تفسير جزء عم (سورة النبأ)(2)
قـال الله تـعـالـى
{ إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً * يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً * وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً * وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً * إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً * لِلطَّاغِينَ مَآباً * لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً * لَا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً * إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً * جَزاءً وِفاقاً * إِنَّهُمْ كانُوا لَا يَرْجُونَ حِساباً * وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً * وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً * فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذاباً } النبأ (17ـ 30)
1) المسائل العقيدة في الآيات.
* الإيمان باليوم الآخر (مايحدث في يوم القيامة)
في قوله تعالى { إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً * يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً * وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً * وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً) النبأ (17ـ20)
* قال ابن كثير:
يقول تعالى مخبرا عن يوم الفصل ، وهو يوم القيامة ، أنه مؤقت بأجل معدود ، لا يزاد عليه ولا ينقص منه ، ولا يعلم وقته على التعيين إلا الله عز وجل(تفسير ابن كثير 4/463)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قوله تعالى {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ) وهو يوم القيامة، وسمي يوم فصل لأن الله يفصل فيه بين العباد فيفصل بين أهل الحق وأهل الباطل، ويفصل أيضاً بين أهل الجنة والنار.
ـ قوله تعالى {كان ميقاتاً} يعني ميقاتاً للجزاء موقوتاً لأجل معدود.
ـ وقوله تعالى (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) والنافخ الموكل فيها إسرافيل، ينفخ فيها نفختين:
1/ يفزع الناس ثم يصعقون فيموتون .
2/ يبعثون من قبورهم وتعود إليهم أرواحهم .
ـ قوله تعالى { فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً } فوجاً مع فوج أو يتلو فوجاً
وهذه الأفواج بحسب الأمم كل أمة تدعى إلى كتابها لتحاسب عليه، فيأتي الناس أفواجاً في هذا الموقف العظيم.
* عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ قَالُوا : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا ؟ قَالَ : أَبَيْتُ ، قَالُوا : أَرْبَعُونَ شَهْرًا ؟ قَالَ : أَبَيْتُ ، قَالُوا : أَرْبَعُونَ سَنَةً ؟ قَالَ : أَبَيْتُ ، ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيَنْبُتُونَ ، كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ قَالَ : وَلَيْسَ مِنَ الْإِنْسَانِ شَيْءٌ إِلَّا يَبْلَى ، إِلَّا عَظْمًا وَاحِدًا ، وَهُوَ عَجْبُ الذَّنَبِ ، وَمِنْهُ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"(صحيح مسلم باب مابين النفختين 5387 ) (تفسير ابن كثير 4/463)
ـ قوله تعالى (وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً)فتحت وانفرجت فتكون أبواباً بعد أن كانت سقفاً محفوظاً تكون في ذلك اليوم أبواباً مفتوحة،.
ـ وقوله تعالى (وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً) أن الجبال العظيمة الصماء تُدك فتكون كالرمل ثم تكون كالسراب تسير. ( التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/408ـ409)
* قال ابن كثير :
ـ وقوله تعالى (فَكَانَتْ سَرَاباً) يخيل إلى الناظر أنها شيء ، وليست بشيء ، بعد هذا تذهب بالكلية ، فلا عين ولا أثر ،
كما قال تعالى (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبّي نَسْفاً * فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً * لاّ تَرَىَ فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً) [ طه : 105 - 107 ] (تفسير ابن كثير 4/464)
* وصف أهل النار .
في قوله تعالى(إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً * لِلطَّاغِينَ مَآباً * لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً * لَا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً * إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً * جَزاءً وِفاقاً * إِنَّهُمْ كانُوا لَا يَرْجُونَ حِساباً * وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً * وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً * فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذاباً ) النبأ (21ـ 30)
* قال الشيخ محمد العثيمين:
وسميت بهذا الاسم: لأنها ذات جهمة وظلمة بسوادها وقعرها.
ـ قوله تعالى (كَانَتْ مِرْصَاداً) مرصدة ومعدة للطاغين .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 409)
* قال ابن كثير :
ـ قوله تعالى (لِلطَّاغِينَ مَآباً) وهم المردة العصاة المخالفون للرسل
ـ وقوله تعالى (مآبا) أي مرجعا ومتقلبا ومصيرا ونزلا. (تفسير ابن كثير 4/464)
* قال الشيخ محمد العثيمين:
ـ قوله تعالى (لابِثِينَ فِيها ) أي باقين فيها،
ـ قوله تعالى {أَحْقَاباً} أي مدداً طويلة. ( التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 410)
* قال ابن كثير :
ـ قوله تعالى ( لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً) لا يجدون في جهنم بردا لقلوبهم ولا شرابا طيبا يتغذون به.
ـ وقوله تعالى (ِإلا حَمِيماً) هو الحار الذي قد انتهى حره وحموه .
ـ وقوله تعالى (وَغَسَّاقاً ) والغساق : هو ما اجتمع من صديد أهل النار وعرقهم ودموعهم وجروحهم.(تفسير ابن كثير 4/464)
* قال الشيخ محمد العثيمين:
إن الغساق هو شراب منتن الرائحة شديد البرودة، فيجمع لهم بين الماء الحار الشديد الحرارة، والماء البارد الشديد البرودة
ليذوقوا العذاب من الناحيتين:
ـ من ناحية الحرارة.
ـ ومن ناحية البرودة.
فالآية الكريمة تدل على أنهم لا يذوقون إلا هذا الشراب الذي يقطع أمعاءهم من حرارته، ويفطّر أكبادهم من برودته.( التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/411)
* قال ابن كثير :
ـ قوله تعالى (جَزاءً وِفاقاً)هذه العقوبة وفق أعمالهم الفاسدة التي كانوا يعملونها في الدنيا.
ـ وقوله تعالى (إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً) لم يكونوا يعتقدون أن ثم دارا يجازون فيها ويحاسبون. .(تفسير ابن كثير 4/465)
* قال الشيخ محمد العثيمين:
ـ وقوله تعالى (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً)أي لا يؤملون أن يحاسبوا بل ينكرون الحساب ينكرون البعث , يرجون حساباً يحاسبون به لأنهم ينكرون ذلك، هذه عقيدة قلوبهم، أما ألسنتهم فيكذبون يقولون هذا كذب، هذا سحر، هذا جنون، وما أشبه ذلك.
ـ قوله تعالى (وَكُلَّ شَيْءٍ } يشمل ما يفعله الله من الخلق والتدبير في الكون.
ـ وقوله تعالى { أَحْصَيْناهُ} ضبطناه بالإحصاء الدقيق الذي لا يختلف.
ـ وقوله تعالى { كِتاباً } يعني كتباً.
ـ في الحديث الصحيح
(أن الله تعالى كتب مقادير كل شيء إلى أن تقوم الساعة)أخرجه مسلم، كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى صلى الله عليهما وسلم (2653) .
ـ وقوله تعالى (فَذُوقُواْ)ذوقوا العذاب إهانة وتوبيخا : فلن نرفعه عنكم ولن نخفف عنكم .
ـ وقوله تعالى (فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً)لا نبقيكم على ما أنتم عليه لا نزيدكم إلا عذاباّ في قوته ومدته ونوعه . .( التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/412)
صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق