تفسير جزء تبارك ( سورة الملك (1)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ
الرَّحِيمِ
(تَبارَكَ
الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ
وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ
* الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً مَا تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ
فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ
يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ * وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ
الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ
السَّعِيرِ) (سورة
الملك الآيات 1 الى5)
1) فضل سورة تبارك.
وهي مكية أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«إِنَّ سُورَةً فِي الْقُرْآنِ ثَلَاثِينَ آيَةً شَفَعَتْ لِصَاحِبِهَا
حَتَّى غُفِرَ لَهُ: تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ» الْإِمَامُ أَحْمَدُ المسند 2/ 299،
321.
أ) اثبات توحيد الربوبية لله تعالى
في قوله تعالى (تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ
عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )الملك (1)
ذكر ابن كثير:
يُمَجِّدُ تَعَالَى نَفْسَهُ الْكَرِيمَةَ وَيُخْبِرُ أَنَّهُ بِيَدِهِ
الْمُلْكُ أَيْ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِي جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ بِمَا يَشَاءُ لَا
مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ لِقَهْرِهِ وَحِكْمَتِهِ وَعَدْلِهِ.
ثُمَّ قَالَ تعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ
لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)الملك (2)
وَاسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْمَوْتَ أَمْرٌ وُجُودِيٌّ،
لِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ، وَمَعْنَى الْآيَةِ أَنَّهُ أَوْجَدَ الْخَلَائِقَ مِنَ العدم
ليبلوهم أي يختبرهم أيهم أحسن عملا.(تفسير القرآن العظيم
لابن كثير 4/508)
ب) من الصفات الله تعالى الفعلية.
قوله تعالى (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)الملك (2)
قال الشيخ محمد العثيمين :
(وَهُوَ الْعَزِيزُ )الذي له العزة كلها , الذي قهر بها جميع الأشياء .
(الْغَفُورُ) عن المسيئين والمقصرين
والمذنبين , خصوصاَ إذا تابوا أنابوا فإنه يغفر ذنوبهم ولو بلغت عنان السماء ,
ويستر عيوبهم ولو كانت ملء الارض.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/362)
1/ في خلق السماوات طباقا.
في قوله
تعالى (الَّذِي
خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً مَا تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ
الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ
إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ)(الملك 3ـ4)
* قوله تعالى (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً)
كل
واحدة فوق الاخرى ,ولسن طبقة واحدة وخلقها
في غاية الحسن والإتقان. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/362)
* قوله تعالى (مَا تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ)
أَيْ بَلْ هُوَ مُصْطَحِبٌ مُسْتَوٍ لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ وَلَا تَنَافُرٌ
وَلَا مُخَالَفَةٌ وَلَا نَقْصٌ ولا عيب ولا خلل .
* ولهذا قَالَ تَعَالَى: (فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى
مِنْ فُطُورٍ)
أي انْظُرْ إِلَى السَّمَاءِ
فَتَأَمَّلْهَا هَلْ تَرَى فِيهَا عَيْبًا أَوْ نَقْصًا أَوْ خَلَلًا أَوْ فُطُورًا
(تفسير
القرآن العظيم لابن كثير 4/508)
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ وَالثَّوْرِيُّ
هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ أي شُقُوقٍ «تفسير الطبري 12/ 165.»
* قوله تعالى (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ
إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ)
وَمَعْنَى الْآيَةِ إِنَّكَ لَوْ كَرَّرْتَ الْبَصَرَ مَهْمَا كَرَّرْتَ
لَانْقَلَبَ إِلَيْكَ أَيْ لَرَجَعَ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً عَنْ أَنْ يَرَى عَيْبًا
أَوْ خللا .(تفسير
القرآن العظيم لابن كثير 4/508)
* قوله تعالى (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا
بِمَصابِيحَ ) (الملك ـ 5)
قال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله :
جعل الله
هذي النجوم زينة للسماء , وجمالاَ, ونوراَ وهداية يهتدى بها في ظلمات البر والبحر . (التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/363)
* قوله تعالى (وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ وَأَعْتَدْنا
لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ) (الملك ـ 5)
قال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله :
الذين
يريدون استراق خبر السماء, فجعل الله هذه النجوم حراسة للسماء عن تلقف الشياطين
أخبار الأرض
فهذه
الشهب التي ترمى من النجوم أعدها الله في الدنيا للشياطين
وفي
الآخرة (عَذابَ
السَّعِيرِ) لأنهم تمردوا على
الله , وأضلوا عباده . (التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/363)
قَالَ قَتَادَةُ:
إِنَّمَا خُلِقَتْ هَذِهِ النُّجُومُ لِثَلَاثِ خِصَالٍ خَلَقَهَا اللَّهُ
زِينَةً لِلسَّمَاءِ وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَعَلَامَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا فَمَنْ
تَأَوَّلَ فِيهَا غَيْرَ ذلك فقد قال برأيه وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ وَتَكَلَّفَ مَا لَا
عِلْمَ لَهُ بِهِ .( رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ تفسير الطبري 12/ 166.)
صل الله على نبينا محمد
وعلى اله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق