جزء تبارك (سورة القيامة (1)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ * وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ * أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ * بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ * بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ * يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ * فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ * يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ * كَلاَّ لَا وَزَرَ * إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ * يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ * بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ * لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) سورة القيامة (1ـ 19)
1) مسائل العقيدة في الآيات.
* الإيمان باليوم الآخر ( البعث والنشور)
في قوله تعالى (لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ * وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ * أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ * بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ * بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ * يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ) سورة القيامة (1ـ 6)
* قال الشيخ محمد العثيمين:
ـ قوله تعالى (لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ ) فالمقسم به في هذا الموضع , هو المقسم عليه , وهو البعث بعد الموت , وقيام الناس من قبورهم , ثم وقوفهم ينتظرون ما يحكم به الرب عليهم .
ـ قوله تعالى (وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ) وهي جميع النفوس الخيرة والفاجرة
سميت لوامة : لكثرة ترددها وتلومها وعدم ثبوتها على حالة من أحوالها , ولأنها عند الموت تلوم صاحبها على ما عملت.
بل نفس المؤمن تلوم صاحبها في الدنيا على ما حصل منه , من تفريط أو تقصير في حق من الحقوق ,أو غفلة .
ثم أخبر مع هذا , أن بعض المعاندين يكذب بيوم القيامة
ـ قوله تعالى (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) بعد الموت , فاستبعد من جهله وعدوانه قدرة الله على خلق عظامه التي هي عماد البدن .
ـ قوله تعالى (بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ ) أي: أطرافه أصابعه وعظامه , المستلزم ذلك لخلق جميع أجزاء البدن , لأنها إذا وجدت الأنامل والبنان ,فقد تمت خلقة الجسد
وليس إنكاره لقدرة الله تعالى قصوراّ بالدليل الدال على ذلك ,وإنما وقع ذلك منه أن قصده وإرادته أن يكذب بما أمامه من البعث .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 393)
* الإيمان باليوم الآخر (أحوال القيامة )
في قوله تعالى (فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ * يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ * كَلاَّ لَا وَزَرَ * إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ)سورة القيامة (7ـ 12)
* قال ابن كثير:
ـ قوله تعالى (فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ ) وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْأَبْصَارَ تَنْبَهِرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتَخْشَعُ وَتَحَارُ وَتَذِلُّ مِنْ شِدَّةِ الْأَهْوَالِ وَمَنْ عِظَمِ مَا تُشَاهِدُهُ يوم القيامة من الأمور.(تفسير ابن كثير 4/ 576)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قوله تعالى (وَخَسَفَ الْقَمَرُ) أي ذهب ضوؤه .
ـ قوله تعالى (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ) وهما لم يجتمعا منذ خلقهما الله تعالى ,فيجمع الله بينهما يوم القيامة , ويخسف القمر , وتكور الشمس , ثم يقذفان في النار , ليرى العباد أنهما عبدان مسخران , وليرى من عبدهما أنهم كانوا كاذبين. .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 393)
* قال ابن كثير :
ـ قوله تعالى( يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ) أَيْ إِذَا عَايَنَ ابْنُ آدَمَ هَذِهِ الْأَهْوَالَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَئِذٍ يُرِيدُ أَنْ يَفِرَّ وَيَقُولُ أَيْنَ الْمَفَرُّ أَيْ هَلْ مِنْ مَلْجَأٍ أَوْ مَوْئِلٍ.
ـ قوله تَعَالَى( كَلَّا لَا وَزَرَ)
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ: أي لا نجاة أَيْ لَيْسَ لَكُمْ مَكَانٌ تَتَنَكَّرُونَ فِيهِ.
وَكَذَا قَالَ هَاهُنَا: لَا وَزَرَ أَيْ لَيْسَ لَكُمْ مَكَانٌ تَعْتَصِمُونَ فِيهِ .
وَلِهَذَا قَالَ(إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ) أَيِ الْمَرْجِعُ والمصير.(تفسير لبن كثير 4/ 576)
* الإيمان باليوم الآخر (الحساب )
في قوله تعالى (يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ * بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) سورة القيامة (13ـ 15)
* قال ابن كثير :
ـ قوله تعالى (يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ) أَيْ يُخْبَرُ بِجَمِيعِ أَعْمَالِهِ قَدِيمِهَا وَحَدِيثِهَا، أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا، صَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا.
ـ قوله تعالى ( بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) أَيْ هُوَ شَهِيدٌ عَلَى نَفْسِهِ عَالِمٌ بِمَا فَعَلَهُ وَلَوِ اعْتَذَرَ وَأَنْكَرَ
وكما قَالَ تَعَالَى( اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً [الْإِسْرَاءِ: 14]
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : يَقُولُ: سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَيَدَاهُ وَرِجْلَاهُ وَجَوَارِحُهُ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: شَاهِدٌ عَلَى نَفْسِهِ
وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: إِذَا شِئْتَ وَاللَّهِ رَأَيْتَهُ بَصِيرًا بِعُيُوبِ النَّاسِ وَذُنُوبِهِمْ غَافِلًا عَنْ ذُنُوبِهِ.(تفسير ابن كثير 4/ 576)
ـ قوله تعالى (وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ)
* يقول الشيخ محمد العثيمين :
فالعبد وإن أنكر , أو اعتذر عما عمله , فإنكاره واعتذاره لا يفيدانه شيئاّ , لأنه يشهد عليه سمعه وبصره , وجميع جوارحه بما كان يعمل ,ولأن استعتابه قد ذهب وقته وزال نفعه .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 394)
2) كَيْفِيَّةِ تَلَقِّي النبي عليه الصلاة والسلام الْوَحْيِ مِنَ الْمَلَكِ:
في قوله تعالى (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) سورة القيامة (16ـ 19)
* قال ابن كثير :
هَذَا تَعْلِيمٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَيْفِيَّةِ تَلَقِّيهِ الْوَحْيِ مِنَ الْمَلَكِ، فَإِنَّهُ كَانَ يُبَادِرُ إِلَى أَخْذِهِ وَيُسَابِقُ الْمَلَكَ فِي قِرَاءَتِهِ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا جَاءَهُ الملك بالوحي أن يستمع له وتكفل الله لَهُ أَنْ يَجْمَعَهُ فِي صَدْرِهِ وَأَنْ يُيَسِّرَهُ لأدائه على الوجه الذي ألقاه عليه، وَأَنْ يُبَيِّنَهُ لَهُ وَيُفَسِّرَهُ وَيُوَضِّحَهُ.
ـ فَالْحَالَةُ الْأُولَى: جَمْعُهُ فِي صَدْرِهِ
ـ وَالثَّانِيَةُ: تِلَاوَتُهُ
ـ وَالثَّالِثَةُ : تَفْسِيرُهُ وإيضاح معناه.
ولهذا قال تَعَالَى( لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ( أَيْ بالقرآن .
ثم قال تعالى(إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ) أَيْ فِي صَدْرِكَ وَقُرْآنَهُ أَيْ أَنْ تَقْرَأَهُ.
ـ قوله تعالى ( فَإِذا قَرَأْناهُ) أَيْ إِذَا تلاه عليك الملك عن الله تعالى.
ـ قوله تعالى ( فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) أَيْ فَاسْتَمَعْ لَهُ ثُمَّ اقْرَأْهُ كَمَا أَقْرَأَكَ.
ـ قوله تعالى ( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ ) أَيْ بَعْدَ حِفْظِهِ وَتِلَاوَتِهِ نُبَيِّنُهُ لَكَ وَنُوَضِّحُهُ وَنُلْهِمُكَ مَعْنَاهُ عَلَى مَا أَرَدْنَا وَشَرَعْنَا.(تفسير ابن كثير 4/ 577)
* يقول الشيخ محمد العثيمين:
فامتثل صل الله عليه وسلم لأدب ربه
فكان إذا تلا عليه جبريل القرآن بعد هذا , أنصت له ,فإذا فرغ قرأه .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 394)
وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ بِهِ. وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ
(فَكَانَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ أَطْرَقَ فَإِذَا ذَهَبَ قَرَأَهُ كَمَا وَعَدَهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.)
أخرجه البخاري في تفسير سورة 75، باب 1، والترمذي في تفسير سورة 75، باب 1، والنسائي في الافتتاح باب 37.
صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق