جزء الأحقاف سورة الحجرات (2)
قــال تــعــالـى
(وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ)سورة الحجرات (9ـ 12)
1) الأحكام الشرعية في الآيات.
* الأمر بالإصلاح بين المؤمنين:
في قوله تعالى (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) سورة الحجرات (9)
* قال ابن كثير :
يَقُولُ تَعَالَى آمرا بالإصلاح بين الفئتين الْبَاغِينَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ.(تفسير ابن كثير 4/267)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
الاقتتال بين المؤمنين له أسباب متعددة ,والشيطان قد يئس أن يعبد في جزيرة العرب ,ولكنه رضي في التحريش بينهم, حتى يكون بعضهم يقتل بعضا.
ـ الحديث الصحيح:
(إنَّ الشَّيْطانَ قدْ أيِسَ أنْ يَعْبُدَهُ المُصَلُّونَ في جَزِيرَةِ العَرَبِ، ولَكِنْ في التَّحْرِيشِ بيْنَهُمْ)أخرجه مسلم (2812)واحمد في مسنده (3/313)
ـ قوله تعالى ﴿ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما ﴾ اسعوا إلى الصلح بكل وسيلة حتى لو كان ببذل المال والتنازل عن الحق لأحدهما عن الآخر .
ـ قوله تعالى ﴿ فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى﴾ لو فرض أنه بعد الصلح عادت إحدى الطائفتين تقاتل الأخرى.
ـ قوله تعالى ﴿ فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي ﴾ نقاتل التي تبغي.
ـ قوله تعالى ﴿ حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ ﴾ ترجع إليه ,وأمر الله دينه وشرعه.
ـ قوله تعالى ﴿ فَإِنْ فاءَتْ ﴾ فإن فاءت إلى أمر الله بعد أن قاتلناها ورجعت ووضعت الحرب .
ـ قوله تعالى ﴿ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ ﴾
وجب أن نصلح بينهما بالعدل وهذا غير الإصلاح الأول
ـ الإصلاح الأول: لوقف القتال .
ـ الإصلاح الثاني : اصلاح ما تلف من كل طائفة ثم نسوي بينهما.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/140)
* قال الشيخ عبدالرحمن السعدي:
ـ قوله تعالى﴿ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ العادلين في حكمهم بين الناس وفي جميع الولايات، التي تولوها.(تيسير الكريم الرحمن الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ 744)
وفي الحديث الصحيح:
" إنَّ المُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ علَى مَنابِرَ مِن نُورٍ، عن يَمِينِ الرَّحْمَنِ عزَّ وجلَّ، وكِلْتا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ في حُكْمِهِمْ وأَهْلِيهِمْ وما ولوا. "أخرجه مسلم (1827) وأحمد في مسنده 2/160) والنسائي (5379)
* المؤمنين إخوة حتى مع القتال:
في قوله تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)سورة الحجرات (10)
* قال الشيخ عبدالرحمن السعدي :
ـ قوله تعالى ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ أخوة توجب أن يحب له المؤمنون، ما يحبون لأنفسهم، ويكرهون له، ما يكرهون لأنفسهم. (تيسير الكريم الرحمن الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ744)
ولهذا قال النبي ﷺ آمرًا بحقوق الأخوة الإيمانية:
"لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا يبع أحدكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا المؤمن أخو المؤمن، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره" أخرجه البخاري في المظالم باب 3، ومسلم في البر حديث 58، وأبو داود في الأدب باب 38، والترمذي في الحدود باب 3، والبر باب 18، وابن ماجة في الكفارات باب 14، وأحمد في المسند 2/ 91. [.....]
وَفِي الصَّحِيحِ «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَوَاصُلِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ» « أخرجه البخاري في الأدب باب 27، ومسلم في البر حديث 66، وأحمد في المسند 4/ 270.
وَفِي الصَّحِيحِ «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» وَشَبَّكَ بين أصابعه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أخرجه البخاري في الصلاة باب 88، والمظالم باب 5، ومسلم في البر حديث 65، والترمذي في البر باب 18، والنسائي في الزكاة باب 67، وأحمد في المسند 4/ 404، 405، 409.
* قال الشيخ محمد العثيمين:
أوجب علينا الإصلاح بين الطائفتين المقتتلتين لأن المؤمنين إخوة, الطائفتان المقتتلتان هما أخوان ونحن إخوة لهم حتى مع القتال.
إذا قال قائل: أليس النبي ﷺ قد قال (سباب المسلم فسوق ,وقتاله كفر)(أخرجه البخاري (48)ومسلم (64) والكافر ليس أخاً للمؤمن ؟
الجواب: إن الكفر الذي ذكره النبي ﷺ هو كفر دون كفر المخرج عن الملة.
ـ قوله تعالى ﴿فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ﴾ كما إنك تصلح بين أخويك الأشقاء من النسب ,فأصلح بين أخويك في الإيمان .
ـ قوله تعالى ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ اتخاذ الوقاية من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه
ـ قوله تعالى ﴿ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ ليرحمكم الله إذا اتقيتموه.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 140ـ141)
* بين الله لعباده الأخلاق الفاضلة:
في قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)سورة الحجرات (11)
* قال ابن كثير :
ـ قوله تعالى ﴿لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ﴾ يَنْهَى تَعَالَى عَنِ السُّخْرِيَةِ بِالنَّاسِ وَهُوَ احْتِقَارُهُمْ وَالِاسْتِهْزَاءُ بِهِمْ.(تفسير ابن كثير 4/268)
* قال الشيخ عبدالرحمن السعدي:
بكل قول، وفعل دال على تحقير الأخ المسلم، وإعجاب الساخر بنفسه.
ـ قوله تعالى ﴿عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ ﴾ وعسى أن يكون خيرًا من الساخر، فإن السخرية، لا تقع إلا من قلب ممتلئ من مساوئ الأخلاق.
ـ قوله تعالى ﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ لا يعب بعضكم على بعض
ـ اللمز: بالقول
ـ الهمز: بالفعل، وكلاهما منهي.
ـ قوله تعالى ﴿وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ﴾ لا يعير أحدكم أخاه، ويلقبه بلقب ذم يكره أن يطلق عليه .
ـ قوله تعالى ﴿بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ﴾ بئسما تبدلتم عن الإيمان والعمل بشرائعه، باسم الفسوق والعصيان. (تيسير الكريم الرحمن الشيخ عبدالرحمن السعدي صـ745)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قوله تعالى ﴿وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ من كان يفعل هذه الأشياء الثلاثة ولم يتب فأولئك هم الظالمون.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 143)
صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق