الأربعاء، 3 مارس 2021


جزء الأحقاف سورة الأحقاف (3)

قــال تــعــالـى

(وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ * فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هَذَا عارِضٌ مُمْطِرُنا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لَا يُرى إِلاَّ مَساكِنُهُمْ كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ * وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ * وَلَقَدْ أَهْلَكْنا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ * فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْباناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذلِكَ إِفْكُهُمْ وَما كانُوا يَفْتَرُونَ)سورة الأحقاف (21ـ 28)

                                                        

1) القصص القرآنية في الآيات.

     * قصة قوم عاد (الأحقاف )

في قوله تعالى (وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ * فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هَذَا عارِضٌ مُمْطِرُنا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لَا يُرى إِلاَّ مَساكِنُهُمْ كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ * وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)سورة الأحقاف (21ـ 26)

 * قال ابن كثير :

يَقُولُ تَعَالَى مُسَلِّيًا لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَكْذِيبِ مَنْ كذب مِنْ قَوْمِهِ وَاذْكُرْ أَخا عادٍ وَهُوَ هُودٌ عليه الصلاة والسلام، بعثه الله عز وجل إِلَى عَادٍ وَكَانُوا يَسْكُنُونَ الْأَحْقَافَ.(تفسير ابن كثير 4/202)

* قال الشيخ محمد العثيمين :

ـ قوله تعالى (وَاذْكُرْ) بالثناء الجميل.

 ـ قوله تعالى (أَخا عادٍ) وهو هود عليه السلام حيث كان من الرسل الكرام الذين فضلهم الله تعالى بالدعوة إلى دينه وإرشاد الخلق إليه.

 ـ قوله تعالى (إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ) وهم عاد.

 ـ قوله تعالى (بِالْأَحْقافِ) في منازلهم المعروفة بالأحقاف وهي : الرمال الكثيرة في أرض اليمن.

ـ قوله تعالى (وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ ) يعني وقد أرسل الله تعالى إِلَى مَنْ حَوْلَ بِلَادِهِمْ مِنَ الْقُرَى مُرْسَلِينَ ومنذرين .(تفسير ابن كثير4/202)

ـ قوله تعالى (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ) فلم يكن بدعاّ منهم ولا مخالفاّ لهم.

ـ قوله تعالى (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ ) فأمرهم بعبادة الله الجامعة لكل قول سديد وعمل حميد, ونهاهم عن الشرك والتنديد.

ـ قوله تعالى (إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) وخوفهم إن لم يطيعوه العذاب الشديد.

ـ قوله تعالى (أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا ) ليس لك من القصد ولا معك من الحق إلا أنك حسدتنا على آلهتنا فأردت أن تصرفنا عنها .

ـ قوله تعالى (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) وهذا غاية الجهل والعناد.

ـ قوله تعالى (قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ) فهو الذي بيده أزمة الأمور ومقاليدها وهو الذي يأتيكم بالعذاب إن شاء .

ـ قوله تعالى (أَنِّي أُبْلِغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ) ليس عليً إلا البلاغ المبين.

 ـ قوله تعالى (وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) أَيْ لَا تَعْقِلُونَ وَلَا تَفْهَمُونَ.(تفسير ابن كثير 4/202)

فأرسل الله عليهم العذاب العظيم وهو الريح التي دمرتهم وأهلكتهم

ـ قوله تعالى (فَلَمَّا رَأَوْهُ ) العذاب.

ـ قوله تعالى (عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ) معترضاّ كالسحاب قد أقبل على أوديتهم التي تسيل فتسقى نوابتهم ويشربون من آبارها .

ـ قوله تعالى (قالُوا ) مستبشرين .

ـ قوله تعالى (هَذَا عارِضٌ مُمْطِرُنا) هذا السحاب سيمطرنا.

ـ قوله تعالى (بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ ) هذا الذي جنيتم به على أنفسكم حيث قلتم.

( فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)

ـ قوله تعالى (رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ) من شدتها ونحسها ,فسلطها الله عليهم.

ـ لقوله تعالى (سَبْعَ لَيَالٍۢ وَثَمَٰنِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى ٱلْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍۢ) (الحاقة :7)

ـ قوله تعالى (بِأَمْرِ رَبِّها )أَيْ بإذنه ومشيئته .

ـ قوله تعالى (فَأَصْبَحُوا لَا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ) قد تلفت مواشيهم وأموالهم وأنفسهم

ـ قوله تعالى (كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) بسبب جرمهم وظلمهم.

مع أن الله قد أدرً عليهم النعم العظيمة فلم يشكروه

ـ قوله تعالى (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ ) مكناهم في الأرض يتناولون طيباتها ويتمتعون بشهواتها وعمرانها عمرا يتذكر فيه من تذكر.

ـ قوله تعالى (فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ ) فلا تحسبوا أن ما مكناكم فيه مختص بكم وأنه سيدفع عنكم من عذاب الله شيئاّ ,بل غيركم أعظم منكم تمكيناّ فلم تغن عنهم أموالهم ولا أولادهم ولا جنودهم من الله شيئاّ.

ـ قوله تعالى (وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً ) لا قصور في أسماعهم ولا أبصارهم ولا أذهانهم حتى يقال إنهم تركوا الحق جهلا منهم .

ـ قوله تعالى (فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ ) لا قليل ولا كثير.

ـ قوله تعالى (إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ ) بسبب جحدهم .

ـ قوله تعالى (بِآياتِ اللَّهِ ) الدالة على توحيده وإفراده بالعبادة.

ـ قوله تعالى (وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) نزل بهم العذاب الذي يكذبون بوقوعه ويستهزئون بالرسل الذين حذروهم منه.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/98ـ99)

* عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ:

( مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مستجمعا ضاحكا حتى رأيت منه لهواته إنما كان يبستم وقالت:

 كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَى غَيْمًا أَوْ رِيحًا عُرِفَ ذَلِكَ في وجهه، قالت: يا رسول الله إن النَّاسُ إِذَا رَأَوُا الْغَيْمَ فَرِحُوا رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْمَطَرُ وَأَرَاكَ إِذَا رَأَيْتَهُ عَرَفْتُ في وجهك الكراهية، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَائِشَةُ مَا يُؤَمِّنُنِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ قَدْ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ، وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ الْعَذَابَ فَقَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا» «وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ. أخرجه البخاري في تفسير سورة 96، باب 2، ومسلم في الاستسقاء حديث 14، وأبو داود في الأدب باب 104.

* عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ قَالَ:

 «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا فِيهَا وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ» قَالَتْ: وَإِذَا تَخَيَّلَتِ * السَّمَاءُ تَغَيَّرَ لونه وخرج ودخل وأقبل وأدبر، فإذا أمطرت سري عنه، فعرفت ذلك عائشة رضي الله عنها

فسألته فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«لَعَلَّهُ يَا عَائِشَةُ كَمَا قَالَ قَوْمُ عَادٍ فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هَذَا عارِضٌ مُمْطِرُنا )(تخيلت: أي تغيمت وتهيأت للمطر.( أخرجه مسلم في الاستسقاء حديث 16.

                             

2) الوعد والوعيد في الآيات.

  * الوعيد في الآية :

في قوله تعالى (وَلَقَدْ أَهْلَكْنا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ * فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْباناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذلِكَ إِفْكُهُمْ وَما كانُوا يَفْتَرُونَ)سورة الأحقاف (27ـ 28)

* قال الشيخ محمد العثيمين :

 ـ قوله تعالى(وَلَقَدْ أَهْلَكْنا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى) يحذر تعالى مشركي العرب وغيرهم بإهلاك الأمم المكذبين الذين هم حول ديارهم ,بل كثير منهم في جزيرة العرب كعاد وثمود ونحوهم .

ـ قوله تعالى(وَصَرَّفْنَا الْآياتِ ) نوعها من كل وجه.

ـ قوله تعالى (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) عما هم عليه من الكفر والتكذيب.

ـ قوله تعالى (فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ) لم تنفعهم آلهتهم التي يدعون من دون الله .

ـ قوله تعالى ( قُرْباناً آلِهَةً) يتقربون إليهم لرجاء نفعهم.

ـ قوله تعالى (بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ ) فلم يجيبوهم , ولا دفعوا عنهم.

ـ قوله تعالى (وَذلِكَ إِفْكُهُمْ وَما كانُوا يَفْتَرُونَ) من الكذب الذي يمنون به أنفسهم حيث يزعمون أنهم على الحق وأن أعمالهم ستنفعهم فضلت وبطلت.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/99)

صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  جزء الرابع والعشرون سورة الزمر (3) قــال تـعــالـى ﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللَّهِ لَ...