جزء الخامس والعشرون سورة الشورى (5)
قــال تـعــالـى
﴿ وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما
مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ * وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ
فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ * وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ
فِي الْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ * وَمِنْ
آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ * إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ
رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ * أَوْ يُوبِقْهُنَّ
بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ * وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا
مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ * فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ
الدُّنْيا وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ
يَتَوَكَّلُونَ * وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ وَإِذا
مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ * وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ
وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ إِذا
أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ٌ﴾ سورة الشورى (29ـ 39)
1) المسائل العقيدة في الآيات.
* بيان قدرة الله تعالى
لقوله
تعالى﴿ وَمِنْ
آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى
جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ﴾ سورة الشورى :29
* قال الشيخ محمد العثيمين:
ـ قوله تعالى ﴿وَمِنْ آياتِهِ ﴾العلامات الدالة على كمال قدرته وكمال سلطانه.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 9/540)
* قال الشيخ عبدالرحمن السعدي:
ـ قوله تعالى ﴿خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ على عظمهما وسعتهما، الدال على قدرته وسعة
سلطانه.
ـ قوله تعالى ﴿ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا﴾ نشر في السماوات والأرض من أصناف الدواب
التي جعلها اللّه مصالح ومنافع لعباده.(تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ
705)
* قال الشيخ محمد العثيمين:
ـ قوله تعالى ﴿ مِنْ دابَّةٍ﴾ هي كل ما يدب على الأرض من الإنسان وغيره ,فهو من آيات الله.
ـ قوله تعالى ﴿ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ﴾ جمع هذه الدواب يوم الحساب.
ـ
قوله تعالى ﴿ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ﴾ الله قادر على كل شيء على الذي يشاؤه ,والذي لا يشاؤه وهذا من تمام
قدرته الله تعالى . (التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 9/541ـ542ـ543)
* المصائب تكفر الذنوب :
لقوله تعالى ﴿ وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ
وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ﴾ سورة الشورى:30)
* قال الشيخ محمد العثيمين:
ـ قوله تعالى ﴿ وَما أَصابَكُمْ﴾ خطاب للمؤمنين.
ـ قوله تعالى ﴿ مِنْ مُصِيبَةٍ ﴾ بلية وشدة
ـ قوله تعالى ﴿ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾ كسبتم من الذنوب ,لكنه عبر بالأيدي
,لأن أكثر الأفعال تزاول بها .
وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ :
«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا
وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ
حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا» « أخرجه
البخاري في المرضى باب 1، ومسلم في البر حديث 52.
ـ قوله تعالى ﴿ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ﴾ فلا يجازى عليه ,
ـ أما
غير المذنبين فما يصيبهم في الدنيا لرفع درجاتهم في الآخرة.
ـ أما
الكفار ليسوا أهلا للعفو. (التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 9/543ـ544ـ546ـ547)
2) الوعد والوعيد في الآيات:
* الوعيد في الآية:
لقوله تعالى ﴿ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما لَكُمْ
مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ﴾ سورة الشورى :31
* قال الشيخ محمد العثيمين:
تهديد المشركين بعذاب الله وأن الله إذا أراده
لم يعجزه . (التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 9/548)
* قال الشيخ عبدالرحمن السعدي:
ـ قوله تعالى ﴿وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ﴾ أنتم عاجزون في الأرض، ليس عندكم امتناع
عما ينفذه اللّه فيكم.
ـ قوله تعالى ﴿ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ﴾
يتولاكم،
فيحصل لكم المنافع.
ـ قوله تعالى ﴿وَلَا
نَصِيرٍ﴾ يدفع
عنكم المضار. (تيسير
الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ 705)
3) المسائل العقيدة في الآيات:
* آيات الله الدالة على قدرته ورحمته:
لقوله تعالى ﴿ وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ
* إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ
لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ * أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ
كَثِيرٍ * وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ ﴾ سورة الشورى (32ـ 35)
* قال ابن كثير :
من آياته الدالة على قدرته الباهرة وَسُلْطَانِهِ تَسْخِيرُهُ الْبَحْرَ
لِتَجْرِيَ فِيهِ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَهِيَ الْجَوَارِي فِي الْبَحْرِ كَالْجِبَالِ. (تفسير ابن كثير 4/147)
* قال الشيخ عبدالرحمن السعدي:
ـ قوله تعالى ﴿ وَمِنْ آياتِهِ﴾ من أدلة رحمته وعنايته بعباده .
ـ قوله تعالى ﴿الْجَوَار
فِي الْبَحْرِ﴾ من السفن.
ـ قوله تعالى ﴿ كَالْأَعْلَامِ﴾ وهي الجبال الكبار. (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان
الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ 705)
* قال ابن كثير :
ـ قوله تعالى ﴿ إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ ﴾ لَوْ شَاءَ لَسَكَّنَهَا حَتَّى لَا تَتَحَرَّكَ
السفن.
ـ قوله تعالى ﴿ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ ﴾ بل تبقى
رَاكِدَةً لَا تَجِيءُ وَلَا تَذْهَبُ بَلْ وَاقِفَةً
ـ قوله تعالى ﴿ عَلَى ظَهْرِهِ ﴾ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ.(تفسير ابن كثير 4/147)
* قال الشيخ محمد العثيمين:
الأحوال ثلاث:
ـ إما رياح طيبة تسير بها السفينة على ما ينبغي .
ـ وإما رياح عاصفة تغرق السفينة .
ـ وإما سكون تقف رواكد على ظهر البحر.
ـ قوله تعالى ﴿ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ﴾ باعتبار السفن الكثيرة التي تجري في
البحر.
ـ قوله تعالى
﴿ لِكُلِّ صَبَّارٍ ﴾ كثير الصبر
ـ قوله تعالى
﴿ شَكُورٍ ﴾ كثير
الشكر.
هذه السفن إن جرت على ما ينبغي فوظيفة الإنسان الشكر , وإن جرت على
مالا ينبغي فوظيفة الإنسان الصبر.
ـ قوله تعالى ﴿ أَوْ يُوبِقْهُنَّ ﴾ يغرقهن.
ـ قوله تعالى ﴿ بِما كَسَبُوا ﴾ بسبب كسبهم , المعاصي وذلك بترك
الواجبات أو بفعل المحرمات.
ـ قوله تعالى ﴿ وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ﴾ يعفو عن كثير من الذنوب فلا يعاقب
عليها ,ويعفو عن كثير منها فلا يغرق أهلها. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين
9/549ـ550)
* قال الشيخ عبدالرحمن السعدي:
ـ قوله تعالى ﴿وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا﴾
ليبطلوها
بباطلهم.
ـ قوله تعالى ﴿ مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ﴾ لا ينقذهم منقذ مما حل بهم من العقوبة. (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان
الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ 705)
* ما عند الله خير وأبقى.
لقوله تعالى ﴿ فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا
وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
* وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ وَإِذا مَا غَضِبُوا
هُمْ يَغْفِرُونَ * وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ
شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ
الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ﴾ سورة الشورى (36ـ39)
* قال ابن كثير :
يقول تعالى محقرا لشأن الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا وَمَا فِيهَا
مِنَ الزَّهْرَةِ والنعيم الفاني
ـ قوله تعالى ﴿ فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ ﴾ مَهْمَا حَصَلْتُمْ وَجَمَعْتُمْ.
ـ قوله تعالى ﴿ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ دَارٌ دَنِيئَةٌ فَانِيَةٌ زَائِلَةٌ لَا
مَحَالَةَ .
ـ قوله تعالى ﴿ وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى﴾ ثواب الله تعالى خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا
وَهُوَ بَاقٍ سَرْمَدِيٌّ .
ـ قال تعالى ﴿ لِلَّذِينَ آمَنُوا ﴾ لِلَّذِينَ صَبَرُوا عَلَى تَرْكِ الْمَلَاذِّ
فِي الدُّنْيَا .
ـ قوله تعالى ﴿ وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ لِيُعِينَهُمْ عَلَى الصَّبْرِ فِي أَدَاءِ
الْوَاجِبَاتِ وَتَرْكِ المحرمات.(تفسير ابن كثير 4/ 148)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قوله تعالى ﴿ وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ ﴾ بعدهم عن كبائر الذنوب والفواحش.
ـ قوله تعالى ﴿ كَبائِرَ الْإِثْمِ﴾ الكبائر: ما رتب عليه عقوبة خاصة.
كقول النبي ﷺ:
(أَلا أُنَبِّئُكُمْ بأَكْبَرِ الكَبائِرِ قُلْنا: بَلَى يا رَسولَ اللَّهِ،
قالَ: الإشْراكُ باللَّهِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ، وكانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فقالَ:
ألا وقَوْلُ الزُّورِ، وشَهادَةُ الزُّورِ، ألا وقَوْلُ الزُّورِ، وشَهادَةُ الزُّورِ
فَما زالَ يقولُها، حتَّى قُلتُ: لا يَسْكُتُ) صحيح
البخاري: 5976
ـ قوله تعالى ﴿ وَالْفَواحِشَ ﴾ هي موجبات الحدود . (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين
9/557)
* قال ابن كثير :
ـ قوله تعالى ﴿ وَإِذا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ
﴾ سَجِيَّتُهُمْ
تَقْتَضِي الصَّفْحَ وَالْعَفْوَ عَنِ النَّاسِ.
ـ قوله تعالى ﴿ وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ ﴾ اتَّبَعُوا رُسُلَهُ وَأَطَاعُوا أَمْرَهُ
وَاجْتَنَبُوا زَجْرَهُ
ـ قوله تعالى ﴿ وَأَقامُوا الصَّلاةَ﴾ أَقامُوا الصَّلاةَ وَهِيَ أَعْظَمُ الْعِبَادَاتِ
لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
ـ قوله تعالى ﴿ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ ﴾ لَا يُبْرِمُونَ أَمْرًا حَتَّى يَتَشَاوَرُوا
فِيهِ .
ـ قوله تعالى ﴿ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ بالإحسان إلى خلق الله.
ـ قوله تعالى ﴿ وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ
هُمْ يَنْتَصِرُونَ ﴾ فِيهِمْ قُوَّةُ الِانْتِصَارِ مِمَّنْ ظَلَمَهُمْ وَاعْتَدَى عَلَيْهِمْ
.(تفسير
ابن كثير 4/ 148)
صل الله على نبينا محمد
وعلى اله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق