السبت، 28 نوفمبر 2020


جزء الذاريات (سورة الذاريات (3)

قـــــال تـــعــــالــى

(قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ * قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ * لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ * فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ * وَفِي مُوسى إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ* فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ * فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ * وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ * مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ * وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ * فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ * فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ * وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) سورة الذاريات (31ـ46)


 القصص القرآنية :

  (قوم لوط ,وفرعون ,وعاد, وثمود ,وقوم نوح)

  1) قصة قوم لوط :

في قوله تعالى (قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ* قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ * لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ * فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ)الذاريات (31ـ 36)

* قال ابن كثير:

قَالَ اللَّهُ تعالى مخبرا عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام( فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ.)(تفسير ابن كثير 4/300)

* قال الشيخ محمد العثيمين :

ـ قوله تعالى { قالَ فَما خَطْبُكُمْ } هو إبراهيم عليه الصلاة والسلام، أي ما شأنكم

ـ قوله تعالى (أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ) وهم الملائكة.

ـ قوله تعالى { قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا ) يعني أرسلنا الله عز وجل

 لأنه من المعلوم أنه لا يرسل أحداً من الملائكة إلا خالقهم سبحانه وتعالى .

ـ قوله تعالى { إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ } أي: ذوي جرم عظيم ألا وهو اللواط - والعياذ بالله .

فإنهم كانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء، فيأتون ما لم يخلق لهم،ويدعون ما خلق لهم.

وهذه الفاحشة فاحشة نكراء، لا يقرها عقل، ولا فطرة، ولا دين، ولهذا كانت عقوبتها القتل للفاعل والمفعول به، إذا كانا بالغين عاقلين، سواء كان محصنين أم غير محصنين، بخلاف الزنى

 فالزنى أهون عقوبة، لأن الزنى من لم يكن محصناً فعقوبته أن يجلد مائة جلدة ويغرب عن البلد سنة كاملة.

وإن كان محصناً وهو الذي قد تزوج وجامع: فعقوبته أن يرجم بالحجارة حتى يموت.

أما هذا فعقوبته القتل بكل حال

كما جاء في الحديث: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به» (أخرجه الترمذي، كتاب الحدود، باب ما جاء في حد اللوطي (1456)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:

 أجمع الصحابة - رضي الله عنهم - على قتل اللوطي فاعلاً كان أو مفعولاً به، لكنهم اختلفوا: كيف يقتل؟

 منهم من قال: يحرق.

ومنهم من قال: يرمى بالحجارة حتى يموت كالزاني المحصن.

ومنهم من قال: يلقى من أعلى شاهق في البلد، يعني في مكان مرتفع، أعلى ما يكون في البلد، ثم يتبع بالحجارة حتى يموت.

فالمهم أنهم متفقون على قتله، ولا شك أن قتله هو الحكمة

لأن هذه الفاحشة متى دبت في الرجال صار الرجال كالنساء، وبدأ الذل والعار والخزي على وجه المفعول به، لا ينساه حتى يموت، ثم استغنى الرجال بالرجال وبقيت النساء - والعياذ بالله –

ـ قوله تعالى{ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ } حجارة من طين، لكنه ليس الطين الذي يتفتت بل الصلب العظيم الذي إذا أصابت هذه الحجارة أحداً من الناس وضربته على رأسه خرجت من دبره، لا يردها عظم ولا لحم، لقوتها وشدتها وصلابتها - والعياذ بالله –

ـ قوله تعالى { مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ}أي: معلمة عند الله، يعني عليها علامة، فهذه الحجارة معلمة عند الله, هذه الحجارة لفلان، هذه الحجارة لفلان، مسومة عند ربك.

ـ قوله تعالى { لِلْمُسْرِفِينَ } أي: للمتجاوزين حدودهم، ولا شك أن اللواط مجاوزة للحد والإسراف - والعياذ بالله

ـ قوله تعالى { فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } أخرجناهم أي: أمرناهم أمراً قدرياً فخرجوا, فأخرج الله من كان فيها من المؤمنين، وهم لوط وأهله إلا امرأته.

ولهذا قال تعالى { فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ } بيت واحد.

أما المؤمنون فقد نجوا، وأما البيت فهو بيت إسلام

لأن المظهر في هذا البيت - بيت لوط - أنه بيت إسلامي، حتى امرأته لم تتظاهر بالكفر، تظاهرت بأنها مسلمة.

قال تعالى (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۖ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا) التحريم :10)

كفر مستور وهو خيانة من جنس النفاق ,ولهذا المجتمع الذي فيه المنافقون

"إنه مجتمع مسلم " وإن كان فيه منافقون ,لأن المظهر مظهر إسلام .

ـ قوله تعالى (مِنَ الْمُسْلِمِينَ } لأن امرأته ليست مؤمنة، ولكنها مسلمة.

ـ قوله تعالى { وَتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ) أي علامة.

فهذه الآية حسية ومعنوية:

ـ آية الحسية: فما نشاهد مكان قريتهم التي تسمى بحيرة لوط، فإن هذا كان موضع القرية، كل يمر به ويراه ويشاهده.

ـ آية معنوية : كل من قرأ قصتهم في جميع ما وردت فيه من السور الكريمة اعتبر واتعظ وخاف.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 190ـ 191)


                                                          

2) قصة موسى مع فرعون :

في قوله تعالى (وَفِي مُوسى إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ * فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ * فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ) الذاريات (38ـ 40)

* قال الشيخ محمد العثيمين :

يَقُولُ تَعَالَى(وَفِي مُوسى إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ ) يعني في موسى آيات من آيات الله عز وجل، حين أرسله الله تعالى إلى فرعون.

وفرعون :علم جنس على كل من حكم مصر وهو كافر.

وموسى بن عمران عليه السلام: أفضل أنبياء بني إسرائيل، وهو في المرتبة الثالثة من الفضل بالنسبة لأولي العزم الخمسة، فإن أفضلهم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم نوح، وعيسى عليهم الصلاة والسلام.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/192)

* قال ابن كثير :

 ـ قال تعالى (بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) أَيْ بِدَلِيلٍ بَاهِرٍ وَحُجَّةٍ قَاطِعَةٍ

 ـ قال تعالى (فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ) أَيْ فَأَعْرَضَ فِرْعَوْنُ عَمَّا جَاءَهُ بِهِ مُوسَى مِنَ الْحَقِّ الْمُبِينِ اسْتِكْبَارًا وَعِنَادًا, أَيْ مُعْرِضٌ عَنِ الْحَقِّ مُسْتَكْبِرٌ.(تفسير ابن كثير 4/ 300)

* قال الشيخ محمد العثيمين :

  ـ قوله تعالى(وَقالَ ساحِرٌ ) يعني أنه اتهم عليه الصلاة والسلام بأنه ساحر

 لأنه أتى بآيات تشبه ما يصنعه السحرة:

ـ عصا من خشب توضع في الأرض وتكون ثعباناً مبيناً .

ـ ويد تدخل في الجيب وتخرج بيضاء في الحال، هذا يشبه السحر.

  ـ قوله تعالى {أَوْ مَجْنُونٌ} وذلك بكونه يدعي أن الله وحده خالق السموات والأرض وهو الرب وهو الإله، لأنهم كانوا لا يعرفون الإله إلا فرعون .

فإذا جاء شخص يقول:

إن الله هو رب العالمين، وأن فرعون ليس إلهاً ولا ربًّا. فإنهم يرمونه بالجنون، هذا مجنون خرج عما نعهد.

ـ قال تعالى( أَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ) أي طرحناهم فيه.

ـ قال تعالى (فِي الْيَمِّ )هو البحر.

والبحر الذي هلك فيه فرعون هو البحر الأحمر، الذي بين آسيا وأفريقيا، وذلك أن فرعون جمع جنوده وحشدهم وأراد أن يقضي على موسى وقومه

 فخرج موسى عليه السلام وقومه من مصر متجهين إلى الشرق، ولكن حال بينهم وبين مرادهم البحر، فلما وصلوا إلى البحر, كان البحر بين أيديهم، وفرعون وقومه خلفهم

فأوحى الله تعالى إليه أن يضرب البحر بعصاه، فضربه فانفلق اثنتي عشرة طريقاً في الحال ويبس في الحال، وصار صالحاً للمشي عليه في الحال

 فعبر موسى وقومه من هذه الطرق العظيمة التي كان الماء بينها كالجبال ولما انتهوا خارجين كان فرعون في أثرهم وانتهوا داخلين.

فأمر الله - عز وجل - بقدرته وسلطانه البحر أن يعود إلى ما كان عليه، فانطبق على فرعون وقومه فهلكوا عن آخرهم.

ـ قوله تعالى{وَهُوَ مُلِيمٌ) أي: فرعون فاعل ما يلام عليه ولا شك أن رده للرسالة الإلهية، وادعائه أنه الرب.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 193)

                              

3) قصة قوم عاد:

في قوله تعالى (وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ)سورة الذاريات :42

* قال الشيخ محمد العثيمين :

عاد في جنوب الجزيرة العربية، وكانوا قوماً أشداء فأصابهم القحط والجدب فجعلوا يترقبون المطر، فأرسل الله عليهم الريح العظيمة الشديدة  

ـ قال تعالى (الرِّيحَ الْعَقِيمَ) التي ليس لهم فيها ثمرة ولم تحمل ماء

 كالمرأة العقيم التي لا تلد، هذه أيضاً ريح عظيمة لا تحمل سحاباً ولا مطراً، هذه الريح العقيم هي الريح الغربية.

 كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام:

«نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور» (أخرجه البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة الخندق وهي الأحزاب (4105) ومسلم، كتاب صلاة الاستسقاء، باب في ريح الصبا والدبور (900)

 أي: بالريح الغربية، أرسل الله عليهم هذه الريح العقيم

ـ قال تعالى { مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) كل شيء تأتي إليه تجعله كالرميم هامداً، حتى إنها تأخذ الرجل - والعياذ بالله – إلى فوق ثم ترده إلى الأرض هلكوا عن آخرهم.


 تأمل الآية: قوم عاد قوم أقوياء أشداء هلكوا بهذه الريح اللطيفة، التي لا ترى لها جسماً، وإنما تحس بها بدون أن ترى شيئاً، ومع ذلك قضت عليهم بأمر الله عز وجل .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 193ـ194

                              

4) قصة قوم ثمود:


في قوله تعالى (وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ * فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ * فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ)سورة الذاريات (43ـ 45)

* قال الشيخ محمد العثيمين :

ثمود هم الذين أرسل الله إليهم نبيه صالحاً - عليه الصلاة والسلام - فوعظهم وذكرهم، وجعل لهم آية وهي الناقة التي شرفها الله تعالى بإضافتها إلى نفسه الكريمة.

تشرب من البئر التي تسمى بئر الناقة، ولهم شرب يوم معلوم يشربونه، فالناقة تشرب يوماً وهم يشربون يوماً.

لكنهم كذبوا وأبوا وتوعدهم عليه الصلاة والسلام أن يتمتعوا في دارهم ثلاثة أيام، ولكنهم مازالوا على كفرهم وإنكارهم.

 ولهذا قال تعالى{ وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ } وديارهم معروفة الآن، موجودة في مكان يسمى الحجر، ويسمى الآن ديار ثمود.

وقد مر بها النبي صلى الله عليه وسلم في ذهابه إلى تبوك، لكنه عليه الصلاة والسلام أسرع حين مر بهذه الديار وقنع رأسه، ونهى أمته أن يدخلوا إلى هذه الأماكن، أماكن المعذبين إلا أن يكونوا باكين.

   قال صل الله عليه وسلم :

«فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوها أن يصيبكم ما أصابهم» (أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب الصلاة في مواضع الخسف والعذاب (433) ، ومسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم (2980) (38) .

قال قائل: إنه يوجد أناس يذهبون إلى هذه الأماكن وهم غير باكين ولم يصابوا بشيء.

فنقول: الجواب عن هذا من وجهين:

أولاً: أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يؤكد أن يصابوا بهذا، ولكن قال: «حذار أن يصيبكم مثل ما أصابهم» (. أخرجه مسلم في الموضع السابق (2980) (39) .

الثاني: لا يتعين أن يكون المراد بذلك أن يأخذوا بما أخذ به هؤلاء من العقوبة الحسية الظاهرة، وهي الرجفة والصيحة التي أماتتهم عن آخرهم

 فقد يكون المراد مرض القلب، الذي هو الاستكبار والإعراض ورد الحق.

ـ قوله تعالى { إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ } هذا الحين هو ثلاثة أيام .

ـ قوله تعالى { فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ } أي: فأبوا ولم يرجعوا عن غيهم .

ـ قوله تعالى { فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ } التي صعقتهم، وهي رجفة وصيحة.

ـ قوله تعالى { وَهُمْ يَنْظُرُونَ } أي: ينظر بعضهم إلى بعض يتهاوون ويتساقطون أمواتاً.

ـ قوله تعالى { فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ } أي: ما استطاعوا أن يقوموا

ـ قوله تعالى { وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ } أي: لم يتمكن بعضهم أن ينصر بعضاً، بل كلهم هلكوا عن آخرهم.

وهكذا يفعل الله تعالى بمن كذب أولياءه، وهكذا يفعل الله تعالى بمن كذب رسله عليهم الصلاة والسلام.

إلا أن العذاب المستأصل رفع عن هذه الأمة

 فإن النبي صلى الله عليه وسلم :

دعا ربه سبحانه وتعالى ألا يأخذهم بسنة بعامة، أي بعقوبة عامة، لكن ابتلوا بشيء آخر وهو أن يقتل بعضهم بعضاً، ويسبي بعضهم بعضاً (أخرجه مسلم، كتاب الفتن، باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض (2889) 

والأمر كذلك وقع، فإن هذه الأمة لم تصب بعذاب عام كما أصيبت به الأمم التي قبلها.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 194ـ 195)

                              

 

5) قصة قوم نوح :

* قال الشيخ محمد العثيمين :

في قوله تعالى (وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ )الذاريات: 46

يعني اذكر قوم نوح من قبل، وهم أول أمة أرسل إليهم الرسول، ولكنهم كذبوا، ونوح عليه الصلاة والسلام بقي فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم إلى الله ويذكرهم ويعظهم.

ولهذا والله أعلم سيكون عليهم نصيب من عذاب المكذبين

لأنهم هم أول أمة كذبت الرسل، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة (أخرجه مسلم، كتاب العلم، باب من سن سنة حسنة أو سيئة ومن دعا إلى هدى أو ضلالة (1017)(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 195)

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  جزء الرابع والعشرون سورة الزمر (3) قــال تـعــالـى ﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللَّهِ لَ...