الجمعة، 18 سبتمبر 2020


جزء تبارك (سورة الحاقة (2)

قـــال تــــعـــالـــى

فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ * قُطُوفُها دانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسابِيَهْ * يَا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ * مَا أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوه * إِنَّهُ كانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ * وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ * فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ * وَلا طَعامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ * لَا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخاطِؤُنَ * فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ * وَما لَا تُبْصِرُونَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ * وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ * وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ * لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ * وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ * وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ * وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ * وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) سورة الحاقة (19ـ 52)

1) مسائل العقيدة في الآيات.

* الإيمان باليوم الآخر (نشر الدواوين ـ الجنة )

في قوله تعالى (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ * قُطُوفُها دانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ)سورة الحاقة (19ـ 24)

* يقول الشيخ محمد العثيمين رحمه الله.

هؤلاء هم أهل السعادة يعطون كتبهم التي فيها أعمالهم الصالحة بأيمانهم تمييزاَ لهم ورفعاَ لمقدارهم ,ويقول أحدهم عند ذلك من الفرح والسرور ومحبة أن يطلع الخلق على ما من الله عليه من الكرامة.

ـ قال تعالى (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ) أي: دونكم كتابي فأقراؤه فأنه يبشر بالجنات وأنواع الكرامات ,ومغفرة الذنوب , وستر العيوب

والذي أوصلني إلى هذه الحال ,ما منً الله به علىً من الإيمان بالبعث والحساب والاستعداد له بالممكن من العمل

لهذا قال تعالى (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ) أي: أيقنت ,فالظن ـ هنا ـ بمعنى اليقين .

ـ قال تعالى (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) أي: جامعة لما تشتهيه الأنفس, وتلذ الأعين ,وقد رضوها ولم يختاروا عليها غيرها .

ـ قال تعالى (فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ) المنازل والقصور ,عالية المحل.

ـ قال تعالى (قُطُوفُها دانِيَةٌ) أي : ثمرها وجناها من أنواع الفواكه قريبة ,سهلة التناول على أهلها ,ينالها أهلها قياماَ وقعوداَ ومتكئين.

ويقال لهم إكراماَ (كُلُوا وَاشْرَبُوا ) من كل طعام لذيذ ,وشراب شهي .

ـ قال تعالى (هَنِيئاً ) أي: تاماَ كاملاَ من غير كدر ولا منغص ,وذلك الجزاء حصل لكم .

ـ قال تعالى (بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ) من الأعمال الصالحة ـ وترك الأعمال السيئة , من صلاة وصيام وصدقة وحج وإحسان إلى الخلق ,وذكر الله ,فالأعمال جعلها الله سبباَ لدخول الجنة ومادة لنعيمها وأصلاَ لسعادتها .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 374)

* فِي الصَّحِيحِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ حِينَ سُئِلَ عَنِ النَّجْوَى فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ:

«يُدْنِي اللَّهُ الْعَبْدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ كُلِّهَا حَتَّى إِذَا رَأَى أَنَّهُ قَدْ هلك قال الله تعالى إِنِّي سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ، ثُمَّ يُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ بِيَمِينِهِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ فَيَقُولُ الْأَشْهَادِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظالمين»  أخرجه البخاري في المظالم باب 2، وابن ماجة في المقدمة باب 13، وأحمد في المسند 2/ 74.

* وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ :

«إِنَّ الْجَنَّةَ مِائَةُ دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ والأرض» أخرجه أحمد في المسند 4/ 235.

* فَقَدَ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:

«اعْمَلُوا وَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَنْ يُدْخِلَهُ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ» قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ منه وفضل» أخرجه البخاري في الرقاق باب 18، ومسلم في المنافقين حديث 71، 76، 7 

                                                        

2) مسائل العقيدة في الآيات.

* الإيمان باليوم الأخر ( نشر الدواوين ـ النار )

(وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسابِيَهْ * يَا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ * مَا أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ * وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ * فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ * وَلا طَعامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ * لَا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخاطِؤُنَ) سورة الحاقة (25ـ 37)

قال ابن كثير:

وَهَذَا إِخْبَارٌ عَنْ حَالِ الْأَشْقِيَاءِ إِذَا أُعْطِيَ أَحَدُهُمْ كِتَابَهُ فِي الْعَرَصَاتِ بِشَمَالِهِ، فَحِينَئِذٍ يَنْدَمُ غاية الندم

ـ قال تعالى ( فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسابِيَهْ يَا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ)

 قَالَ الضَّحَّاكُ: يَعْنِي مَوْتَةً لَا حَيَاةَ بَعْدَهَا.

 وَقَالَ قَتَادَةُ: تَمَنَّى الْمَوْتَ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ فِي الدُّنْيَا أَكْرَهُ إِلَيْهِ مِنْهُ.

ـ قال تعالى (مَا أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ) أَيْ لَمْ يَدْفَعْ عَنِّي مَالِي وَلَا جَاهِي عَذَابَ اللَّهِ وبأسه، بل خلص إِلَيَّ وَحْدِي فَلَا مُعِينَ لِي وَلَا مُجِيرَ

 فَعِنْدَهَا يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ) أَيْ يَأْمُرُ الزَّبَانِيَةَ أَنْ تَأْخُذَهُ عُنْفًا مِنَ الْمَحْشَرِ فَتَغُلُّهُ أَيْ تَضَعُ الْأَغْلَالَ فِي عُنُقِهِ ثُمَّ تُورِدُهُ إِلَى جَهَنَّمَ فَتُصِلِيهِ إِيَّاهَا أَيْ تَغْمُرُهُ فِيهَا.(تفسير ابن كثير 4/534)

وقوله تعالى( ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً) أي : من سلاسل الجحيم في غاية الحرارة.

ـ قال تعالى ( فَاسْلُكُوهُ) أي: نظموه فيها بأن تدخل في دبره وتخرج من فمه ,ويعلق فيها ,فلا يزال يعذب هذا العذاب الفظيع, فأن السبب الذي أوصله إلى هذا المحل  (إِنَّهُ كانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ * وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 374)

 ـ قال تعالى (إِنَّهُ كانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ * وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ)

أَيْ لَا يَقُومُ بِحَقِّ اللَّهِ عَلَيْهِ مِنْ طَاعَتِهِ وَعِبَادَتِهِ وَلَا يَنْفَعُ خَلْقَهُ وَيُؤَدِّي حَقَّهُمْ، فَإِنَّ لِلَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يُوَحِّدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَلِلْعِبَادِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ حَقُّ الْإِحْسَانِ وَالْمُعَاوَنَةِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى.

ـ قال تعالى (فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ * وَلا طَعامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ) َايْ: لَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ مَنْ يُنْقِذُهُ مِنْ عذاب الله تعالى لَا حَمِيمٌ وَهُوَ الْقَرِيبُ، وَلَا شَفِيعٌ يُطَاعُ، ولا طعام له هاهنا إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ.

 قَالَ قَتَادَةُ: هُوَ شَرُّ طَعَامِ أَهْلِ النَّارِ.

 وَقَالَ الرَّبِيعُ وَالضَّحَّاكُ: هُوَ شَجَرَةٌ فِي جَهَنَّمَ.(تفسير ابن كثير 4/534ـ 535)

ـ قال تعالى (لَا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخاطِؤُنَ ) الذين أخطئوا الصراط المستقيم وسلكوا سبل الجحيم فلذلك استحقوا العذاب الأليم.( التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 375)

                                               

3) مسائل العقيدة في الآيات.

* عقيدة أهل السنة والجماعة أن القرآن كلام الله .

في قوله تعالى (فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ * وَما لَا تُبْصِرُونَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ * وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ * وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ * لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ * وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ * وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ * وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ * وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) سورة الحاقة (38ـ 52)

* يقول ابن كثير:

يَقُولُ تَعَالَى مُقْسِمًا لِخَلْقِهِ بِمَا يُشَاهِدُونَهُ مِنْ آيَاتِهِ فِي مَخْلُوقَاتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى كَمَالِهِ فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَمَا غَابَ عَنْهُمْ مِمَّا لَا يُشَاهِدُونَهُ مِنَ الْمُغَيَّبَاتِ عَنْهُمْ:

إِنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُهُ ووحيه وتنزيله عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ الَّذِي اصْطَفَاهُ لِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ وأداء الأمانة .(تفسير ابن كثير 4/535)

فقال تعالى( فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ وَما لَا تُبْصِرُونَ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ) يعني محمدا صلّى الله عليه وسلّم، أَضَافَهُ إِلَيْهِ عَلَى مَعْنَى التَّبْلِيغِ، لِأَنَّ الرَّسُولَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُبَلِّغَ عَنِ الْمُرْسِلِ.

ـ قال تعالى (وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ * وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ) نزه الله رسوله عما رماه به أعداؤه ,من أنه شاعر أو ساحر , وأن الذي حملهم على ذلك عدم إيمانهم, فلو آمنوا وتذكروا لعلموا ما ينفعهم ويضرهم.

ـ قال تعالى (تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) وأن ماجاء به تنزيل من رب العالمين ,لا يليق أن يكون قول البشر بل هو كلام دال على عظمة من تكلم به وجلالة أوصافه ,وعلوه فوق عباده . (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/375)

قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ:

خَرَجْتُ أَتَعَرَّضُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ أُسْلِمَ، فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَى الْمَسْجِدِ فَقُمْتُ خَلْفَهُ فَاسْتَفْتَحَ سُورَةَ الْحَاقَّةِ، فَجَعَلْتُ أَعْجَبُ مِنْ تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ قَالَ: فَقُلْتُ هَذَا وَاللَّهِ شَاعِرٌ كَمَا قَالَتْ قُرَيْشٌ، قَالَ: فَقَرَأَ (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ) قَالَ: فَقُلْتُ كَاهِنٌ، قَالَ: فَقَرَأَ (وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) إِلَى آخِرِ السُّورَةِ قَالَ: فَوَقَعَ الْإِسْلَامُ في قلبي كل موضع، فَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْأَسْبَابِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى مُؤَثِّرَةً فِي هِدَايَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَمَا أَوْرَدْنَا كَيْفِيَّةَ إِسْلَامِهِ فِي سِيرَتِهِ الْمُفْرَدَةِ. (الْإِمَامُ أَحْمَدُ  المسند 1/ 17، 18.)

يَقُولُ تَعَالَى(وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ) أَيْ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كَانَ كَمَا يَزْعُمُونَ مُفْتَرِيًا عَلَيْنَا فَزَادَ فِي الرِّسَالَةِ أَوْ نَقَصَ مِنْهَا، أَوْ قَالَ شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ فَنَسَبَهُ إِلَيْنَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لَعَاجَلْنَاهُ بالعقوبة.

ـ قال تعالى (لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) قِيلَ: مَعْنَاهُ لَانْتَقَمْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ لِأَنَّهَا أَشَدُّ فِي الْبَطْشِ.

ـ قال تعالى (ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ)

 قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَهُوَ نِيَاطُ الْقَلْبِ وَهُوَ الْعِرْقُ الَّذِي الْقَلْبُ مُعَلَّقٌ فِيهِ.

ـ قال تعالى (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) أَيْ فما يقدر أحد منكم أَنْ يَحْجِزَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ إِذَا أَرَدْنَا بِهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. وَالْمَعْنَى فِي هَذَا بَلْ هُوَ صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مُقَرِّرٌ لَهُ مَا يُبَلِّغُهُ عَنْهُ وَمُؤَيِّدٌ لَهُ بِالْمُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَاتِ وَالدَّلَالَاتِ الْقَاطِعَاتِ.(تفسير ابن كثير 4/ 536)

ـ قال تعالى (وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) يَعْنِي الْقُرْآنِ يتذكرون به مصالح دينهم ودنياهم ,فيعرفونها ,ويعملون عليها ,يذكرهم العقائد الدينية ,والاخلاق المرضية ,والأحكام الشرعية  .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/375)

ـ قال تعالى (وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ) أَيْ مَعَ هَذَا الْبَيَانِ وَالْوُضُوحِ سَيُوجَدُ مِنْكُمْ مَنْ يُكَذِّبُ بالقرآن.

ـ قال تعالى (وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ) قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَإِنَّ التَّكْذِيبَ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

ـ قال تعالى (وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ) أي الخبر الصادق الْحَقُّ الذِي لَا مِرْيَةَ فِيهِ وَلَا شَكَّ ولا ريب،(تفسير ابن كثير 4/536)

* يقول الشيخ محمد العثيمين:

وهذا القرآن الكريم بهذا الوصف ,فأن فيه من العلوم المؤيدة بالبراهين القطيعة ,وما فيه من الحقائق والمعارف الإيمانية ,يحصل به لمن ذاقه حق اليقين . .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/375)

ـ قال تعالى (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) أي: نزهه عما لا يليق بجلاله ,وقدسه بذكر أوصافه جلاله وكماله .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/375)

تم بحمد الله تفسير سورة الحاقة

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  جزء الرابع والعشرون سورة الزمر (3) قــال تـعــالـى ﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللَّهِ لَ...