الخميس، 10 يونيو 2021



جزء الخامس والعشرون سورة الشورى (6)

قـــال تــعــالـى

﴿وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ * وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ * وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ* اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ * فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ * لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ * وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ   سورة الشورى (40ـ 53)

                                          

1) الأحكام الشرعية في الآيات.

    * لا يجوز الاعتداء في القصاص:

لقوله تعالى ﴿ وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾  سورة الشورى (40ـ 43)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

يجب أن تكون المقاصة على وجه العدل فتكون جزاء سيئة سيئةُ مثلها ,لا يزيد لأنه إن زاد فقد ظلم. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 9/563ـ 567)

* قال الشيخ عبدالرحمن السعدي:

ـ قوله تعالى ﴿ وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها ﴾ لا زيادة ولا نقص، فالنفس بالنفس، وكل جارحة بالجارحة المماثلة لها، والمال يضمن بمثله.

ـ قوله تعالى ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ العفو والإصلاح عن المسيء.

 ـ قوله تعالى ﴿ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ أجرا عظيما، وثوابا كثيرا.

ـ قوله تعالى ﴿ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ الذين يجنون على غيرهم ابتداء، أو يقابلون الجاني بأكثر من جنايته، فالزيادة ظلم.

ـ قوله تعالى ﴿ وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ﴾ انتصر ممن ظلمه بعد وقوع الظلم عليه.(تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ706)

* قال ابن كثير:

 ـ قوله تعالى ﴿ فَأُولئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ ﴾ لَيْسَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ فِي الِانْتِصَارِ مِمَّنْ ظَلَمَهُمْ.(تفسير ابن كثير 4/149)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قوله تعالى ﴿ إِنَّمَا السَّبِيلُ﴾ الطريق إلى اللوم والقدح.

ـ قوله تعالى ﴿ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ﴾ يظلمون الناس سواء بأموالهم أو دمائهم أو أعراضهم .

ـ قوله تعالى ﴿وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ يعتدون على غيرهم, ويتجاوزون الحد.

ـ قوله تعالى ﴿ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ كل بغي فهو بغير حق.

ـ قوله تعالى ﴿أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ﴾ مؤلم وموجع.

ـ قوله تعالى ﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ﴾ صبر عن مؤاخذة الظالم.

 ـ قوله تعالى ﴿ وَغَفَرَ﴾ ستر ما حصل عليه من ظلم .

 ـ قوله تعالى ﴿ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ من ذوي العزم ,لأنه تحمل فصبر , وعفا فغفر.

ـ قوله تعالى ﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ﴾ على ما يناله من أذى الخلق.

 ـ قوله تعالى ﴿ وَغَفَرَ﴾ عما يصدر منهم.

 ـ قوله تعالى ﴿إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ لا يوفق لها إلا أولو العزائم والهمم، وذوو الألباب والبصائر. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 9/570ـ572)

                       

2) المسائل العقيدة في الآيات:

* أن الله هو المنفرد بالهداية والإضلال.

لقوله تعالى ﴿ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ * وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ * وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ ﴾ سورة الشورى (44ـ 46)

* قال الشيخ عبدالرحمن السعدي:

         يخبر تعالى أنه المنفرد بالهداية والإضلال. (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ707)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قوله تعالى ﴿ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ﴾  أن من أضله الله.

ـ قوله تعالى ﴿ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ﴾ فلا أحد يهديه .

* ما جرى للنبي ﷺ مع عمه أبي طالب ,مع محبته للرسول ﷺ وشهادته له بالرسالة لكنه لم يذعن ولم يقبل فمات على الشرك.

ـ قوله تعالى ﴿ وَتَرَى الظَّالِمِينَ ﴾ الكافرون .

ـ قوله تعالى ﴿ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ﴾ حين رأوا العذاب بأعينهم.

 ـ قوله تعالى ﴿ يَقُولُونَ هَلْ ﴾ هذا الاستفهام للتمني .

ـ قوله تعالى ﴿ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ﴾ يتمنون أن يكون لهم مرجع للدنيا  ليعملوا صالحا.

ـ قوله تعالى ﴿ وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها﴾ هؤلاء الظالمين يعرضون على النار .

ـ قوله تعالى ﴿ خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ ﴾ ذليلين خائفين من الذل

ـ الباطن خاشعين من الذل.

ـ الظاهر ينظرون من طرف خفي. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 9/573ـ576)

* قال ابن كثير:

ـ قوله تعالى ﴿ وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ يَقُولُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

ـ قوله تعالى ﴿ إِنَّ الْخاسِرِينَ ﴾ الْخَسَارُ الْأَكْبَرُ. (تفسير ابن كثير 4/151)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قوله تعالى ﴿ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ لم يؤمنوا بالله ورسله حياتهم خسارة

أن العاصي قد خسر نفسه وعلى حسب معصيته تكون الخسارة .

ـ قوله تعالى ﴿ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ﴾ خسروا أهليهم لأنه لا يجمع بينهم وبين اهليهم في النار, بخلاف أهل الجنة . (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 9/573ـ576)

* قال ابن كثير:

ـ قوله تعالى ﴿ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ ﴾ دَائِمٍ سَرْمَدِيٍّ أَبَدِيٍّ لَا خُرُوجَ لَهُمْ مِنْهَا وَلَا مَحِيدَ لَهُمْ عَنْهَا.

ـ قوله تعالى ﴿ وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ يُنْقِذُونَهُمْ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ وَالنَّكَالِ

ـ قوله تعالى ﴿ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ﴾ لَيْسَ لَهُ خَلَاصٌ. (تفسير ابن كثير 4/151)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

     يجب على المرء أن يلجأ إلى الله ويسأله الهداية .

ـ الحديث الصحيح:

حدَّثَني أَبُو سَلَمَةَ بنُ عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، قالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ المُؤْمِنِينَ،

 بأَيِّ شيءٍ كانَ نَبِيُّ اللهِ ﷺ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ إذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ؟

 قالَتْ: كانَ إذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ:

( اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وإسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ، عَالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بيْنَ عِبَادِكَ فِيما كَانُوا فيه يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِما اخْتُلِفَ فيه مِنَ الحَقِّ بإذْنِكَ، إنَّكَ تَهْدِي مَن تَشَاءُ إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).أخرجه مسلم (770)

يؤخذ من الآية:  أن يرجع الإنسان في طلب الهداية إلى الله تعالى وحده وأن يعيذه من الضلال. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 9/577)

                      

* الامر بامتثال ما أمر الله به، واجتناب ما نهى عنه:

لقوله تعالى ﴿ اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَما لَكُمْ مِنْ نَكِير* فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ ﴾ (سورة الشورى:47ـ 48)

* قال الشيخ عبدالرحمن السعدي :

ـ قوله تعالى ﴿ اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ﴾ يأمر تعالى عباده بالاستجابة له، بامتثال ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه.

ـ قوله تعالى ﴿ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ ﴾ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْم القيامة .

ـ قوله تعالى ﴿ لَا مَرَدَّ لَهُ ﴾ لا يمكن رده واستدراك الفائت.

ـ قوله تعالى ﴿ مِنَ اللَّه﴾ ليس للعبد في ذلك اليوم ملجأ يلجأ إليه، فيفوت ربه، ويهرب منه. (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ707)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

لأن الأنسان ما يدري متى يفجأه الموت ,وإذا فاجئه الموت انقطع العمل.

ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه, أن النبي ﷺ قال:

 (إذا مات الإنسانُ انقطع عنه عملهُ إلا من ثلاثةٍ: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح) صحيح مسلم : 1631

فلا فرق بين قيام الساعة الكبرى وبين موت الإنسان من حيث انقطاع العمل.

ـ قوله تعالى ﴿ فَإِنْ أَعْرَضُوا ﴾ يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ

ـ قوله تعالى ﴿ فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً ﴾ فلا لوم عليك لأنك لم ترسل عليهم حفيظا على أعماله ولا مسيطر عليهم إنما أرسلت للإبلاغ وقد حصل. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين9/579ـ582)

                        

* حالة الإنسان عند حدوث النعم أو النقم:

لقوله تعالى (وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ﴾ (سورة الشورى: 48)

* قال الشيخ عبدالرحمن السعدي:

ثم ذكر تعالى حالة الإنسان، وأنه إذا أذاقه الله رحمة، من صحة بدن، ورزق رغد، وجاه ونحوه. (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ707)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قوله تعالى ﴿ وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ﴾ أوصلناه إليه حتى كأنها طعام ذاقه لا يشك فيه.

 ـ قوله تعالى ﴿ مِنَّا ﴾ كل نعمة بنا فإنها من الله. الغنى ,الصحة ,الأولاد, الأمن نعم الله لا تحصى .

ـ قوله تعالى ﴿ رَحْمَةً فَرِحَ بِها﴾ فرح بطر والأشر.

الفرح نوعان:

ـ فرح أشر وبطر هذا مذموم

ـ فرح بنعمة الله مع التزام شريعته فهذا ممدوح.

ـ قوله تعالى ﴿ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ﴾ ضد رحمة

ـ قوله تعالى ﴿ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ﴾ بما قدموا من المعاصي وعبر بالأيدي لأن أكثر الأفعال تزاول بها.

ـ قوله تعالى ﴿ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ﴾ المراد به الكافر لأنه هو الذي ينطبق عليه فرح البطر والأشر . (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 9/581ـ582)

* قال ابن كثير :

أَيْ يَجْحَدُ مَا تَقَدَّمَ مِنَ النِّعْمَةِ وَلَا يَعْرِفُ إِلَّا السَّاعَةَ الرَّاهِنَةَ، فَإِنْ أَصَابَتْهُ نِعْمَةٌ أَشِرَ وَبَطِرَ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ مِحْنَةٌ يَئِسَ وَقَنِطَ. (تفسير ابن كثير 4/152)

 

                        

* يهب الله ما يشاء:

لقوله تعالى ﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴾ سورة الشورى(49ـ 50)

* قال ابن كثير :

يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ خَالِقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَالِكُهُمَا وَالْمُتَصَرِّفُ فِيهِمَا، وَأَنَّهُ مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَأَنَّهُ يعطي من يشأ وَيَمْنَعُ مَنْ يَشَاءُ، وَلَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ.(تفسير ابن كثير 4/ 152)

* قال الشيخ محمد العثيمين :

ـ قوله تعالى ﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ أي خلقا وتدبيرا.

ـ قوله تعالى ﴿ يَخْلُقُ مَا يَشاءُ﴾ يوجد بعد العدم ,ولكن الخلق عن تقدير .

ـ قوله تعالى ﴿ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الهبة هي التبرع بالشيء.

ـ قوله تعالى ﴿ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ﴾  أن الأمر إلى الله وحده.

ـ قوله تعالى ﴿ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً﴾ التزويج بمعنى التصنيف. يصنفهم فيجعلهم صنفين.

ـ قوله تعالى ﴿ وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً ﴾ فلا يلد باعتبار الأنثى ولا يولد باعتبار الذكر. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 9/586ـ587)

* قال الشيخ عبدالرحمن السعدي:

ـ قوله تعالى ﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ﴾ بكل شيء.

ـ قوله تعالى ﴿قَدِيرٌ﴾ على كل شيء، فيتصرف بعلمه وإتقانه الأشياء، وبقدرته في مخلوقاته. (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ707)

                       

* إيحاء الله تعالى للأنبياء والمرسلين:

قوله تعالى ﴿ وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ * وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ  سورة الشورى :51ـ53)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قوله تعالى ﴿ وَما كانَ﴾ تدل على الشي الممتنع غاية الامتناع.

ـ قوله تعالى ﴿ لِبَشَرٍ﴾ هم الآدميون سموا بشر ؟ لأن بشرتهم بادية إلا أن يستتروا.

ـ قوله تعالى ﴿ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ ﴾ لا يستطيع البشر أن يكلموه بلا واسطة وهذا من عظمته سبحانه .

ـ قوله تعالى ﴿ إِلاَّ وَحْياً ﴾الوحي ما يحصل للرسول من الإلهام أو الرؤية المناميه.

ـ قوله تعالى ﴿ أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ﴾ يكلمه الله مكالمة صريحة لكن من وراء حجاب والحجاب هو النور.

كما قال النبي ﷺ:

(حِجابُهُ النُّورُ، لو كَشَفَهُ لأَحْرَقَتْ سُبُحاتُ وجْهِهِ ما انْتَهَى إلَيْهِ بَصَرُهُ مِن خَلْقِهِ) أخرجه مسلم (179)

ـ قوله تعالى ﴿ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشاءُ ﴾ وهو جبريل يرسله فيوحي إلى هذا الرسول ما يشاء.

* إيحاء الله تعالى على ثلاثة أوجه:

ـ وحي إلهام

ـ تكليم من وراء حجاب.

ـ إرسال رسول يوحي إلى المرسل إليه ما شاء الله. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 9/589ـ592)

* قال الشيخ عبدالرحمن السعدي:

لا يكون إلا لخواص خلقه، للأنبياء والمرسلين، وصفوته من العالمين.

ـ قوله تعالى ﴿ إِنَّهُ عَلِيٌّ﴾ الذات على الأوصاف، عظيمها على الأفعال، قد قهر كل شيء، ودانت له المخلوقات.

ـ قوله تعالى ﴿  حكيم ﴾ في وضعه كل شيء في موضعه، من المخلوقات والشرائع. (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ707)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قوله تعالى ﴿ وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ﴾ أوحينا إليك يا محمد.

 ـ قوله تعالى ﴿ رُوحاً﴾ القرآن لأنه تحيا به القلوب.

ـ قوله تعالى ﴿ مِنْ أَمْرِنا﴾ أوحى  الله إلى نبيه روحا من أمره.

ـ قوله تعالى ﴿ مَا كُنْتَ تَدْرِي﴾  تعرف قبل الوحي إليك .

ـ قوله تعالى ﴿ مَا الْكِتابُ ﴾ القرآن

ـ قوله تعالى ﴿ وَلا الْإِيمانُ﴾  شرائعه ومعالمه.

ـ قوله تعالى ﴿ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً ﴾ جعلنا الكتاب أو الروح الذي أوحينا إليك.

ـ قوله تعالى ﴿ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا﴾ نهدي بهذا النور من نشاء.

ـ من تمسك به وعمل بما فيه صار القرآن له نوراً يهتدى به.

ـ وأما من أعرض عنه فإنه سيكون حجة عليه ولا ينتفع به .

 ـ قوله تعالى ﴿ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي ﴾ تدل فهي هداية الدلالة.

ـ قوله تعالى ﴿ إِلى صِراطٍ ﴾ طريق

ـ قوله تعالى ﴿ مُسْتَقِيمٍ ﴾ قويم غير معوج, والصراط المستقيم هو دين الإسلام.

ـ قوله تعالى ﴿ صِراطِ اللَّهِ﴾ أضافه الله تعالى إلى نفسه

 باعتبارين:

ـ أنه الذي وضعه لعباده وشرعه لهم.

ـ أنه موصل إليه.

ـ قوله تعالى ﴿ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ﴾  له وحده ما في السموات والأرض ملكاً وخلقاً وتدبيراً.

ـ قوله تعالى ﴿ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ﴾ كل الأمور ترجع إلى الله فهو منه المبتدأ وإليه المنتهى ـ تبارك وتعالى . (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 9/593ـ597)

تم بحمد الله تفسير سورة الشورى

وصل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  جزء الرابع والعشرون سورة الزمر (3) قــال تـعــالـى ﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللَّهِ لَ...