(تفسير جزء عم (سورة العصر)
بسم الله الرحمن الرحيم...: (تفسير جزء عم (سورة العصر) بسم الله الرحمن الرحيم (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِ...
نوير بنت سالم القحطاني بكالوريوس كلية الشريعة من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية + دبلوم إشراف تربوي هذه المدونة تحتوى على تفسير القرآن بما يتضمن المسائل العقيدة والاحكام الشرعية والأمثال والقصص القرآنية والوعد والوعيد وأسباب النزول والقواعد الفقهية والناسخ والمنسوخ والفوائد المستنبطة من الآيات .
جزء عم سورة الانشقاق (2)
قــال تــعــالـى
( فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ * وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ
إِذَا اتَّسَقَ * لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ * فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ
* وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ * بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا
يُكَذِّبُونَ * وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ * فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ)سورة الانشقاق (16ـ 25)
1) المسائل العقيدة في الآيات :
* قسم الله تعالى
على بعض مخلوقاته.
لقوله تعالى { فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ * وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ
* وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ* لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ) الانشقاق(16ـ19)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قوله تعالى { فَلَا أُقْسِمُ } قد يظن الظان أن معنى نفي، وليس كذلك بل
هو إثبات و {لا} هنا جيء بها للتنبيه
وأن القسم مثبت، أما المقسِم فهو الله عز وجل أما المقسَم به في هذه الآية
فهو الشفق وما عطف عليه.
ـ قوله تعالى { بِالشَّفَقِ} الشفق هو الحمرة التي تكون بعد غروب الشمس.
وإذا غابت هذه الحمرة خرج وقت المغرب ودخل وقت العشاء.
ـ قوله تعالى { وَاللَّيْلِ} الليل معروف.
ـ قوله تعالى { وَمَا وَسَقَ} ما جمع، لأن الليل يجمع الوحوش والهوام
وما أشبه ذلك، تجتمع وتخرج وتبرز من جحورها وبيوتها.
ـ قوله تعالى { وَالْقَمَرِ} القمر معروف.
ـ قوله تعالى { إِذَا اتَّسَقَ} يعني إذا اجتمع نوره وتم وكمل، وذلك في
ليالي الابدار.
ـ قوله تعالى (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ)
هذه الجملة جواب القسم وهي مؤكدة بثلاث مؤكدات: القسم، واللام، ونون التوكيد
والخطاب هنا لجميع الناس، أي لتتحولن حالاً عن حال، وهو يعني أن الأحوال تتغير فيشمل:
1ـ
أحوال الزمان.
2ـ
أحوال المكان.
3ـ
أحوال الأبدان.
4ـ أحوال القلوب.
الأول: أحوال الزمان.
تتنقل فيوم يكون فيه السرور والانشراح وانبساط النفس، ويوم آخر يكون بالعكس.
وتتغير حال الزمان من أمن إلى خوف، ومن حرب إلى سلم، ومن قحط إلى مطر
ومن جدب إلى خصب إلى غير ذلك من تقلبات الأحوال..
الثاني: وأحوال المكان.
الأمكنة ينزل الإنسان هذا اليوم
منزلاً، وفي اليوم التالي منزلاً آخر.
الثالث: أحوال الأبدان.
أول ما يخلق الإنسان طفلاً صغيراً يمكن أن تجمع يديه ورجليه بيد واحدة
منك وتحمله بهذه اليد ضعيفًا، ثم لايزال يقوى رويداً رويداً حتى يكون شاباً جلداً قوياً،
ثم إذا استكمل القوة عاد فرجع إلى الضعف.
الرابع: أحوال القلوب.
والقلوب كل قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء
حديث:.
(ان قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن
كقلب واحد يصرفه حيث يشاء ثم قال رسول الله صل الله عليه وسلم اللهم مصرف القلوب صرف
قلوبنا على طاعتك) أخرجه مسلم كتاب القدر، باب تصريف الله تعالى القلوب كيف شاء (2654)
(17) (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 469ـ470)
* الإيمان بالله وتعظيم آياته.
لقوله تعالى{ فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ
الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ} الانشقاق(20ـ21)
* قال ابن كثير :
ـ قوله تعالى { فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) فماذا يمنعهم من الإيمان بالله ورسوله واليوم. ؟
ـ قوله تعالى (وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ } وما لهم إذا قرئت عليهم آيات الله وكلامه وهو هذا القرآن لا يسجدون إعظاما وإكراما واحتراما؟(تفسير ابن كثير 492/4)
2) الوعد والوعيد في الآيات:
* الوعيد في الآيات:
لقوله تعالى (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ * وَاللَّهُ أَعْلَمُ
بِمَا يُوعُونَ * فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) الانشقاق(22ـ24)
* قال ابن كثير :
ـ قوله تعالى (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ ) من سجيتهم التكذيب والعناد والمخالفة للحق.
ـ قوله تعالى (وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ) يكتمون في صدورهم.
ـ قوله تعالى (فَبَشِّرْهُم
بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) فأخبرهم يا محمد بأن الله عز وجل قد أعد لهم عذابا أليما. (تفسير ابن كثير 492/4)
* الوعد في الآية:
قوله تعالى(إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ
أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) الانشقاق:25
* قال ابن كثير :
ـ قوله تعالى (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)
هذا
استثناء منقطع يعني لكن الذين آمنوا - أي بقلوبهم وعملوا الصالحات بجوارحهم
ـ قوله تعالى (لَهُمْ أَجْرٌ) في الدار الآخرة. (تفسير ابن كثير 492/4)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قوله تعالى {غير ممنون} غير مقطوع، بل هو مستمر أبد الآبدين.
* شروط قبول العمل.
أن العمل الصالح ما جمع شيئين:
الأول: الإخلاص لله تعالى
بأن لا يريد بعمله إلا وجه لله
عز وجل وابتغاء مرضاته، وابتغاء ثوابه، وابتغاء النجاة من النار فلا يريد شيئاً من
الدنيا وزينتها.
الثاني: أن يكون متبعاً فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أي أن يتبع الإنسان رسول الله صلى الله عليه وسلّم في عمله فعلاً لما
فعل، وتركاً لما ترك. فما فعله النبي صلى الله عليه وسلّم تعبداً مع وجود سببه فالسنة
فعله إذا وجد سببه. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 473/10)
تم بحمد الله تفسير سورة
الانشقاق
صل الله على نبينا محمد وعلى
اله وصحبه أجمعين
جزء عم (سورة
الانشقاق (1)
بسم الله الرحمن الرحيم
(إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * وَإِذَا
الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ
* يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ
* فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا
* وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُورًا * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ
ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا * وَيَصْلَىٰ
سَعِيرًا * إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا * إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ
* بَلَىٰ إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا) سورة الانشقاق (1ـ 15)
1)المسائل العقيدة في الآيات.
* من أركان الإيمان
(الإيمان باليوم الآخر)
لقوله تعالى (إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ
* وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا
وَحُقَّتْ) الانشقاق(1ـ5)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قوله تعالى { إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ} انشقت: انفتحت ,فهذه السماء القوية العظيمة
تنشق يوم القيامة بإذن الله.
ـ قوله تعالى { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا } أطاعت أمر ربها عز وجل .
ـ قوله تعالى {وَحُقَّتْ} حق لها أن تأذن، أي تسمع وتطيع؛ لأن الذي
أمرها الله ربها خالقها عز وجل.
* هذه الطاعة العظيمة في ابتداء الخلق وفي انتهاء الخلق.
ـ في ابتداء الخلق قال: {اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا
قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ }فصلت:11
ـ في انتهاء الخلق { إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ
* وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ } حُق لها أن تأذن تسمع وتطيع.
يوم القيامة.
ـ قوله تعالى { وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ } يوم القيامة تمد مدًّا واحداً كمد الأديم
يعني كمد الجلد، أو سماطاً.
كما جاء في الحديث:
«يجمع الله تعالى يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيسمعهم
الداعي، وينفُذُهُم البصر» (أخرجه البخاري كتاب التفسير باب) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ)
(4712) ومسلم كتاب الإيمان، باب ادنى أهل الجنة منزلة فيها (194) (327)
ـ قوله تعالى { وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ} جثث بني آدم تلقيها يوم القيامة، فيخرجون
من قبورهم لله ، كما بدأهم أول خلق.
ـ قوله تعالى{وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} تأكيداً لاستماعها لربها وطاعته . .(التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 464ـ 465/10)
2) الفوائد المستنبطة من الآيات.
* الجزاء من جنس العمل :
لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إلَىٰ رَبِّكَ
كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ) الانشقاق:6
* قال ابن كثير :
ـ قوله تعالى { يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ } يعم كل إنسان مؤمن وكافر.
ـ قوله تعالى { إِنَّكَ كَادِحٌ } الكادح: هو الساعي بجد ونوع مشقة
ـ قوله تعالى {إلَىٰ رَبِّكَ} يعني أنك تكدح كدحاً يوصلك إلى ربك ، لأننا
سنموت وإذا متنا رجعنا إلى الله .
ـ قوله تعالى (مُلَاقِيهِ) ثم إنك ستلقى ما عملت من خير أو شر .(تفسير ابن كثير 489/4)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
* لكن الفرق بين المطيع والعاصي.
أن المطيع يعمل عملاً يرضاه الله،
ويصل به إلى مرضاة الله يوم القيامة.
والعاصي يعمل عملاً يغضب الله، لكن مع ذلك ينتهي إلى الله عز وجل .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 466/10)
3) مسائل العقيدة في الآيات.
*الإيمان باليوم الآخر( نشر الدواوين ـ الحساب).
قوله تعالى (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ
يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُورًا وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ
ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا *وَيَصْلَىٰ
سَعِيرًا * إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا * إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ
* بَلَىٰ إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا } الانشقاق(7ـ15)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قوله تعالى {ُ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ } يعطى كتابه.
ـ قوله تعالى {ُ بِيَمِينِهِ } يستلمه
باليمنى.
ـ قوله تعالى { فَسَوْفَ
يُحَاسَبُ } يحاسبه
الله تعالى بإحصاء عمله عليه.
ـ قوله تعالى { حِسَابًا يَسِيرًا } حساب يسير، ليس فيه أي عسر.
* كما جاءت بذلك السنة:
أن الله عز وجل يخلو بعبده المؤمن،
ويقرره بذنوبه فيقول: عملت كذا، عملت كذا، عملت كذا، ويقر بذلك ولا ينكر
فيقول الله تعالى: «قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها اليوم» (أخرجه البخاري (2441) ومسلم (2768)
هذا حساب يسير يظهر فيه منّة الله على العبد.
ـ قوله تعالى { وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ } ينقلب من الحساب إلى أهله في الجنة .
ـ قوله تعالى { مَسْرُورًا } مسرور القلب.
وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام:
(أن أول زمرة تدخل الجنة على
صورة القمر ليلة البدر) (أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وانها مخلوقة
(3246) . ومسلم كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب أول زمرة تدخل الحنة (2834)
(14))
ثم هم بعد ذلك درجات، وهذا يدل على سرور القلب؛ لأن القلب إذا سُر استنار
الوجه . .(التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 466/10)
ـ قوله تعالى وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ
}أنه
يؤتى كتابه بالشمال، ولكن تلوى يده حتى تكون من وراء ظهره. الأقرب والله أعلم.
ـ قوله تعالى { فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا} يدعو على نفسه بالثبور، من كلمات الندم
والحسرة.
ـ قوله تعالى { وَيَصْلَىٰ سَعِيرًا} يصلى النار.
ـ قوله تعالى { إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ } ألا يرجع بعد الموت، ولهذا كانوا ينكرون
البعث ويقولون لا بعث.
ـ قوله تعالى { بَلَىٰ إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا
} يعني
أنه سيرجع إلى الله عز وجل الذي هو بصير بأعماله، وسوف يحاسبه عليها على ما تقتضيه
حكمته وعدله.(التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 467/10)
صل الله على نبينا محمد وعلى
اله وصحبه أجمعين
جزء الرابع والعشرون سورة الزمر (3) قــال تـعــالـى ﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللَّهِ لَ...