جزء الذاريات سورة الحديد (5)
قـــال تــعــالــى
(مَا أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى مَا فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ * الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ * وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ * ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا وَقَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها مَا كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) سورة الحديد(22ـ 29)
1) مسائل العقيدة في الآيات.
* من أركان الإيمان (الإيمان بالقدر خيره وشره)
في قوله تعالى (مَا أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى مَا فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ)سورة الحديد (22ـ 23)
* قال ابن كثير:
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ قَدَرِهِ السَّابِقِ فِي خَلْقِهِ قَبْلَ أَنْ يَبْرَأَ الْبَرِيَّةَ.(تفسير ابن كثير 4/400)
*قال الشيخ محمد العثيمين:
ـ قوله تعالى{ مَا أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ } المصيبة في الأرض كالجدب، وقلة الأمطار، وربما يقال أيضاً الفتن والحروب وغيرها .
ـ قوله تعالى { وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ } في نفس الإنسان ذاته من مرض، أو فقد مال، حتى الشوكة يشاكها .
ـ قوله تعالى { إِلاَّ فِي كِتابٍ } هو اللوح المحفوظ، ، فالمصائب التي تصيب الناس هي في أمر سابق.
ـ قوله تعالى { مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها }أن نخلقها، وذلك لأن الله كتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة.
ـ قوله تعالى { إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} إن كتابة هذه المصائب يسير على الله.
ـ قوله تعالى {لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى مَا فاتَكُمْ} لا تأسوا، فلا تندم على ما فات لأنه مكتوب.
ـ قوله تعالى { وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ } لا تفرحوا فرح بطر واستغناء عن الله بما آتاكم من فضله.
ـ قوله تعالى{ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ } مختال في فعله, ومن الاختيال في الفعل أن يجر ثوبه، أو مشلحه، أو عباءته.
ـ قوله تعالى{ فَخُورٍ} فخور في قوله, الفخور هو المعجب بنفسه الذي يقول: فعلت وفعلت.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/309ـ310)
* قال ابن كثير :
ـ قوله تعالى( إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) أَيْ أَنَّ عِلْمَهُ تَعَالَى الْأَشْيَاءَ قَبْلَ كَوْنِهَا وَكِتَابَتَهُ سَهْلٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لِأَنَّهُ يَعْلَمُ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ وَمَا لَمْ يَكُنْ.(تفسير ابن كثير 4/401)
2) الأحكام الشرعية في الآيات .
* النهي عن البخل في الآية:
في قوله تعالى (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) سورة الحديد(24)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قال تعالى {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ} يمنعون ما يجب عليهم بذله من مال، أو جاه، أو علم.
ـ قال تعالى { وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ} يقولون للرجل: لا تنقص من مالك، لا تتعب نفسك في الشفاعة لفلان، لا تتعب نفسك في تعليم العلم.
ـ قال تعالى { وَمَنْ يَتَوَلَّ } يعرض عن طاعة الله.
ـ قال تعالى { فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ} غني بذاته عن جميع مخلوقاته،
ـ قال تعالى { الْحَمِيدُ } المحمود على غناه، لأن الله كثير العطاء.
* الحديث القدسي:
«يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً» (أخرجه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم (رقم 2577)(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/310ـ 311)
3) مسائل العقيدة في الآيات:
* إقامة الحجة للناس بإرسال الرسل وإنزال الكتب.
في قوله تعالى (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) سورة الحديد (25)
* قال ابن كثير :
ـ قال تعالى ( لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ) بِالْمُعْجِزَاتِ، وَالْحُجَجِ الْبَاهِرَاتِ، وَالدَّلَائِلِ الْقَاطِعَاتِ.(تفسير ابن كثير 4/401)
* قال الشيخ محمد العثيمين:
ـ في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم
أن الله تعالى ما بعث نبيًّا إلا آتاه من الآيات ما يؤمن على مثله البشر حتى تقوم الحجة، قال:
«وإنما الذي أوتيته وحي أوحاه الله إليَّ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً» (أخرجه البخاري، كتاب الاعتصام، باب قول النبي ?: بعثت بجوامع الكلم (رقم 7274) . ومسلم، كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد ? إلى جميع الناس (رقم 152) ..
ـ قال تعالى ( وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ) وما من رسول إلا معه كتاب، فيه الأمر والنهي، والخبر والقصص وغير ذلك .
ـ قال تعالى (وَالْمِيزانَ) العدل الذي توزن به الأشياء ويعرف قدرها وحالها.
ـ قال تعالى (لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) ليقوم الناس في الدين والدنيا بالقسط بالعدل في حق الله، وفي حق العباد.
ـ الحديث الصحيح:
ما ذكره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حين قال له:
«أتدري يا معاذ ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟» قال: الله ورسوله أعلم
قال: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً» (أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي ? أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى (7373) ، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعاً (30)
ـ قال تعالى (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ) وضعنا لهم الحديد، وهو معدن معروف من أقوى المعادن .
ـ قال تعالى { فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ } في الحرب، تصنع منه السيوف والخناجر وجميع آلات الحرب.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 311ـ 312ـ313ـ414)
* قال ابن كثير :
أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً تُوحَى إِلَيْهِ السُّوَرُ الْمَكِّيَّةُ، وَكُلُّهَا جِدَالٌ مَعَ الْمُشْرِكِينَ وَبَيَانٌ وَإِيضَاحٌ لِلتَّوْحِيدِ وبينات ودلالات، فَلَمَّا قَامَتِ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ خَالَفَ، شَرَعَ اللَّهُ الْهِجْرَةَ وَأَمَرَهُمْ بِالْقِتَالِ بِالسُّيُوفِ وَضَرْبِ الرِّقَابِ وَالْهَامِ لِمَنْ خَالَفَ الْقُرْآنَ وَكَذَّبَ بِهِ وَعَانَدَهُ.(تفسير ابن كثير 4/402)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قوله تعالى (وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) دينية ودنيوية، فردية وجماعية.
ـ قوله تعالى (وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ ) العلم علمان:
ـ علم بالشيء قبل وجوده.
ـ وعلم بالشيء بعد وجوده.
والعلم السابق لا يترتب عليه ثواب ولا عقاب حتى يمتحن للناس.
ـ قوله تعالى (مَنْ يَنْصُرُهُ ) أي: ينصر دينه.
ـ قوله تعالى (وَرُسُلَهُ) نصر الرسل، إذا كان الرسول حيًّا فالمراد ينصر الرسول نفسه وشريعته، وبعد موته ينصر شريعته.
ـ قوله تعالى (بِالْغَيْبِ) دليل على إخلاصهم، يعبدون الله في الغيب والشهادة.
ـ قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) قوي عزيز غالب, ولا يحتاج إلى أحد.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/314)
* جميع الرسل والأنبياء من ذرية نوح وإبراهيم عليهما السلام:
في قوله تعالى (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ * ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا وَقَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها مَا كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ)سورة الحديد (26ـ 27)
* قال ابن كثير :
ـ قوله تعالى{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ }
يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ مُنْذُ بَعَثَ نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُرْسِلْ بَعْدَهُ رَسُولًا وَلَا نَبِيًّا إِلَّا مِنْ ذُرِّيَّتِهِ وكذلك إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ، لَمْ يُنْزِلْ مِنَ السَّمَاءِ كِتَابًا وَلَا أَرْسَلَ رَسُولًا وَلَا أَوْحَى إِلَى بَشَرٍ مِنْ بَعْدِهِ إِلَّا وَهُوَ من سلالته.(تفسير ابن كثير 4/402)
* قال الشيخ محمد العثيمين:
ـ قوله تعالى(ثُمَّ قَفَّيْنا) اتبعنا.
ـ قوله تعالى { عَلى آثارِهِمْ } آثار نوح وإبراهيم ومن كان من الرسل الآخرين عليهم الصلاة والسلام.
ـ قوله تعالى { بِرُسُلِنا } التابعين لهم.
ـ قوله تعالى {وَقَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} نص على عيسى عليه السلام لأنه ليس بينه وبين محمد صلى الله عليه وسلم رسول، ولا نبي .
ـ قوله تعالى { وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ } هو كتاب أنزله الله على عيسى، ويعتبر مكملاً للتوراة، لأن التوراة هي أم الكتب في بني إسرائيل.
ـ قوله تعالى { وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ)
ثلاثة أشياء جعلها الله في قلوب النصارى الذين اتبعوا عيسى:
ـ رأفة.
ـ ورحمة.
ـ ورهبانية.
ـ قوله تعالى { رَأْفَةً) الرأفة نوع من الرحمة ولكنها أرق وألطف.
ـ قوله تعالى { وَرَحْمَةً) أرحمهم بالخلق لما كانوا على شريعة عيسى عليه السلام، ولكن بعد أن كفروا بمحمد صاروا أغلظ الناس.
ـ قوله تعالى { وَرَهْبانِيَّةً) الانقطاع عن الدنيا للعبادة.
ـ قوله تعالى { ابْتَدَعُوها } يعني من عند أنفسهم.
ـ قوله تعالى { مَا كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ } يعني أنا لم نفرضها عليهم، ولكن هم طلبوا رضوان الله.
ـ قوله تعالى { فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها } يعني ما قاموا برعايتها الواجبة من إحسان هذه الرهبانية التي ابتدعوها، وإنما تصرفوا فيها كما يشاؤون.
ـ قوله تعالى { فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ} أي: ثوابهم.
ـ قوله تعالى { وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ } كثير من هؤلاء النصارى فاسق، خارج عن طاعة الله .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 315ـ316)
* أمة محمد عليه السلام لها مثل أجر الأمم السابقة مرتين:
في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ )سورة الحديد (28ـ 29)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} يا أيها الذين آمنوا، المراد بهم هذه الأمة.
ـ قوله تعالى { اتَّقُوا اللَّهَ } بجوارحكم
ـ قوله تعالى { وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ } حققوا الإيمان واثبتوا عليه.
ـ قوله تعالى { يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ } نصيبين من رحمة الله, أنكم إذا آمنتم وحققتم الإيمان مع التقوى يثبكم ثوابين.
هذه الأمة لها مثل أجر الأمم السابقة مرتين
* ولهذا مثل النبي صلى الله عليه وسلم, هذه الأمة بالنسبة لما قبلها
(كرجل استأجر أجراء، منهم طائفة من أول النهار إلى نصف النهار، وطائفة من نصف النهار إلى العصر، وطائفة من العصر إلى غروب الشمس، فالطائفة الأولى أعطى كل واحد منهم ديناراً، والطائفة الثانية أعطى كل واحد ديناراً، والثالثة أعطى كل واحد دينارين فاحتج الأولون: لماذا تعطي هؤلاء دينارين، وهم أقل منا عملاً؟ فأجابهم بقوله:
«هل نقصتكم من أجركم شيئاً» ؟ قالوا: لا.
قال: «ذلك فضلي أوتيه من أشاء» (أخرجه البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب (رقم 557)
ـ قوله تعالى { وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ } علماً تسيرون به إلى الله.
ـ قوله تعالى { وَيَغْفِرْ لَكُمْ } يسترها عليكم، ويعفو عنكم.
ـ قوله تعالى { وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } ذو مغفرة ورحمة، أن الإنسان محتاج إلى مغفرة ذنوب وقعت منه، وإلى رحمة تسدده ويتجنب بها المعاصي.
ـ قوله تعالى { لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ } لا إعطاء ولا منعاً .
قوله تعالى { وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } صاحب الفضل العظيم، وما أعظم فضل الله على عباده. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/316ـ317)
تم بحمد الله تفسير (جزء الذاريات)
نسأل الله أن ينفعنا بما علمنا وأن يجعله خالصا لوجه الكريم.
وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق