جزء الخامس والعشرون سورة الزخرف (2)
قــال تــعــالــى
﴿وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ
مُبِينٌ * أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ * وَإِذا
بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ
كَظِيمٌ * أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ
* وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ
سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ * وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ مَا عَبَدْناهُمْ
مَا لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ * أَمْ
آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ * بَلْ قالُوا إِنَّا
وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ * وَكَذلِكَ مَا
أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا
وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ * قالَ أَوَلَوْ
جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ
بِهِ كافِرُونَ * فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ
* وَإِذْ
قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلاَّ
الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ
لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ سورة الزخرف (15ـ 28)
1) المسائل العقيدة في الآيات.
* نفي الولد عن الله تعالى:
لقوله
تعالى ﴿وَجَعَلُوا
لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ * أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا
يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ ﴾ سورة الزخرف (15ـ 16)
* قال الشيخ عبدالرحمن السعدي:
يخبر تعالى عن شناعة قول المشركين، الذين جعلوا للّه تعالى ولدا، وهو
الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له كفوا أحد.(تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ
709)
* قال الشيخ محمد العثيمين:
ـ قوله تعالى﴿ وَجَعَلُوا﴾ الضمير يعود على مشركي قريش, وعلى
اليهود , وعلى النصارى أي : صيروا
ـ قوله تعالى﴿
لَهُ ﴾ أي
الله.
ـ قوله تعالى﴿ مِنْ عِبادِهِ﴾ من مخلوقاته ,وجميع المخلوقات عباد لله عز وجل المراد هنا : الملائكة.
ـ قوله تعالى﴿
جُزْءاً﴾ بعضا منه , الولد
جزء من أبيه.
ـ حيث
قالوا: الملائكة بنات الله
ـ واليهود
قالوا : عزير ابن الله
ـ والنصارى
قالوا : المسيح ابن الله .
ـ قوله تعالى﴿ إِنَّ الْإِنْسانَ ﴾ المراد الجنس , إن جنس الإنسان لكفور
بين الكفر
كقوله
تعالى (وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا)الاحزاب :72
ـ قوله تعالى﴿ لَكَفُورٌ مُبِينٌ﴾ واضح الكفر.
ـ قوله تعالى﴿ أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ ﴾
هم
الملائكة الذين زعموا أنهم بنات الله .
ـ قوله تعالى﴿ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ﴾ خصكم بها .
يقولون البنات لله والبنون لنا , هذا منكر وجور.
س: كيف يكون المخلوق ولداً للخالق؟
لا يمكن
,لأن هذا المخلوق منفصل بائن عن الخالق ,فلا يصح أن يكون ولداً له.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 37ـ 40)
* من الجاهلية كره البنات :
لقوله تعالى﴿ وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً
ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ
فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ ﴾ سورة الزخرف (17ـ 18)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
المراد قريشاً وأشباههم الذين يكرهون
البنات ,ويئدونهن.
ـ قوله تعالى﴿ وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ ﴾ أخبر بأنه وُلد له بنت.
ـ قوله تعالى﴿ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ﴾ إذا بشر أحدهم بهذا الذي ضربه مثلا للرحمن .
ـ قوله تعالى﴿ ظَلَّ﴾ صار.
ـ قوله تعالى﴿ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا﴾ بعد أن كان أبيض
ـ قوله تعالى﴿ وَهُوَ كَظِيمٌ ﴾ مملوء غيظاً وحزنا ً.
ـ قوله تعالى ﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ ﴾ يربى
ـ قوله تعالى ﴿فِي الْحِلْيَةِ﴾ الزينة.
ـ قوله تعالى ﴿وَهُوَ فِي الْخِصَامِ﴾ عند الخصومة.
ـ قوله تعالى ﴿غَيْرُ مُبِينٍ﴾ غير مظهر للحجة. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين
10/41ـ44)
* الإنكار أن الملائكة بنات الله:
لقوله تعالى﴿ وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ
إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ * وَقالُوا لَوْ
شاءَ الرَّحْمنُ مَا عَبَدْناهُمْ مَا لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ
يَخْرُصُونَ ﴾ سورة الزخرف (19ـ 20)
* قال ابن كثير :
ـ قوله تعالى﴿ وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ
عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً﴾ أَيِ اعْتَقَدُوا فِيهِمْ ذَلِكَ.
ـ قوله تعالى﴿
أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ﴾ أَيْ شَاهَدُوهُ وَقَدْ خَلَقَهُمُ اللَّهُ إِنَاثًا.
ـ قوله تعالى﴿
سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ﴾ أَيْ بذلك وَيُسْئَلُونَ عَنْ ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.(تفسير ابن كثير 4/158)
* قال الشيخ محمد العثيمين:
افتراء المشركين من وجهين:
1/ أنهم
جعلوا الملائكة إناثا.
2/ أنهم
نسبوهم إلى الله عز وجل . (التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/44ـ45)
* قال الشيخ عبدالرحمن السعدي:
ـ قوله تعالى ﴿ وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ مَا عَبَدْناهُمْ ﴾ فاحتجوا على عبادتهم الملائكة بالمشيئة،
وهي حجة باطلة, فكل عاقل لا يقبل الاحتجاج بالقدر. (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان
الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ 709)
* قال ابن كثير :
ـ قوله تعالى﴿ مَا لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ ﴾ بِصِحَّةِ مَا قَالُوهُ وَاحْتَجُّوا بِهِ.
ـ قوله تعالى﴿
إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾ يُكَذِّبُونَ وَيَتَقَوَّلُونَ.(تفسير ابن كثير 4/158)
* الإنكار على من عبد غير الله .
ـ قوله تعالى﴿ أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ
* بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ
* وَكَذلِكَ مَا أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها
إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ * قالَ
أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ قالُوا إِنَّا
بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ * فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ
عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾ سورة الزخرف (21ـ25)
* قال ابن كثير :
يقول
تعالى منكراً على المشركين في عبادتهم غير الله بلا برهان ولا دليل ولا حجة.(تفسير ابن كثير 4/158)
* قال الشيخ محمد العثيمين:
ـ قوله تعالى﴿ أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ
قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ ﴾
بل هل نحن آتيناهم كتاباً من قبل القرآن فهم به مستمسكون؟
الجواب: لم يقع ذلك , فأول كتاب نزل على العرب
وهو القرآن وهو آخر كتاب ,لأنه لم يبعث
للعرب رسول إلا محمد ﷺ . (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين
10/47)
* قال ابن كثير :
ـ قوله تعالى﴿ بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى
أُمَّةٍ ﴾ دين.
ـ قوله تعالى﴿
وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ﴾ أي وراءهم .
ـ قوله تعالى﴿ مُهْتَدُونَ ﴾ دعوى منهم بلا دليل.(تفسير ابن كثير 4/158)
* قال الشيخ محمد العثيمين:
هذه حجة من حججهم :
ـ احتجوا
في الأول بالقدر لقوله تعالى (وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ مَا عَبَدْناهُمْ)
ـ الآن
احتجوا بالقدوة لقوله تعالى (قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ). (التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/49)
ـ قوله تعالى﴿ وَكَذلِكَ مَا أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ
فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ
وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ ﴾
* قال ابن كثير :
بين الله
جل وعلا أن مقالة هؤلاء قد سبقهم إليها أشباههم من الأمم السابقة المكذبة للرسل.
ـ قوله تعالى﴿ قالَ ﴾ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ
ـ قوله تعالى﴿
أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ قالُوا إِنَّا
بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ ﴾ أَيْ وَلَوْ علموا وتيقنوا صحة ما جئتم
به لما انقادوا لذلك لسوء قَصْدِهِمْ وَمُكَابَرَتِهِمْ لِلْحَقِّ وَأَهْلِهِ.
ـ قوله تعالى﴿ فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ ﴾ مِنَ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ بِأَنْوَاعٍ
من العذاب
ـ قوله تعالى﴿ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ
﴾ أَيْ
كَيْفَ بَادُوا وَهَلَكُوا وَكَيْفَ نَجَّى اللَّهُ المؤمنين.(تفسير ابن كثير 4/159)
2) القصص القرآنية في الآيات:
* قصة إبراهيم عليه السلام:
ـ قوله تعالى﴿ وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي
بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَها
كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ سورة الزخرف (26ـ 28)
* قال ابن كثير :
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ وَخَلِيلِهِ إِمَامِ
الْحُنَفَاءِ وَوَالِدِ مَنْ بُعِثَ بَعْدَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَنَّهُ تَبَرَّأَ
مِنْ أَبِيهِ وَقَوْمِهِ فِي عِبَادَتِهِمُ الْأَوْثَانَ.(تفسير
ابن كثير 4/ 159)
* قال الشيخ محمد العثيمين:
ذكر إبراهيم عليه السلام, لأن إبراهيم تنتمي إليه جميع الأمم
ـ اليهود قالوا : إنه يهودي
ـ والنصارى قالوا : إنه نصراني
ـ والعرب قالوا : إنه متبع ملتنا
فأراد الله أن يبين أن إبراهيم عليه السلام كان برئياً من الشرك
وأهله. (التفسير
الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/54)
* قال الشيخ عبدالرحمن السعدي:
ـ قوله تعالى﴿ وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ﴾ الذين اتخذوا من دون الله آلهة يعبدونهم ,ويتقربون إليهم.
ـ قوله تعالى﴿ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ﴾ مبغض له ,مجتنب معاد لأهله.
ـ قوله تعالى﴿ إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي﴾ أرجو أن يهديني للعلم بالحق ,والعمل الصالح ,فكما فطرني ودبرني
ـ قوله تعالى﴿ فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ﴾ لما يصلح ديني وآخرتي. (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان
الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ 710)
* قال الشيخ محمد العثيمين:
ـ قوله تعالى﴿ وَجَعَلَها﴾ هي كلمة التوحيد
ـ قوله تعالى﴿ كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ﴾ عهد إلى عقبه أن يوحدوا الله عز وجل ,فمنهم من أطاعه , ومن عصاه.
ـ قوله تعالى﴿ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ الرجوع إلى ما كان عليه الأسلاف من الحق. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين
10/57ـ59)
صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق