الأربعاء، 16 سبتمبر 2020


جزء تبارك (سورة الحاقة (1)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ * وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ * كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ * فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ * وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ * سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ* فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ * وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ * فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً * إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ * لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ * فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ * وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً * فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ * وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ * وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ * يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ)سورة الحاقة (1ـ 18)




1) الوعد والوعيد في الآيات.

    والوعيد في الآيات.

في قوله تعالى (الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ * وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ)الحاقة (1ـ 3)

يقول الشيخ محمد العثيمين رحمه الله.

ـ قوله تعالى (الْحَاقَّةُ) من أسماء يوم القيامة ,لأنها تحق وتنزل بالخلق ,وتظهر فيها حقائق الأمور ,ومخبأت الصدور فعظم تعالى شأنها وفخمه.

ـ قوله تعالى (مَا الْحَاقَّةُ * وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ) فإن لها شانا عظيماَ وهولاَ جسيماَ, ومن عظمتها  أن أهلك الأمم المكذبة بها بالعذاب العاجل.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 372)

 

 

 

2) الأمثال والقصص القرآنية.

* قوم ثمود, وقوم عاد, قصة فرعون وقوم لوط, نوح عليه السلام.

في قوله تعالى ( فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ * وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ * سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ * وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ * فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً * إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ * لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ)الحاقة (4ـ 12)

* يقول الشيخ محمد العثيمين:

ثم ذكر نموذجاَ من أحوالها الموجودة في الدنيا المشاهدة فيها ,وهو ما أحله من العقوبات البليغة بالأمم العاتية .

* قوم ثمود:

ـ قوله تعالى (فَأَمَّا ثَمُودُ) وهم القبيلة المشهورة سكان الحجر الذين أرسل الله إليهم رسوله صالحاَ عليه السلام , ينهاهم عما هم عليه من الشرك , ويأمرهم بالتوحيد ,فردوا دعوته وكذبوه ما أخبرهم به من يوم القيامة , وهي القارعة التي تقرع الخلق بأهوالها.

ـ قوله تعالى (فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ) وهي الصيحة العظيمة الفظيعة ,التي انصدعت منها قلوبهم وزهقت لها أرواحهم فأصبحوا موتى لا يرى إلا مساكنهم وجثثهم .

* وقوم عاد:

ـ قوله تعالى (وَأَمَّا عادٌ) عاد أولى سكان حضرموت حين بعث الله إليهم رسوله هوداَ عليه الصلاة والسلام يدعوهم إلى عبادة الله وحده فكذبوه وكذبوا بما أخبر به من البعث ,فأهلك الله الطائفتين بالهلاك المعجل .

ـ قوله تعالى (فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ) أي: قوية شديدة الهبوب لها صوت أبلغ من صوت الرعد القاصف .

ـ قوله تعالى (عاتِيَةٍ) أي: عتت على عاد وزادت على الحد كما هو الصحيح.

 ـ قوله تعالى (سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً) أي: نحساَ وشراَ فظيعاَ عليهم فدمرتهم وأهلكتهم .

 ـ قوله تعالى (فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى) أي: هلكى موتى

ـ قوله تعالى (كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ) أي: كأنهم جذوع النخل التي قد قطعت رؤوسها الخاوية الساقطة بعضها على بعض.

ـ قوله تعالى (فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ) هذا استفهام بمعنى النفي المتقرر.

ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:

 «نُصِرْتُ بِالصَّبَا وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ» أخرجه البخاري في الاستسقاء باب 26، ومسلم في الاستسقاء حديث 17.

* فرعون وقوم لوط:

ـ قوله تعالى (وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ) فرعون مصر الذي أرسل الله إليه عبده ورسوله موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام وأراه من الآيات البينات ما تيقنوا بها الحق , ولكن جحدوا وكفروا ظلماَ وعلواَ وجاء من قبله من المكذبين .

ـ  قوله تعالى (وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ) أي: قرى قوم لوط الجميع جاءوا (بِالْخاطِئَةِ) أي: بالفعلة الطاغية وهي الكفر والتكذيب والظلم والمعاندة وما انضم إلى ذلك من انواع الفواحش والفسوق .

ـ قوله تعالى (فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ) أي: كل من هؤلاء كذب الرسول الذي ارسله الله إليهم ,فأخذ الله الجميع.

 ـ قوله تعالى (فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً) أي: زائدة على الحد  والمقدار الذي يحصل به هلاكهم .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 372ـ 373)

* قصة نوح عليه السلام .

ثم قال تَعَالَى( إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ * لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ)

 ـ قال تَعَالَى( إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ ) أَيْ زَادَ عَلَى الْحَدِّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَارْتَفَعَ عَلَى الْوُجُودِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ:

«طَغَى الْمَاءُ» كَثُرَ، وَذَلِكَ بِسَبَبِ دَعْوَةِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى قَوْمِهِ حِينَ كَذَّبُوهُ وَخَالَفُوهُ، فَعَبَدُوا غَيْرَ اللَّهِ فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ وَعَمَّ أَهْلَ الْأَرْضَ بِالطُّوفَانِ إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَ نُوحٍ فِي السَّفِينَةِ فَالنَّاسُ كُلُّهُمْ مِنْ سُلَالَةِ نُوحٍ وَذُرِّيَّتِهِ.(تفسير ابن كثير4/ 530)

ـ قال تَعَالَى (حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ) وهي السفينة في أصلاب آبائهم وأمهاتهم الذين نجاهم الله فاحمدوا الله واشكروا الذي نجاكم حين أهلك الطاغين واعتبروا بآياته الدالة على توحيده.

ـ قال تَعَالَى (لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً) تذكركم أول سفينة صنعت وما قصتها وكيف نجى الله عليها من آمن به, واتبع رسوله وأهلك أهل الأرض كلهم .

ـ قال تَعَالَى (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) أي: تعقلها أولو الألباب ويعرفون المقصود منها الآية بها .( التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 373)

 

 
2) مسائل العقيدة في الآيات.

  * الإيمان باليوم الآخر( الصور ـ وأهوال يوم القيامة )

في قوله تعالى (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ * وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً * فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ * وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ * وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ * يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ) سورة الحاقة (13ـ 18)

* قال ابن كثير :

ـ قوله تعالى (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ ) يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأَوَّلُ ذَلِكَ نَفْخَةُ الْفَزَعِ ثُمَّ يَعْقُبُهَا نَفْخَةُ الصعق حين يصعق مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ بَعْدَهَا نَفْخَةُ الْقِيَامِ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ.(تفسير ابن كثير 4/ 531)

* قال الشيخ محمد العثيمين :

ـ قوله تعالى (نَفْخَةٌ واحِدَةٌ ) فتخرج كل روح في جسدها فإذا الناس قيام لرب العالمين .

ـ قوله تعالى (وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً) أي: فتتت الجبال واضمحلت وخلطت بالأرض ونسفت على الأرض فكان الجميع قاعاَ صفصفاَ لا ترى فيها عوجاَ ولا أمتاَ هذا ما يصنع بالأرض وماعليها .

ـ قوله تعالى (وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ) وأما ما يصنع في السماء ,فإنها تضطرب وتمور وتتشقق ويتغير لونها .

ـ قوله تعالى (وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ)

ـ قوله تعالى (وَالْمَلَكُ) أي: الملائكة الكرام.

ـ قوله تعالى (عَلى أَرْجائِها) على جوانب السماء وأركانها ,خاضعين لربهم ,مستكينين لعظمته.

ـ قوله تعالى (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) أملاك في غاية القوة إذا أتى للفصل بين العباد والقضاء بينهم بعدله وقسطه وفضله .

ـ قوله تعالى (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ) على الله

ـ قوله تعالى ( لَا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ) لا من أجسامكم وأجسادكم ولا من أعمالكم, فإن الله عالم الغيب والشهادة , ويحشر العباد حفاة عراة غرلاَ , في أرض مستوية يسمعهم الداعي ,وينفذهم البصر ,فحينئذ يجازيهم بما عملوا.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 373)

* قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:

حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تَحَاسَبُوا وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا، فَإِنَّهُ أَخَفُّ عَلَيْكُمْ فِي الْحِسَابِ غَدًا أَنْ تُحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الْأَكْبَرِ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ .(تفسير ابن كثير 4/ 532)

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  جزء الرابع والعشرون سورة الزمر (3) قــال تـعــالـى ﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللَّهِ لَ...