الجمعة، 30 أكتوبر 2020


جزء قَدْ سَمِعَ (سورة الممتحنة (1)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ * إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ * لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * رَبَّنا لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) سورة الممتحنة (1ـ 6)

                                                     

1) سبب نزول الآيات.

  * نزلت في حاطب بن أبي بلتعة:

 * قال ابن كثير:

كَانَ سَبَبُ نُزُولِ صَدْرِ هَذِهِ السُّورَةِ الْكَرِيمَةِ قِصَّةَ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَة. وَذَلِكَ أَنَّ حَاطِبًا هَذَا كَانَ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ أَيْضًا، وَكَانَ لَهُ بِمَكَّةَ أَوْلَادٌ وَمَالٌ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ قُرَيْشٍ أَنْفُسِهِمْ، بَلْ كَانَ حَلِيفًا لِعُثْمَانَ، فَلَمَّا عَزْمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَتْحِ مَكَّةَ لَمَّا نَقَضَ أَهْلُهَا الْعَهْدَ

فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ بِالتَّجْهِيزِ لِغَزْوِهِمْ وَقَالَ «اللَّهُمَّ عَمِّ عَلَيْهِمْ خَبَرَنَا»

فَعَمَدَ حَاطِبٌ هَذَا فَكَتَبَ كِتَابًا وَبَعَثَهُ مَعَ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ، يُعْلِمُهُمْ بِمَا عَزَمَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوِهِمْ، لِيَتَّخِذَ بِذَلِكَ عِنْدَهُمْ يدا فأطلع الله تعالى على ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِجَابَةً لِدُعَائِهِ،

 فَبَعَثَ فِي أَثَرِ الْمَرْأَةِ فَأَخَذَ الْكِتَابَ مِنْهَا، وَهَذَا بَيِّنٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ  :

 حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٌو، أَخْبَرَنِي حَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ وَقَالَ مُرَّةُ إِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي رَافِعٍ أَخْبَرَهُ

أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ فَقَالَ «انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ «*»

فإن بها ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ فَخُذُوهُ مِنْهَا، فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى أَتَيْنَا الرَّوْضَةَ، فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ «*»

قُلْنَا أَخْرِجِي الْكِتَابَ، قَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ، قُلْنَا لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ، قَالَ: فَأَخْرَجَتِ الْكِتَابَ مِنْ عِقَاصِهَا «*» ،

فَأَخَذْنَا الْكِتَابَ فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا فِيهِ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بلتعة إلى أناس مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ، يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)(المسند 1/ 79، 80).

* روضة خاخ: موضع على اثني عشر ميلا من المدينة.

* الظعينة: المرأة.

* العقاص: الذوائب المضفورة.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

«يَا حَاطِبُ مَا هَذَا؟»

قَالَ: لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ ولم أكن من أنفسهم، وكان من كان مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ أَهْلِيهِمْ بِمَكَّةَ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ، أَنْ أَتَّخِذَ فِيهِمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي، وَمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ كُفْرًا وَلَا ارْتِدَادًا عَنْ دِينِي وَلَا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«إِنَّهُ صَدَقَكُمْ» .

فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ،

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: «اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» «أخرجه البخاري في المغازي باب 9، 46، وتفسير سورة 60، باب 1، ومسلم في فضائل الصحابة حديث 161، وأبو داود في الجهاد باب 98، والترمذي في تفسير سورة 60، باب 1، والدارمي في الرقاق باب 48.(تفسير ابن كثير 4/ 440ـ441)

                          

2) مسائل العقيدة في الآيات:

* النهي عن موالاة الكفار المحاربين لله والرسول عليه الصلاة والسلام:

في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ * إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ * لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)(سورة الممتحنة (1ـ 3)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

وهذه الآيات فيها النهي الشديد عن موالاة الكفار من المشركين وغيرهم ,وإلقاء المودة إليهم ,وأن ذلك مناف للإيمان

ـ قوله تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) اعملوا بمقتضى إيمانكم , من ولاية من قام بالإيمان ,ومعاداة من عاداه .

ـ قوله تعالى (لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ) فإنه عدو لله وعدو للمؤمنين فلا تتخذوا عدو الله أَوْلِياءَ.

 ـ قوله تعالى (تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) أي: تسارعون في مودتهم وفي السعي بأسبابها , فإن المودة إذا حصلت , تبعتها النصرة والموالاة فخرج العبد من الإيمان ,وصار من جملة أهل الكفران وانفصل عن أهل الإيمان , وهذا المتخذ للكافر ولياّ ,عادم المروءة أيضا ,فإنه كيف يوالي أعدى أعدائه الذي لا يريد له إلا الشر , ويخالف ربه ووليه الذي يريد به الخير ؟!

ـ قوله تعالى(وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ) ومما يدعو المؤمن أيضاّ إلى معاداة الكفار ,أنهم قد كفروا بما جاء المؤمنين من الحق , ولا أعظم من هذه المخالفة والمشاقة ,فإنهم قد كفروا بأصل دينكم ,وزعموا أنكم ضلال على غير هدى .

والحال أنهم كفروا بالحق الذي لا شك فيه ولا مرية.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 333)

* قال ابن كثير :

ـ قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ)

يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ وَالْكُفَّارَ الَّذِينَ هُمْ مُحَارِبُونَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ شَرَعَ اللَّهُ عَدَاوَتَهُمْ وَمُصَارَمَتَهُمْ وَنَهَى أَنْ يُتَّخَذُوا أَوْلِيَاءَ وَأَصْدِقَاءَ وَأَخِلَّاءَ.

ـ قوله تعالى (لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) [آلِ عِمْرَانَ: 28]

 وَلِهَذَا قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُذْرَ حَاطِبٍ، لما ذَكَرَ أَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ مُصَانَعَةً لِقُرَيْشٍ لِأَجْلِ مَا كَانَ لَهُ عِنْدَهُمْ مِنَ الْأَمْوَالِ والأولاد.

ـ قوله تعالى (يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ) هَذَا مَعَ مَا قَبْلَهُ مِنَ التَّهْيِيجِ عَلَى عَدَاوَتِهِمْ وَعَدَمِ مُوَالَاتِهِمْ لِأَنَّهُمْ أَخْرَجُوا الرَّسُولَ وَأَصْحَابَهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ كَرَاهَةً لِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَإِخْلَاصِ الْعِبَادَةِ لله وحد.(تفسير ابن كثير 4/ 443ـ 444)

* قال الشيخ محمد العثيمين :

ـ قوله تعالى(أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ ) إلا أنكم تؤمنون بالله ربكم الذي يتعين على الخلق كلهم القيام بعبوديته ,لأنه رباهم ,وأنعم عليهم , بالنعم الظاهرة والباطنة وهو الله تعالى .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 334)

ـ قوله تعالى (تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ) أي: كيف تسرون المودة للكافرين وتخونها ,مع علمكم أن الله عالم بما تخفون وما تعلنون ؟!

فهو وإن خفي على المؤمنين ,فلا يخفى على الله تعالى ,وسيجازي العباد بما يعلمه منهم من الخير والشر .

ـ قوله تعالى (وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ) أي: موالاة الكافرين بعد ما حذركم الله منها .

 ـ قوله تعالى (فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) لأنه سلك مسلكاّ مخالفاّ للشرع وللعقل والمروءة الإنسانية .

ثم بين تعالى شدة عداوتهم ,تهييجا للمؤمنين على عدواتهم

 ـ قوله تعالى (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ) أي يجدوكم ,وتسنح لهم الفرصة في أذاكم

 ـ قوله تعالى (يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً ) ظاهرين

ـ قوله تعالى (وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ) بالقتل والضرب ,ونحو ذلك.

ـ قوله تعالى (وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ) أي: بالقول الذي يسوء ,ومن شتم وغيره.

 ـ قوله تعالى (وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) فإن هذا غاية ما يريدون منكم .

ـ قوله تعالى (لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ) فإن احتججتم وقلتم : نوالي الكفار لأجل القرابة والأموال ,فلن تغني عنكم أموالكم ولا أولادكم من الله شيئاّ.

 ـ قوله تعالى (وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فلذلك حذركم من موالاة الكافرين الذين تضركم موالاتهم.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 334)

 

                                                       

 

3) القصص القرآنية :

* الاقتداء بنبينا إبراهيم عليه السلام  :

في قوله تعالى (قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * رَبَّنا لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)سورة الممتحنة (4ـ 6)

* قال الشيخ محمد العثيمين :

ـ قوله تعالى ( قَدْ كانَتْ لَكُمْ) قد كان لكم يا معشر المؤمنين.

ـ قوله تعالى ( أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) أي: قدوة صالحة وائتمام ينفعكم.

ـ قوله تعالى (فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ) من المؤمنين ,لأنكم قد أمرتم أن تتبعوا ملة إبراهيم حنيفا.

ـ قوله تعالى (إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ)  إذ تبرأ إبراهيم عليه السلام ومن معه من المؤمنين ,من قومهم المشركين ومما يعبدون من دون الله, ثم صرحوا بعداوتهم غاية التصريح فقالوا

ـ قوله تعالى (اللَّهِ كَفَرْنا بِكُمْ)  أي: ظهر وبان

ـ قوله تعالى (وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ) أي: البغض بالقلوب ,وزوال مودتها ,والعداوة بالأبدان ,وليس لتلك العداوة والبغضاء وقت ولا حد ,بل ذلك .

ـ قوله تعالى (أَبَداً) ما دمتم مستمرين على كفركم.

ـ قوله تعالى (حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) أي: فإذا آمنتم بالله وحده ,زالت العداوة والبغضاء ,وانقلبت مودة وولاية ,فلكم أيها المؤمنون أسوة حسنة في إبراهيم ومن معه في القيام بالإيمان والتوحيد ,والقيام بلوازم ذلك ومقتضياته ,وفي كل شيء تعبدوا به لله وحده .

ـ قوله تعالى (إِلاَّ قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ)

ـ قوله تعالى (إِلاَّ) في خصلة واحدة وهي

ـ قوله تعالى (قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ) آزر المشرك ,الكافر ,المعاند ,حين دعاه إلى الإيمان والتوحيد.

فامتنع , فقال إبراهيم :

ـ قوله تعالى (لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) والحال أني لا.

ـ قوله تعالى (وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ) لكني أدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا ,فليس لكم أن تقتدوا بإبراهيم في هذه الحالة التي دعا بها للمشرك

فليس لكم أن تدعوا للمشركين ,وتقولوا :إنا في ذلك متبعون لملة إبراهيم ,فإن الله ذكر عذر إبراهيم في ذلك

ـ قوله تعالى (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) [التَّوْبَةِ: 113- 114](التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 334ـ 335)

* قال ابن كثير:

ـ قوله تعالى (إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) أَيْ لَكُمْ فِي إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمِهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ تَتَأَسَّوْنَ بِهَا إِلَّا فِي اسْتِغْفَارِ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا كَانَ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الْمُؤْمِنِينَ كَانُوا يَدْعُونَ لِآبَائِهِمُ الَّذِينَ مَاتُوا عَلَى الشِّرْكِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُمْ وَيَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ يَسْتَغْفِرُ لِأَبِيهِ،

فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (مَا كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ [التَّوْبَةِ: 113- 114](تفسير ابن كثير 4/ 444ـ445)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قوله تعالى(رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا ) أي: اعتمدنا عليك في جلب ما ينفعنا ودفع ما يضرنا ,ووثقنا بك يا ربنا في ذلك.

ـ قوله تعالى (وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) أي: رجعنا إلى طاعتك ومرضاتك وجميع ما يقرب إليك ,فنحن في ذلك ساعون ,وبفعل الخيرات مجتهدون ,ونعلم أنا إليك المصير ,فنستعد للقدوم عليك ,ونعمل ما يقربنا الزلفى إليك.

 ـ قوله تعالى (رَبَّنا لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) أي: لا تسلطهم علينا بذنوبنا ,فيفتنونا ويمنعونا مما يقدرون عليه من أمور الإيمان ,ويفتنون أيضاّ بأنفسهم ,فإنهم إذا رأوا لهم الغلبة ,ظنوا أنهم على الحق وانا على الباطل فازدادوا كفراّ وطغيانا

ـ قوله تعالى (وَاغْفِرْ لَنا رَبَّنا) ما اقترفنا من الذنوب والسيئات ,وما قصرنا به من المأمورات .

ـ قوله تعالى (رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ ) القاهر لكل شيء

ـ قوله تعالى (الْحَكِيمُ) الذي يضع الأشياء مواضعها ,فبعزتك وحكمتك انصرنا على أعدائنا ,واغفر لنا ذنوبنا ,وأصلح عيوبنا , ثم كرر الحث لهم على الاقتداء بهم

ـ قوله تعالى (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) وليس كل أحد تسهل عليه هذه الأسوة ,وإنما تسهل على من

ـ قوله تعالى (كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) فإن الإيمان واحتساب الأجر والثواب يسهل على العبد كل عسير ,ويقلل لديه كل كثير ,ويوجب له الإكثار من الاقتداء بعباد الله الصالحين ,والأنبياء والمرسلين ,فإنه يرى نفسه مفتقراّ ومضطراّ إلى ذلك غاية الاضطرار.

ـ قوله تعالى( وَمَنْ يَتَوَلَّ) عن طاعة الله والتأسي برسل الله ,فلن يضر إلا نفسه ,ولا يضر الله شيئاّ

ـ قوله تعالى (فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ ) الذي له الغنى التام المطلق من جميع الوجوه ,فلا يحتاج إلى أحد من خلقه بوجه .

ـ قوله تعالى (الْحَمِيدُ) في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله ,فإنه محمدو على ذلك كله.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/334ـ 335)

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  جزء الرابع والعشرون سورة الزمر (3) قــال تـعــالـى ﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللَّهِ لَ...