الاثنين، 12 أكتوبر 2020

 

جزء تبارك (سورة الإنسان (2)

قــــال تـــعـــالـــى

(فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً * وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً * مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً * وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً * وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا * قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً * وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً * عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً * وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً *عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً *إِنَّ هَذَا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً * إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً *فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً * وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً *إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً * نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً * إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً * وَما تَشاؤُنَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً * يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً)سورة الإنسان (10ـ 31)

     


1) الوعد والوعيد في الآيات .

   * الوعد في الآيات :

في قوله تعالى (فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً * وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً *مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً * وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً * وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا * قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً * وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً * عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً * وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً * عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً * إِنَّ هَذَا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً)سورة الإنسان (11ـ 22)

* قال ابن كثير :

ـ قوله تعالى  (فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً )

 قَالَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَقَتَادَةُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: أي: ْ آمَنَهُمْ مِمَّا خَافُوا مِنْهُ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً أَيْ فِي وُجُوهِهِمْ وَسُرُوراً أَيْ فِي قُلُوبِهِمْ،  وَذَلِكَ أَنَّ الْقَلْبَ إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ الْوَجْهُ.

قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ فِي حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ فلقة قمر

 وقالت عائشة رضي الله عنها: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسْرُورًا تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ « أخرجه البخاري في المناقب باب 23، والمغازي باب 79، وتفسير سورة 9، باب 18، ومسلم في التوبة حديث 53، والترمذي في تفسير سورة 9، باب 17، وأحمد في المسند 6/ 389، 39.أخرجه البخاري في المناقب باب 23، ومسلم في الرضاع حديث 38.

وَقَوْلُهُ تعالى(وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً) أَيْ بِسَبَبِ صَبْرِهِمْ أَعْطَاهُمْ وَنَوَّلَهُمْ وَبَوَّأَهُمْ جَنَّةً وَحَرِيراً أَيْ مَنْزِلًا رَحْبًا وعيشا رغيدا وَلِبَاسًا حَسَنًا.(تفسير ابن كثير 4/ 585)

* قال الشيخ محمد العثيمين :

ـ قوله تعالى  (بِما صَبَرُوا ) صبروا على طاعة الله , فعملوا ما أمكنهم منها , وعن معاصي الله ,فتركوها , وعلى أقدار الله المؤلمة ,فلم يسخطوها .

ـ قوله تعالى  (جَنَّةً ) جامعة لكل نعيم ,سالمة من كل كدر ومنغص.

ـ قوله تعالى  (وَحَرِيراً) ولعل الله إنما خص الحرير ,لأنه لباسهم الظاهر ,الدال على حال صاحبه .

ـ قوله تعالى  (مُتَّكِئِينَ فِيها) الاتكاء : التمكن من الجلوس , في حال الرفاهية والطمأنينة والراحة .

ـ قوله تعالى  (عَلَى الْأَرائِكِ) هي السرر التي عليها اللباس المزين.

ـ قوله تعالى  (لَا يَرَوْنَ فِيها ) أي: في الجنة .

ـ قوله تعالى  (شَمْساً) يضرهم الحر .

ـ قوله تعالى  (وَلا زَمْهَرِيراً ) أي: برداّ شديداّ, بل جميع أوقاتهم في ظل ظليل ,لا حر ,ولا برد , بحيث تلتذ به الأجساد , ولا تتألم من حر ولا برد .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 397)

* قال ابن كثير:

ـ قوله تعالى  (وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها) أَيْ قَرِيبَةٌ إِلَيْهِمْ أَغْصَانُهَا

ـ قوله تعالى  (وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا) أَيْ مَتَى تَعَاطَاهُ دَنَا الْقَطْفُ إِلَيْهِ وَتَدَلَّى مِنْ أَعْلَى غُصْنِهِ كَأَنَّهُ سَامِعٌ طَائِعٌ.

قَالَ مُجَاهِدٌ: وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا إن قام ارتفعت معه بقدره، وإن قعد تذللت له حتى ينالها، وإن اضطجع تذللت له حتى ينالها.

ـ قوله تعالى (تَذْلِيلًا)

 وَقَالَ قَتَادَةُ: لَا يَرُدُّ أَيْدِيَهُمْ عَنْهَا شَوْكٌ وَلَا بُعْدُ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ:  أَرْضُ الْجَنَّةِ من ورق وترابها من الْمِسْكُ، وَأُصُولُ شَجَرِهَا مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، وَأَفْنَانُهَا من اللؤلؤ الرطب والزبرجد وَالْيَاقُوتِ وَالْوَرَقِ وَالثَّمَرِ بَيْنَ ذَلِكَ فَمَنْ أَكَلَ منها قائما لم تؤذه، ومن أكل منها قاعدا لم تؤذه، ومن أكل منها مضطجعا لم تؤذه.(تفسير ابن كثير 4/ 585ـ 586)

* قال الشيخ محمد العثيمين :

ـ قوله تعالى  (وَيُطافُ عَلَيْهِمْ) ويطاف على أهل الجنة أي: يدور عليهم الخدم والوالدان .

ـ قوله تعالى  (بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا *  قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ) أي: مادتها من فضة وهي على صفاء القوارير, وهذا من أعجب الأشياء ,أن تكون الفضة الكثيفة من صفاء جوهرها وطيب معدنها على صفاء القوارير

ـ قوله تعالى  ( قَدَّرُوها تَقْدِيراً) أي: قدروا الأواني المذكورة على قدر ريهم ,لا تزيد ولا تنقص ,لأنها لو زادت نقصت لذاتها ,ولو نقصت لم تف بريهم .

ويحتمل أن المراد : قدرها أهل الجنة بنفوسهم بمقدار يوافق لذتهم ,فأتتهم على ما قدروا في خواطرهم.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 397)

 * قال ابن كثير:

ـ قوله تعالى  (وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلًا ) أَيْ وَيُسْقَوْنَ يَعْنِي الْأَبْرَارَ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْأَكْوَابِ كَأْساً أَيْ خَمْرًا كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلًا فَتَارَةً يُمْزَجُ لَهُمُ الشَّرَابُ بِالْكَافُورِ وَهُوَ بَارِدٌ، وَتَارَةً بِالزَّنْجَبِيلِ وَهُوَ حَارٌّ لِيَعْتَدِلَ الْأَمْرُ، وَهَؤُلَاءِ يُمْزَجُ لَهُمْ مِنْ هَذَا تَارَةً وَمِنْ هَذَا تَارَةً.

ـ قوله تعالى  (عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا ) أَيِ الزَّنْجَبِيلُ عَيْنٌ في الجنة تسمى سلسبيلا.

وقال عِكْرِمَةُ: اسْمُ عَيْنٍ فِي الْجَنَّةِ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِسَلَاسَةِ سَيْلِهَا وَحِدَّةِ جَرْيِهَا،

 وَقَالَ قَتَادَةُ: عَيْنٌ سَلِسَةٌ مستفيد مَاؤُهَا.( تفسير ابن كثير 4/ 586)

 * قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قَوْلُهُ تَعَالَى (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ ) على أهل الجنة , في طعامهم وشرابهم وخدمتهم .

ـ قوله تعالى  (وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ) أي: خلقوا من الجنة  للبقاء, لا يتغيرون ولا يكبرون ,وهم في غاية الحسن .

 ـ قوله تعالى  (إِذا رَأَيْتَهُمْ ) منتشرين في خدمتهم .

ـ قوله تعالى  (حَسِبْتَهُمْ) من حسنهم.

ـ قوله تعالى( لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً) وهذا من تمام لذة أهل الجنة ,أن يكون خدامهم الوالدان المخلدون ,الذين تسر رؤيتهم ,ويدخلون على مساكنهم  , ويأتونهم بما يدعون وتطلبه نفوسهم .

ـ قوله تعالى  (وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ) أي: هناك في الجنة ورمقت ما هم فيه من النعيم  

ـ قوله تعالى  (رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً) فتجد الواحد منهم ,عنده من القصور والمساكن والغرف المزينة المزخرفة ,ما لا يدركه الوصف , ولديه من البساتين الزاهرة ,والثمار  الدانئة ,والأنهار الجارية , ,والرياض المعجبة والطيور المطربة الشجية ما يأخذ بالقلوب ,ويفرح النفوس ,وعنده من الزوجات اللاتي هن في غاية الحسن والإحسان ,الجامعات لجمال الظاهر والباطن , الخيرات الحسان ,وحوله من الوالدان المخلدين ,ما به تحصل الراحة والطمأنينة ,ثم علاوة ذلك وأعظمه الفوز برؤية الرب الرحيم ,وسماع خطابه ,ولذة قربه ,والخلود الدائم ,وتزايد ما هم فيه من النعيم كل وقت وحين ,فسبحان الملك المالك ,الحق المبين ,الذي لا تنفذ خزائنه .

ـ قوله تعالى  (عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ) أي: قد جللتهم ثياب السندس والإستبرق الأخضران ,اللذان هما أجل أنواع الحرير .

فالسندس: ما غلظ من الديباج

والإستبرق: مارق منه.

ـ قوله تعالى  (وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ) أي: حلو في أيديهم أساور الفضة ,ذكورهم وإناثهم .

ـ قوله تعالى  (وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً ) أي: لا كدر فيه بوجه من الوجوه ,مطهراّ لما في بطونهم من كل أذى وقذى.

ـ قوله تعالى  (إِنَّ هَذَا كانَ) الجزاء الجزيل والعطاء الجميل.

 ـ قوله تعالى  (لَكُمْ جَزاءً) على ما أسلفتموه من الأعمال.

ـ قوله تعالى  (وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً) أي: القليل منه ,يجعل الله لكم به من النعيم المقيم ما لا يمكن حصره .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 397ـ 398)

* قال ابن كثير :

ـ قوله تعالى  (إِنَّ هَذَا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً) أي : يقال لهم ذلك تكريماّ لهم وإحسانا ّ إليهم

ـ قوله تعالى  (وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً) أي: جزاكم الله تعالى على القليل بالكثير .(تفسير ابن كثير 4/ 587)


       

 

2) الأحكام الشرعية في الآيات:

  * الأمر القيام بأوامر الله وشرائعه :

في قوله تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً * فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً * وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً) سورة الإنسان (23ـ25)

ـ قوله تعالى  (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً ) يَقُولُ تَعَالَى مُمْتَنًّا عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما أنزله عَلَيْهِ مِنَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ تَنْزِيلًا:

ـ قوله تعالى  (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ ) أَيْ كَمَا أَكْرَمْتُكَ بِمَا أَنْزَلْتُ عَلَيْكَ فَاصْبِرْ عَلَى قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ سَيُدَبِّرُكَ بِحُسْنِ تَدْبِيرِهِ.

ـ قوله تعالى  (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ) أَيْ لَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنْ أَرَادُوا صَدَّكَ عَمًّا أُنْزِلَ إِلَيْكَ بَلْ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ.

ـ قوله تعالى  (آثِماً أَوْ كَفُوراً) فَالْآثِمُ هُوَ الْفَاجِرُ فِي أَفْعَالِهِ وَالْكَفُورُ هُوَ الْكَافِرُ قلبه.(تفسير ابن كثير 4/588)

* قال الشيخ محمد العثيمين :

ـ قوله تعالى  (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) أي: أول النهار وآخره ,فدخل في ذلك الصلوات المكتوبات وما يتبعها من النوافل ,والذكر ,والتسبيح , والتهليل ,والتكبير في هذه الأوقات.

ـ قوله تعالى  (وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً) أي: أكثر له من السجود ,ولا يكون ذلك إلا بالإكثار من الصلاة .

 

  

  

3) الفوائد المستنبطة من الآيات:

   * الانشغال بالدنيا ولإعراض عن الآخرة:

في قوله تعالى (إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً * نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً ) سورة الإنسان (26ـ27)

ـ قوله تعالى (إِنَّ هؤُلاءِ) أي: المكذبين لك أيها الرسول ! بعد ما بينت لهم الآيات ,ورُغبوا وُرهبوا , ومع ذلك ,لم يفد فيهم ذلك شيئاَ, بل لا يزالون يؤثرون.

 ـ قوله تعالى  (يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ) يطمئنون إليها .

ـ قوله تعالى  (وَيَذَرُونَ)أي: يتركون العمل ويهملون .

ـ قوله تعالى  (وَراءَهُمْ) أي: أمامهم.

ـ قوله تعالى  (يَوْماً ثَقِيلًا) وهو يوم القيامة ,الذي مقداره خمسون ألف سنة مما تعدون .

ـ قوله تعالى  (نَحْنُ خَلَقْناهُمْ ) أي: أوجدناهم من العدم.

ـ قوله تعالى  (وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ ) أي: أحكمنا خلقتهم بالأعصاب ,والعروق ,والأوتار ,والقوى الظاهرة والباطنة ,حتى تم الجسم واستكمل ,فالذي أوجدهم على هذه الحالة قادر على أن يعيدهم بعد موتهم لجزائهم, والذي نقلهم في هذه الأطوار ,لا يليق به أن يتركهم سدى ,لا يؤمرون ,ولا ينهون ,ولا يثابون ,ولا يعاقبون .

ـ قوله تعالى  (وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً) أي: أنشاكم للبعث نشأة أخرى وأعدناكم بأعيانكم ,وهم بأنفسهم أمثالهم .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 398ـ399)


      

4) مسائل العقيدة في هذه الآيات.

  * مشيئة الله نافذة سبحانه وتعالى:

في قوله تعالى (إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً * وَما تشاؤون إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً * يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً)سورة الإنسان (29ـ31)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قوله تعالى (إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ) أي: يتذكر بها المؤمن ,فينتفع بما فيها من التخويف والترغيب .

ـ قوله تعالى (فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) أي: طريقاّ موصلاّ إليه ,فالله يبين الحق والهدى ,ثم يخير الناس بين الاهتداء بها أو النفور عنها ,مع قيام الحجة عليهم .

ـ قوله تعالى (وَما تشاؤون إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ) فإن مشيئته نافذة عامة , لا يخرج عنها حادث قليل ولا كثير .

ـ قوله تعالى  (إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) فله الحكمة في هداية المهتدي ,وإضلال الضال .

ـ قوله تعالى  (يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ) فيختصه بعنايته ,ويوفقه لأسباب السعادة ويهديه لطرقها .

 ـ قوله تعالى  (وَالظَّالِمِينَ) الذين اختاروا الشقاء على الهدى

ـ قوله تعالى  ( أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) بظلمهم وعدوانهم .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 398ـ 399)

تم بحمد الله تفسير سورة الإنسان

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  جزء الرابع والعشرون سورة الزمر (3) قــال تـعــالـى ﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللَّهِ لَ...