الجمعة، 21 أغسطس 2020


تفسير جزء عم (سورة عبس:1)

بسم الله الرحمن الرحيم

 (عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى * وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى* وَما عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى * وَهُوَ يَخْشى * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى * كَلاَّ إِنَّها تَذْكِرَةٌ * فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرامٍ بَرَرَةٍ) سورة عبس (1ـ16)

                                                  

1) أسباب نزول الآيات.

    * نزلت في ابن أم مكتوم:

  * قال ابن كثير:

أن رسول الله ﷺ كان يوما يخاطب بعض عظماء قريش وقد طمع في إسلامه فبينما هو يخاطبه ويناجيه إذ أقبل ابن أم مكتوم وكان ممن أسلم قديما فجعل يسأل رسول الله ﷺ، عن شيء ويلح عليه وعبس في وجه ابن أم مكتوم وأعرض عنه وأقبل على الآخر, فأنزل الله عز وجل (عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى * وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى )عبس (1ـ3) (تفسير ابن كثير 471/4)

* قال الشيخ محمد العثيمين :

ـ قوله تعالى{ عَبَسَ } الضمير يعود إلى رسول الله , كلح في وجهه يعني استنكر الشيء بوجهه.

ـ قوله تعالى { وَتَوَلَّى } أعرض.

ـ قوله تعالى { أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى }

 الأعمى: هو عبد الله بن عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، فإنه جاء إلى النبي ﷺ قبل الهجرة وهو في مكة، وكان عنده قوم من عظماء قريش يطمع النبي ﷺ في إسلامهم

ومن المعلوم أن العظماء والأشراف إذا أسلموا كان ذلك سبباً لإسلام من تحتهم وكان طمع النبي ﷺ فيهم شديداً.

فكان النبي عليه الصلاة والسلام في عبوسه وتوليه:

الأمرين.

1/ الرجاء في إسلام هؤلاء العظماء.

 2/ ألا يزدروا النبي ﷺ في كونه يلتفت إلى هذا الرجل الأعمى الذي هو محتقر عندهم.

هذا اجتهاد من رسول الله ﷺ وليس احتقاراً لابن أم مكتوم؛ لأننا نعلم أن النبي ﷺ لا يهمه إلا أن تنتشر دعوة الحق بين عباد الله.

ـ قوله تعالى { وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى) شيء يريبك أن يتزكى هذا الرجل ويقوي إيمانه.

ـ قوله تعالى { لَعَلَّهُ } لعل ابن أم مكتوم.

ـ قوله تعالى { يَزَّكَّى } يتطهر من الذنوب والأخلاق .

ـ قوله تعالى { أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى } يتعظ فتنفعه الموعظة فإنه رضي الله عنه أرجى من هؤلاء أن يتعظ ويتذكر.

ـ قوله تعالى { أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى } استغنى بماله لكثرته، واستغنى بجاهه لقوته وهم العظماء الذين عند رسول الله ﷺ.

ـ قوله تعالى { فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى} تتعرض وتطلب إقباله عليك وتقبل عليه.

ـ قوله تعالى { وَما عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى } يعني ليس عليك شيء إذا لم يتزكى هذا المستغني؛ لأنه ليس عليك إلا البلاغ.

ـ قوله تعالى { وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى) يستعجل من أجل انتهاز الفرصة إلى حضور مجلس النبي ﷺ.

ـ قوله تعالى { وَهُوَ يَخْشى } يخاف الله عز وجل بقلبه.

ـ قوله تعالى{ فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى } تتلهى عنه وتتغافل لأنه انشغل برؤساء القوم لعلهم يهتدون. (التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين10/ 430ـ431)

                           

2) المسائل العقيدة في الآيات.

       * فضل القرآن الكريم:

   في قوله تعالى (كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ)عبس(11ـ 12)

 * قال ابن كثير:

ـ قوله تعالى (كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ) يعني القرآن. (تفسير ابن كثير 471/4)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

تذكر الإنسان بما ينفعه وتحثه عليه، وتذكر له ما يضره وتحذره منه ويتعظ بها القلب.

ـ قوله تعالى (فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ) فمن شاء ذكر ما نزل من الموعظة فاتعظ، ومن شاء لم يتعظ.

ـ قوله تعالى (فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ)معظمة عند الله، والصحائف جمع صحيفة وهي ما يكتب فيه القول. .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين10/ 431ـ432)

* قال ابن كثير :

 ـ قوله تعالى (مَّرْفُوعَةٍ) عَالِيَةِ الْقَدْرِ.

ـ قوله تعالى (مُطَهَّرَةٍ ) مِنَ الدنس والزيادة والنقص.(تفسير ابن كثير 4/ 605)

* قال الشيخ محمد العثيمين:

ـ قوله تعالى (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ )السفرة الملائكة

ـ سبب تسمية الملائكة بالسفرة:

قيل: لأنهم كتبة مأخوذة من السَّفَر أو من السَّفْرِ وهو الكتاب.

قيل: السفرة الوسطاء بين الله وبين خلقه.

والصحيح : لأنهم سفراء بين الله وبين الخلق.

 فجبريل عليه الصلاة والسلام واسطة بين الله وبين الخلق في النزول بالوحي، والكتبة الذين يكتبون ما يعمل الإنسان أيضاً يكتبونه ويبلغونه إلى الله عز وجل، والله تعالى عالم به حين كتابته وقبل كتابته.

ـ قوله تعالى { كِرَامٍ }كرام في أخلاقهم, كرام في خلقتهم.

ـ قوله تعالى (بَرَرَةٍ) جمع بر وهو كثير الفضل والإحسان .

مسالة:

هل يجوز لقب الإنسان بوصفه الأعمى والأعرج والأعمش؟

يقول الشيخ محمد العثيمين :

جواز لقب الإنسان بوصفه مثل الأعمى والأعرج والأعمش، وقد كان العلماء يفعلون هذا، الأعرج عن أبي هريرة، الأعمش عن ابن مسعود .. وهكذا

قال أهل العلم :

*اللقب بالعيب إذا كان المقصود به تعيين الشخص فلا بأس به،

*وأما إذا كان المقصود به تعيير الشخص فإنه حرام؛ لأنه لا يقصد به التبيين وإنما يقصد به الشماتة .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين10/ 432ـ433)

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  جزء الرابع والعشرون سورة الزمر (3) قــال تـعــالـى ﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللَّهِ لَ...