الأربعاء، 2 ديسمبر 2020


جزء الذاريات تفسير سورة الطور (3)

قـــال تــعــالــى

(وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ * فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ * يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ * وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ * وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ)سورة الطور (44ـ 49)

                                                       

1) الوعد والوعيد في الآيات :

     * الوعيد في الآية :

في قوله تعالى (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ * فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ * يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ * وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) سورة الطور (44ـ 47)

* قال الشيخ محمد العثيمين :

ـ قوله تعالى{ وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ} الكسف معناه قطع العذاب.

ـ قوله تعالى { سَحابٌ مَرْكُومٌ} وهذا يدل على أنهم يرون أنهم على حق، وأنهم غير مستحقين للعذاب، وأن هذا الكسف النازل قطع العذاب ماهي إلا سحب متراكمة.

وهذا كقول عاد حين رأوا الرياح مقبلة عليهم قالوا (هَٰذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا)الاحقاف :24)

لأن هؤلاء المكذبين إذا رأوا العذاب قالوا: هذا شيء عادي، ولن نهابه ولن نخافه.

قال تعالى { فَذَرْهُمْ } أتركهم.

ـ قوله تعالى{ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ} وهو يوم موتهم

يعني اترك هؤلاء فإن مآلهم إلى الموت وإن فروا.

وهم إذا لاقوا يومهم الذي يوعدون عرفوا أنهم على باطل، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم على الحق .

ـ قوله تعالى{ يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ} فإذا جاءهم الموت ما أغنى عنهم كيدهم شيئاً؛ لأنهم في قبضة الله، وقد انتهى استعتابهم، وليس أمامهم إلا العذاب .

ـ قوله تعالى{ وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا} والمراد بهم الكفار.

ـ قوله تعالى{عَذاباً دُونَ ذلِكَ} يعني دون عذاب الموت، وهو ما أصيبوا به من الجدب والقحط والخوف والحروب وغير ذلك مما كان قبل الموت.

ـ قوله تعالى { وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} بل أكثرهم في غفلة عن هذا، ولا يظنون أن ذلك من العذاب في شيء.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/214ـ215)

                                

2) مسائل العقيدة في الآيات .

  * عناية الله وحفظه لنبيه محمد عليه الصلاة والسلام:

في قوله تعالى ( وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ * وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ)سورة الطور (48ـ 49)

ـ قوله تعالى{ وَاصْبِرْ } اصبر يا محمد عليه الصلاة والسلام، والصبر حبس النفس عما لا ينبغي فعله.

ـ قوله تعالى { لِحُكْمِ رَبِّكَ} يشمل الحكم الكوني والحكم الشرعي

ـ الحكم الشرعي: اصبر لما حكم به ربك من وجوب إبلاغ الرسالة وإن أصابك ما يصيبك.

ـ الحكم القدري الكوني: وهو ما يقدره الله تعالى عليك من هؤلاء السفهاء من السخرية والعدوان والظلم، ولقد أوذي النبي صلى الله عليه وسلم كما أوذي إخوانه من المرسلين، أوذي إيذاءً عظيماً.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10215)

* قال ابن كثير :

أي: اصبر على أذاهم ولا تبالي فإنك بمرأى منا وتحت كلاءتنا والله يعصمك من الناس.(تفسير ابن كثير 4/ 311)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قوله تعالى { فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا } أي: فإننا نراك بأعيننا ونراقبك ونلاحظك، ونعتني بك.

مثل هذا الأسلوب لا يعني أن مخاطبه حال في عينه، بل المعنى :

أنت مني على مرأى، وعلى رقابة، وعلى حماية.

* إثبات صفة العين لله تعالى :

وفي هذه الآية إثبات العين لله وهي حقيقية ولكنها لا تماثل أعين الخلق .

لقوله تعالى( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)سورة الشورى :11

ـ قوله تعالى{ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ } قل: سبحان الله وبحمده.

ـ قوله تعالى { حِينَ تَقُومُ} من أي شيء، حين تقوم من مجلسك، أو حين تقوم من منامك، فهي عامة.

حَدَّثَنَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

«مَنْ تَعَارَّ  مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ. ثُمَّ قَالَ، رَبِّ اغْفِرْ لِي- أَوْ قَالَ ثُمَّ دَعَا- اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ عَزَمَ فَتَوَضَّأَ ثم صلى قبلت صِلَاتُهُ» تعار: أي استيقظ. أخرجه البخاري في التهجد باب 21، والترمذي في الدعوات باب 26، وابن ماجة في الدعاء باب 16، والدارمي في الاستئذان باب 53.

ـ قوله تعالى {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ}

 * قال ابن كثير :

وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ أَيِ اذْكُرْهُ وَاعْبُدْهُ بِالتِّلَاوَةِ والصلاة في الليل.(تفسير ابن كثير4/ 312)

* قال الشيخ محمد العثيمين :

 يعني وسبح ربك من الليل لا كل الليل، و (من) هنا للتبعيض

ولهذا لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم بأقوام من أصحابه قال أحدهم:(أنا أقوم ولا أنام)

قال النبي صلى الله عليه وسلم:

«أما أنا فأقوم وأنام، ومن رغب عن سنتي فليس مني» أخرجه البخاري، كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح (5063) ومسلم، كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنه ... (1401) ..

ـ قوله تعالى{ وَإِدْبارَ النُّجُومِ } يعني وقت أدبارها.

والمراد بذلك صلاة الفجر لأن صلاة الفجر بها تدبر النجوم. .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/215)

* قال ابن كثير :

فِي حَدِيثِ ابْنِ عباس، أنهما الركعتان اللتان قبيل صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَإِنَّهُمَا مَشْرُوعَتَانِ عِنْدَ إِدْبَارِ النُّجُومِ أي عند جنوحها للغيبوبة.

وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها قَالَتْ:

 لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على شيء من النَّوَافِلِ أَشَدَّ تَعَاهُدًا مِنْهُ عَلَى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ. « أخرجه البخاري في التهجد باب 27.

 وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ :

«رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»« أخرجه مسلم في المسافرين حديث 96".(تفسير ابن كثير 4/312)

تم بحمد الله تفسير سورة الطور

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  جزء الرابع والعشرون سورة الزمر (3) قــال تـعــالـى ﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللَّهِ لَ...