الأحد، 31 يناير 2021


جزء الذاريات سورة الحديد(1)                   

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ * يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) سورة الحديد (1ـ 6)

                                                     

1) مسائل العقيدة في الآيات.

  * تنزيه الله تعالى عن كل نقص وعيب:

في قوله تعالى (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) سورة الحديد (1)

* قال ابن كثير:

يُخْبِرُ تَعَالَى أنه يسبح لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَيْ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ وَالنَّبَاتَاتِ.(تفسير ابن كثير 4/385)

* قال الشيخ محمد العثيمين :

ـ قوله تعالى { سَبَّحَ لِلَّهِ } نزه الله عن كل عيب ونقص، وعن مماثلة المخلوقين.

ـ قوله تعالى { مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ } كل ما في السماوات والأرض، فإنه يسبح الله وينزهه، ويشمل الآدمي، والجن، والملائكة، والحشرات، والحيوانات

وهل يسبحه بلسان المقال أو بلسان الحال؟

ـ التسبيح بلسان المقال: أن يقول :"سبحان الله"

ـ التسبيح بلسان الحال : أن تنظيم السماوات والأرض على ماهي عليه يدل على كمال الله .

 الجواب: أنه يسبح الله بلسان الحال وبلسان المقال.

إلا الكافر، فإنه يسبح الله بلسان الحال لا بلسان المقال؛ لأن الكافر يصف الله بكل نقص، يقول: اتخذ الله ولداً، ويقول: إن معه إلهاً، وربما ينكر الخالق أصلاً،

لكن حاله وخلقته وتصرفه تسبيح لله .

ـ قوله تعالى { وَهُوَ الْعَزِيزُ} العزيز يعني ذو العزة، والعزة هي الكبرياء والغلبة والسلطان وما أشبه ذلك.

ـ قوله تعالى { الْحَكِيمُ } والحكيم لها معنيان:

ـ ذو الحكمة :هي أن جميع أفعاله وأقواله وشرعه حكمة.

ـ ذو الحكم التام : الله تعالى له الحكم في الأمور الشرعية والأمور القدرية.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 284ـ285)

                           

* بيان قدرة الله تعالى :

في قوله تعالى (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )سورة الحديد (2ـ 3)

* قال الشيخ محمد العثيمين :

ـ قوله تعالى { لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} لله تعالى وحده ملك السماوات والأرض خلقاً وتدبيراً، فلا يملك السماوات والأرض أحد إلا الله عز وجل.

ـ قوله تعالى  {يُحْيِي وَيُمِيتُ} يجعل الجماد حياً، ويميت ما كان حياً.

ـ قوله تعالى  { وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } هذه جملة خبرية عامة في كل شيء من موجود ومعدوم، والقدرة صفة تقوم بالقادر حيث يفعل الفعل بلا عجز.

ـ قوله تعالى  { هُوَ الْأَوَّلُ } الذي ليس قبله شيء, فكل الموجودات بعد الله فليس معه أحد ولا قبله.

 ولهذا فسر النبي صلى الله عليه وسلم :

{الأَول الذي ليس قبله شيء) أخرجه مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب ما يقول عند النوم (رقم 2713)

ـ قوله تعالى  { وَالْآخِرُ } الذي ليس بعده شيء.

فهو الأول لا ابتداء له، والآخر لا انتهاء له، ليس بعده شيء.

ـ قوله تعالى  { وَالظَّاهِرُ } فكل المخلوقات تحته جل وعلا، فليس فوقه شيء.

ـ قوله تعالى  { وَالْباطِنُ } لا يحول دونه شيء، خبير عليم بكل شيء.

ـ قوله تعالى  { وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } كل شيء فالله عليم به.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 286)

                           

* خلق الله السموات والأرض بكل نظام وتقدير:

في قوله تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ)سورة الحديد(4)

  * قال الشيخ محمد العثيمين :

ـ قوله تعالى{ هُوَ الَّذِي خَلَقَ) أوجدها بكل نظام وتقدير.

ـ قوله تعالى{ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) والسماوات سبع والأرضون سبع، والأرض سابقة على السماء.

ـ قوله تعالى (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) خلقها الله عز وجل في ستة أيام، والأيام أطلقها الله وإذا أطلق يحمل على المعروف المعهود وهي أيامنا هذه.

وقد جاء في الحديث أنها الأحد، والاثنين، والثلاثاء، والأربعاء، والخميس، والجمعة.

فالجمعة منتهى خلق السماوات والأرض ومبتدؤه الأحد ,والسبت ليس فيه خلق لا ابتداء ولا انتهاء .

(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 287ـ288)

 

                           

* استواء الله تعالى على عرشه:

في قوله تعالى (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ )سورة الحديد(3)

 * قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قوله تعالى { ثُمَّ) تفيد الترتيب، أي أن خلق السماوات والأرض سابق .

ـ قوله تعالى { اسْتَوى عَلَى ) الاستواء في اللغة العربية إذا تعد بـ (على) كان معناها العلو، استوى عليه يعني على وجه يليق بجلاله، ولا يمكن أن نمثله بخلقه لأن الله ليس كمثله شيء.

* مذهب المبتدعة في هذا الصفة.

وقد فسرها أهل التعطيل بالاستيلاء .

  الرد عليهم:

 1/ قولهم خلاف ظاهر النصوص.

 2/ خلاف طريقة السلف .

 3/ ليس عليه دليل صحيح.

4/ أنه لا يعرف في اللغة العربية بهذا المعنى.

5/ أنه يلزم عليه لوازم باطلة مثل أنّ العرش لم يكن ملكاً لله ثم استولى عليه بعد. (شرح كتاب لمعة الاعتقاد الشيخ محمد العثيمين صـ 63)

ـ قوله تعالى { الْعَرْشِ } والعرش مخلوق عظيم لا يعلم قدره إلا الله عز وجل.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 288)

 

                               

* سعة علم الله تعالى :

في قوله تعالى (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)سورة الحديد(4)

  • قال الشيخ محمد العثيمين :

ـ قوله تعالى { يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ } ما يدخل فيها من جثث الموتى، ومن الحبوب التي تنبت بإذن الله، ومن المياه التي يسلكها الله ينابيع في الأرض ثم يخرجها، وغير ذلك من الحشرات وغيرها، فكل ما يلج في الأرض يعلمه الله.

ـ قوله تعالى { وَما يَخْرُجُ مِنْها } من النبات والمياه والمعادن وغيرها.

ـ قوله تعالى { وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ) من الملائكة والأمطار والشرائع وغير ذلك.

ـ قوله تعالى { وَما يَعْرُجُ فِيها } من الأشياء ما يصل إلى السماء الدنيا ويقف

ومنها ما يعرج في السماء الدنيا حتى يصل إلى الله .

ـ قوله تعالى { وَهُوَ مَعَكُمْ } مصاحب لكم، ليست صحبة مكان ,والمصاحب قد يكون بعيد عنك.

  كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:

«اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل» (أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره (1342) .

نؤمن بأن الله معنا إذن هو عالم بنا، سميع لأقوالنا، بصير بأفعالنا، له القدرة علينا والسلطان، ومدبر لنا بكل معنى تقتضيه المعية.

ـ قوله تعالى {أين ما كنتم} في أي مكان.

ـ قوله تعالى {والله بما تعملون بصير} بما تعملون من الأعمال كلها بصير، والبصر هنا :

ـ يشمل بصر الرؤية.

ـ ويشمل بصر العلم.

  قال النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه:

«حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه» (أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب في قوله عليه السلام: إن الله لا ينام وفي قوله حجابة النور ... (رقم 179) .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 289ـ290)

 

                        

* الملك والتدبير لله تعالى وحده.

في قوله تعالى (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ * يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ)سورة الحديد(5ـ 6)

  • قال الشيخ محمد العثيمين :

ـ قوله تعالى { لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} لله تعالى وحده ملك السماوات والأرض خلقاً وتدبيراً، فلا يملك أحد إلا الله لا استقلالاً ولا مشاركة.

ـ قوله تعالى { وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} كل الأمور أي الشؤون العامة والخاصة، الدينية، والدنيوية، والأخروية كلها ترجع إلى الله .

ـ قوله تعالى { يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ }يولج أي يُدخل الليل في النهار، ويولج النهار أي يُدخله في الليل، وهذا يعني اختلاف الليل والنهار في الطول والقصر

 ـ أحياناً يبدأ الليل في الزيادة فيدخل على النهار.

ـ وأحياناً يبدأ الليل ينقص ويزيد النهار، فيدخل النهار على الليل.

ولا أحد يقدر على ذلك إلا الله سبحانه وتعالى.

ـ قوله تعالى { وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ } صاحبة الصدور يعني القلوب، إذن هو عليم بما في القلب، فطهِّر قلبك من الرياء والنفاق، والغل على المسلمين والحقد والبغضاء، لأن قلبك معلوم عند الله عز وجل .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 291)

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  جزء الرابع والعشرون سورة الزمر (3) قــال تـعــالـى ﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللَّهِ لَ...