ) اخرجه  البخاري ( 6410 ) و مسلم رقم  (2677 )  

 ليس المراد حصر أسمائه تعالى بهذا العدد ، بل إن هذه الأسماء  موصوفة بأن من أحصاها  دخل الجنة  ولا ينفي أن يكون له أسماء غيرها.( كتاب لمعة الاعتقاد وشرح الشيخ العشمين ص22)

س / ما معنى أحصــاهــا الواردة في حديث (إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ) ؟!

معناها : حفظها لفظا , وفهمها معنى  , وأمن بها وتعبد لله بمقتضاها  وليس المراد حفظ ألفاظها وسردها  عدا فقط .

       أسماء اللـــه لا تثبت بالعقل وإنما تثبت  بالشرع : 

فهي توقيفيه يتوقف إثباتها على ما جاء به الشرع فلا يزاد ولا ينقص لأن العقل لا يمكن إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء  0(لمعة الاعتقاد شرح الشيخ محمد العشمين ص 23  )

* قال الشيخ محمد العثيمين :

ـ قوله تعالى (يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ومن كماله وأن له الأسماء الحسنى ,والصفات العليا ,أن جميع من في السماوات والأرض مفتقرون إليه على الدوام ,يسبحون بحمده ,ويسألونه حوائجهم ,فيعطيهم من فضله وكرمه ما تقتضيه رحمته وحكمته .

ـ قوله تعالى (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) الذي لا يريد شيئا إلا ويكون ,ولا يكون شيئا إلا لحكمة ومصلحة.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 332)

تم بحمد الله تفسير سورة الحشر

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين


  جزء الرابع والعشرون سورة الزمر (3) قــال تـعــالـى ﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللَّهِ لَ...