الجمعة، 21 أغسطس 2020


تفسير جزء عم (سورة المطففين (1)

بسم الله الرحمن الرحيم

(وَيْلٌّ للْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَٰئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ *كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَّرْقُومٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ * كَلَّا  بَلْ  رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ * كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ * ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ * ثُمَّ يُقَالُ هَٰذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ) سورة المطففين(1ـ 17)

                                               

1) الأحكام الشرعية في الآيات.

     * النهي عن البخس والمكيال :

في قوله تعالى (وَيْلٌّ للْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) (المطففين(1ـ3)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قوله تعالى (وَيْلٌّ) كلمة وعيد يتوعد الله سبحانه وتعالى بها من خالف أمره، أو ارتكب نهيه.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 453/10)

* قال ابن كثير :

ـ قوله تعالى (للْمُطَفِّفِينَ)

فالمراد بالتطفيف: البخس في المكيال والميزان إما بالازدياد إن اقتضى من الناس وإما بالنقصان إن قضاهم.(تفسير ابن كثير 485/4)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قوله تعالى (الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ) يعني اشتروا منهم ما يكال استوفوا منهم الحق كاملاً بدون نقص.

ـ قوله تعالى { وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ) أي هم الذين باعوا الطعام كيلاً، إذا وزنوا نقصوا.

ـ قوله تعالى { يُخْسِرُونَ } فهؤلاء يستوفون حقهم كاملاً، وينقصون حق غيرهم،

فجمعوا بين الأمرين، بين الشح والبخل.

  الشح: في طلب حقهم كاملاً بدون مراعاة أو مسامحة.

 والبخل: بمنع ما يجب عليهم من إتمام الكيل والوزن. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 453/10)

* قال ابن كثير :

وأهلك الله قوم شعيب ودمرهم على ما كانوا يبخسون الناس في المكيال والميزان . (تفسير ابن كثير 485/4)

 

                                           

2) المسائل العقيدة في الآيات.

     * الإيمان باليوم الآخر (البعث ـ الحشر )

في قوله تعالى (أَلَا يَظُنُّ أُولَٰئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ* يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) المطففين(4ـ6)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قال تعالى { أَلَا يَظُنُّ } الظن هنا بمعنى اليقين.

ـ قال تعالى {أُولَٰئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ } مخرجون من قبورهم لله رب العالمين

ـ قال تعالى { لِيَوْمٍ عَظِيمٍ },عظيم في أهواله.

ـ قوله تعالى (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) يقومون من قبورهم.

حفاة:  ليس لهم نعال ولا خفاف

عراة: ليس عليهم ثياب لا قُمص ولا أزر ولا أردية

غرلاً: أي غير مختونين .

حديث: قال النبي عليه الصلاة والسلام:

(إنكم تحشرون يوم القيامة حفاة، عراة، غرلاً» قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ: «الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض» ؟

 قال النبي صلى الله عليه وسلّم:

 «الأمر أعظم من أن ينظر بعضهم إلى بعض) أخرجه البخاري كتاب الرقاق، باب الحشر، (6527) ومسلم كتاب صفة الجنة باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة (2859) (56) .

ـ قال تعالى{ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } وهو الله جل وعلا، وفي هذا اليوم تتلاشى جميع الأملاك إلا ملك رب العالمين جل وعلا،

قال تعالى{ يَوْمَ هُم بَارِزُونَ ۖ لَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ۚ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ۖ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: 16 ـ 17] . ( التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 454ـ455/10)

                             

3) الوعد والوعيد في الآيات:

     * الوعيد في الآيات:

في قوله تعالى (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَّرْقُومٌ) المطففين(7ـ9)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قوله تعالى (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ)

السجين : إنه مأخوذ من السجن الضيق، وهذا المكان الضيق هو نار جهنم .

ـ كما قال تعالى {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُّقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا * لَّا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا} [الفرقان 13، 14] .

ـ قوله تعالى { وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ } فالاستفهام هنا للتعظيم

أي ما الذي أعلمك بسجين؟

وهذا التعظيم في سجين ليس لرفعته وعلوه ولكنه لسفوله ونزوله. .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين10 /456ـ457)

ـ قوله تعالى { كِتَابٌ مَّرْقُومٌ } يعني مكتوب لا يزاد فيه ولا ينقص ولا يبدل ولا يغيّر.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين10 /456ـ457)

                             

4) المسائل العقيدة في الآيات

    * وجوب الإيمان باليوم الآخر:

في قوله تعالى (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ * كَلَّا  بَلْ  رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ) المطففين(10ـ 14)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قوله تعالى (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ) توعدهم الله بالويل.

 ـ قوله تعالى (الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) المكذبين بيوم الدين لا يمكن أن يستقيموا على شريعة الله. لا يستقيم على شريعة الله إلا من آمن بيوم الدين.

ـ قوله تعالى { وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ) ما يكذب بيوم الدين وينكره.

ـ قوله تعالى { إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ }

  ـ قيل:{ مُعْتَدٍ} في أفعاله { أَثِيمٍ} في أقواله

  ـ وقيل:{مُعْتَدٍ} في أفعاله { أَثِيمٍ} في كسبه أي أن مآله إلى الإثم .

ـ قوله تعالى { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا} يعني إذا تلاها عليه أحد.

ـ قوله تعالى {قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} جمع أسطورة وهو الكلام لا حقيقة له ولا أصل له.

فيقول: هذا القرآن أساطير الأولين، ولم ينتفع بالقرآن وهو أبلغ الكلام وأشده تأثيراً على القلب

قال تعالى{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37] .

ـ قوله تعالى { كَلَّا بَلْ} ليست أساطير الأولين.

ـ قوله تعالى { رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم} اجتمع عليها وحجبها عن الحق

ـ قوله تعالى { مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ } من الأعمال السيئات؛ لأن الأعمال السيئات تحول بين المرء وبين الهدى. .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 457/10)

                           

*حجب الكفار عن رؤية الله يوم القيامة.

في قوله تعالى (كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ * ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ * ثُمَّ يُقَالُ هَٰذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ) المطففين(15ـ17)

* قال الشيخ محمد العثيمين :

ـ قوله تعالى (كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ) في يوم القيامة فإنهم يحجبون عن رؤية الله عز وجل كما حُجبوا عن رؤية شريعته .

وبهذه الآية استدل أهل السنة والجماعة على ثبوت رؤية الله عز وجل

* ورؤية الله عز وجل ثابتة بالكتاب، ومتواتر السنة، وإجماع الصحابة والأئمة :

* من الكتاب.

كما قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 23]

* السنة.

ـ قال النبي عليه الصلاة والسلام

 «إنكم سترون ربكم عياناً كما ترون الشمس صحواً ليس دونها سحاب» (اخرجه البخاري كتاب التوحيد، (7473) ومسلم كتاب الإيمان باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم سبحانه وتعالى (180) (296) .

ـ وقال عليه الصلاة والسلام:

 «إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته» (أخرجه البخاري كتاب التوحيد (7434) ومسلم كتاب الإيمان باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم سبحانه وتعالى (180) (296)

* إجماع الصحابة والأئمة.

وقد آمن بذلك الصحابة رضي الله عنهم والتابعون لهم بإحسان من سلف هذه الأمة وأئمتها. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 458/10)

                           

5) الوعد والوعيد في الآيات:

     * الوعيد في الآية:

لقوله تعالى (ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ * ثُمَّ يُقَالُ هَٰذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ) المطففين(16ـ17)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قوله تعالى { ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ } هؤلاء الفجار.

ـ قوله تعالى { لَصَالُوا الْجَحِيمِ} يصلون حرارتها أو عذابها.

ـ قوله تعالى {هَٰذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ} فيجتمع عليهم العذاب البدني بصلي النار وكذلك العذاب القلبي بالتوبيخ والتنديم. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 459/10)

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  جزء الرابع والعشرون سورة الزمر (3) قــال تـعــالـى ﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللَّهِ لَ...