جزء الذاريات سورة الرحمن (3)
قــــال تـــعــالــى
(وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ * ذَواتا أَفْنانٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ * فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ* فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ * فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ * مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ * فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ * كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ * هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ * وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ * مُدْهامَّتانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ * فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ * فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ * فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ * حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ * لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ * مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ * تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ)سورة الرحمن (46ـ 78)
1) الوعد والوعيد في الآيات.
* الوعد في الآيات( نعيم المقربين ـ أصحاب اليمين)
* قال ابن كثير :
وَهَذِهِ الْآيَةُ عَامَّةٌ فِي الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، فَهِيَ مِنْ أَدَلِّ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ الْجِنَّ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِذَا آمَنُوا وَاتَّقَوْا، وَلِهَذَا امْتَنَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الثَّقَلَيْنِ بِهَذَا الْجَزَاءِ.(تفسير ابن كثير 4/ 352)
* منزلة الجنة:
1/ نعيم المقربين في قوله تعالى (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) سورة الرحمن (46ـ 47)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قوله تعالى { وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ} يعني أن من خاف المقام بين يدي الله يوم القيامة، فإن له جنتين. وهذا الخوف يستلزم شيئين:
الأول: الإيمان بلقاء الله لأن الإنسان لا يخاف من شيء إلا وقد تيقنه.
الثاني: أن يتجنب محارم الله، وأن يقوم بما أوجبه الله خوفاً من عقاب الله تعالى.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/266)
عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ:
« جَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا رِدَاءُ الْكِبْرِيَاءِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ» «أخرجه البخاري في تفسير سورة 55، باب 1 و 2، ومسلم في الإيمان حديث 296، والترمذي في الجنة باب 3، 7، وابن ماجة في المقدمة باب 13، والدارمي في الرقاق باب 101، وأحمد في المسند 4/ 411، 416.
2/ نعيم أصحاب اليمين في قوله تعالى (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)سورة الرحمن (62ـ 63)
* قال ابن كثير :
هَاتَانِ الْجَنَّتَانِ دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا فِي الْمَرْتَبَةِ وَالْفَضِيلَةِ وَالْمَنْزِلَةِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ.
وَقَالَ أَبُو مُوسَى: جَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ لِلْمُقَرَّبِينَ وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ مِنْ دُونِهِمَا فِي الدَّرَجِ.
وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: مِنْ دُونِهِمَا فِي الْفَضْلِ.(تفسير ابن كثير 4/355)
* أشجار الجنة:
1/ نعيم المقربين في قوله تعالى (ذَواتا أَفْنانٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)سورة الرحمن (48ـ 49)
* قال ابن كثير :
ـ قوله تعالى (ذَواتا أَفْنانٍ) أَيْ أَغْصَانٍ نَضِرَةٍ حَسَنَةٍ تَحْمِلُ مِنْ كُلِّ ثَمَرَةٍ نَضِيجَةٍ فَائِقَةٍ .
قَالَ عَطَاءٌ : إِنَّ الْأَفْنَانَ أَغْصَانُ الشَّجَرِ يَمَسُّ بَعْضُهَا بَعْضًا.
قال ابن عباس: ذَواتا أَفْنانٍ ذواتا ألوان.
قَالَ عَطَاءٌ: كُلُّ غُصْنٍ يَجْمَعُ فُنُونًا مِنَ الْفَاكِهَةِ، وَكُلُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ صَحِيحَةٌ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهَا.(تفسير ابن كثير 4/ 352ـ 353)
2/ نعيم أصحاب اليمين في قوله تعالى (مُدْهامَّتانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) سورة الرحمن (64ـ 65)
ـ قوله تعالى(مُدْهامَّتانِ) أَيْ سَوْدَاوَانِ مِنْ شِدَّةِ الري من الماء.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : قَدِ اسْوَدَّتَا مِنَ الْخُضْرَةِ مِنْ شِدَّةِ الرِّيِّ مِنَ الْمَاءِ.(تفسير ابن كثير 4/ 355)
* أنهار الجنة:
1/ نعيم المقربين في قوله تعالى (فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)سورة الرحمن (50ـ 51)
* قال ابن كثير :
ـ قوله تعالى (فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ) أَيْ تَسْرَحَانِ لِسَقْيِ تِلْكَ الْأَشْجَارِ وَالْأَغْصَانِ فَتُثْمِرُ مِنْ جَمِيعِ الْأَلْوَانِ .
قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: إِحْدَاهُمَا يُقَالُ لَهَا تَسْنِيمٌ، وَالْأُخْرَى السَّلْسَبِيلُ.
قَالَ عَطِيَّةُ: إِحْدَاهُمَا مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ، وَالْأُخْرَى مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ.
* قال الشيخ محمد العثيمين:
وقد ذكر الله تعالى أن في الجنة أنهاراً من أربعة أصناف
فقال تعالى{ مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى } (سورة محمد :15)
والعينان اللتان تجريان، يظهر - والله أعلم - أنهما سوى هذه الأنهار الأربعة.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/266)
2/ نعيم أصحاب اليمين في قوله تعالى (فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) سورة الرحمن (66ـ 67)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قوله تعالى { فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ } أي: تنضخ بالماء، أي: تنبع.
وفي الجنتين السابقتين { فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ }
والجري أكمل من النبع، لأن النبع لايزال في مكانه لكنه لا ينضب، أما الذي يجري فإنه يسيح، فهو أعلى وأكمل.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 267)
* فاكهة أهل الجنة:
1/ نعيم المقربين في قوله تعالى (فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) سورة الرحمن (52ـ 53)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قوله تعالى (فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ) أي: في هاتين الجنتين من كل فاكهة، والفاكهة كل ما يتفكه الإنسان به مذاقاً ونظراً، فيشمل أنواع الفاكهة الموجودة في الدنيا، وربما يكون هناك فواكه أخرى ليس لها نظير في الدنيا.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/266)
قال ابن عباس: ليس في الجنة مما في الدنيا إلا الأسماء فقط. (أخرجه أبو نعيم في صفة الجنة (رقم 124) .
2/ نعيم أصحاب اليمين في قوله تعالى (فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) سورة الرحمن (68ـ 69)
* قال ابن كثير :
ـ قوله تعالى { فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأُولَى أَعَمُّ وَأَكْثَرُ فِي الْأَفْرَادِ وَالتَّنْوِيعِ عَلَى فَاكِهَةٍ.(تفسير ابن كثير 4/356)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
والنخل والرمان معروفان في الدنيا، ولكن الاسم واحد والمسمى يختلف اختلافاً كثيراً.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/267)
* فرش أهل الجنة :
1/ نعيم المقربين في قوله تعالى (مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) سورة الرحمن (54ـ 55)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قوله تعالى{ مُتَّكِئِينَ} أي: يتنعمون ويتفكهون، متكئين.
والاتكاء:
قيل: إنه التربع، لأن الإنسان أريح ما يكون إذا كان متربعاً.
وقيل: معتمدين على مساند من اليمين والشمال ووراء الظهر.
ـ قوله تعالى { عَلى فُرُشٍ} يعني جالسين.
ـ قوله تعالى (بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ) يعني بطانة الفراش وهو ما يدحى به الفراش من استبرق وهو غليظ الديباج.
وأما أعلى هذه الفرش فهو من سندس، وهو رقيق الديباج، وكله من الحرير.
ـ قوله تعالى{ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ} تأمل أو تصور هذه الحال إنسان متكئ مطمئن
مستريح يريد أن يتفكه من هذه الفواكه
هل يقوم من مكانه الذي هو مستقر فيه متكئ فيه ليتناول الثمرة؟
قال أهل العلم:
إنه كلما نظر إلى ثمرة وهو يشتهيها، مال الغصن حتى كانت الثمرة بين يديه لا يحتاج إلى تعب وإلى قيام، بل هو متكئ، ينظر إلى الثمرة مشتهياً إياها، فتتدلى له بأمر الله عز وجل .
ـ قوله تعالى { دانٍ } قريب يحس، إذا نظر إليه الرجل أو المرأة فإنه يتدلى حتى يكون بين يديه.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 266)
2/ نعيم أصحاب اليمين في قوله تعالى (مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)سورة الرحمن (76ـ 77)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قوله تعالى{ مُتَّكِئِينَ} أي: معتمدين بأيديهم وظهورهم.
ـ قوله تعالى{ عَلى رَفْرَفٍ} أي: على مساند ترفرف مثل ما يكون على أطراف المساند، ويكون في الأسرّة، هكذا يرفرف.
ـ قوله تعالى{ خُضْرٍ} لأن اللون الأخضر أنسب ما يكون للنظر، وأشد ما يكون بهجة للقلب.
ـ قوله تعالى{ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ } العبقري هو الفرش الجيدة جداً.
ولهذا يسمى الجيد من كل شيء عبقري.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/268)
* أزواج أهل الجنة:
1/ نعيم المقربين في قوله تعالى (فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ * كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)سورة الرحمن (56ـ 61)
* قال الشيخ محمد العثيمين:
ـ قوله تعالى{ فِيهِنَّ } يشمل الجنات الأربع، هاتين الجنتين، والجنتين اللتين بعدهما.
ـ قوله تعالى { قاصِراتُ الطَّرْفِ } يعني أنها تقصر طرفها أي نظرها على زوجها فلا تريد غيره.
والوجه الآخر: قاصرات الطرف، أي: أنها تقصر طرف زوجها عليها فلا يريد غيرها.
ـ قوله تعالى { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ } أي: لم يجامعهن
وقيل: إن الطمث مجامعة البكر، أنهن أبكار لم يجامعهن أحد من قبل لا إنس ولا جن.
ـ قوله تعالى{ كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ} أي: في الحسن والصفاء كالياقوت والمرجان، وهما جوهران نفيسان، الياقوت في الصفاء، والمرجان في الحمرة، يعني أنهن مشربات بالحمرة مع صفاء تام.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/267)
ـ قَالَ أبو هريرة: قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ القمر ليلة البدر والتي تليها على ضوء كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ اثْنَتَانِ يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ وَمَا فِي الْجَنَّةِ أَعْزَبُ» «وَهَذَا الْحَدِيثُ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ وَأَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. أخرجه مسلم في الجنة حديث 14.
ـ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ :حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ أَوْ مَوْضِعُ قَيْدِهِ- يَعْنِي سَوْطَهُ- مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوِ اطَّلَعَتِ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَى الْأَرْضِ لَمَلَأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحًا وَلَطَابَ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» « وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ بنحوه. المسند 3/ 141.أخرجه البخاري في فضائل الجهاد باب 17.
* قال الشيخ محمد العثيمين:
ـ قوله تعالى{ هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ } يعني ما جزاء الإحسان إلا الإحسان
ـ الإحسان الأول: العمل.
ـ والإحسان الثاني: الثواب.
أي: ما جزاء إحسان العمل إلا إحسان الثواب.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 267)
2/ نعيم أصحاب اليمين في قوله تعالى (فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ *حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ * لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)سورة الرحمن (70ـ 74)
* قال ابن كثير :
ـ قوله تعالى (فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ)
قِيلَ: الْمُرَادُ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ حَسَنَةٌ فِي الْجَنَّةِ .
وَقِيلَ: خَيْرَاتٌ جَمْعُ خَيِّرَةٍ وَهِيَ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ الْحَسَنَةُ الْخُلُقِ الْحَسَنَةُ الْوَجْهِ.(تفسير ابن كثير 4/356)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قوله تعالى(حُورٌ) الحوراء هي الجميلة، التي جملت في جميع خلقها، وبالأخص العين: شديدة البياض، شديدة السواد، واسعة مستديرة من أحسن ما يكون.
ـ قوله تعالى{ مَقْصُوراتٌ } أي: مخبئات.
ـ قوله تعالى{ فِي الْخِيامِ } جمع خيمة، والخيمة معروفة هي بناء له عمود وأروقة، لكن الخيمة في الآخرة ليست كالخيمة في الدنيا، بل هي خيمة من لؤلؤة طولها في السماء مرتفع جداً، ويرى من في باطنها من ظاهرها، ولا تسأل عن حسنها وجمالها، هؤلاء الحور مقصورات مخبئات في هذه الخيام على أكمل ما يكون من الدلال والتنعيم.
ـ قوله تعالى{ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ } يعني لم يجامعهن أحد، بل هي باقية على بكارتها إلى أن يغشاها زوجها.
ـ قوله تعالى { وَلا جَانٌّ } أي: ولا جن، وهذا يدل على أن الجن يدخلون الجنة مع الإنس وهو كذلك، لأن الله لا يظلم أحداً، والجن منهم مسلمون ومنهم كافرون، كالإنس تماماً.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/268)
ـ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ:
«إِنَّ فِي الْجَنَّةِ خَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلًا فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْلٌ مَا يَرَوْنَ الْآخَرِينَ يَطُوفُ عَلَيْهِمُ الْمُؤْمِنُونَ»
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حديث أبي عمران به ولفظه
«إن للمؤمنين في الجنة لخيمة من لُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَةٍ مُجَوَّفَةٍ، طُولُهَا سِتُّونَ مِيلًا، لِلْمُؤْمِنِ فِيهَا أَهْلٌ يَطُوفُ عَلَيْهِمُ الْمُؤْمِنُ فَلَا يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا»( أخرجه البخاري في تفسير سورة 55، باب 2، وبدء الخلق باب 8، ومسلم في الجنة حديث 23، و 25، والترمذي في الجنة باب 3، والدارمي في الرقاق باب 109.
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قوله تعالى { فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ } المعنى التقرير، يعني أن النعم واضحة فبأي شيء تكذبون؟
الجواب: لا نكذب بشيء، نعترف بآلاء الله ونعمه ونقر بها ونعترف بأننا مقصرون، لم نشكر الله تعالى حق شكره، ولكننا نؤمن بأن الله أوسع من ذنوبنا وأن الله تبارك وتعالى عفو كريم يحب توبة عبده، ويحب التوابين، ويحب المتطهرين.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 268)
2) مسائل العقيدة في الآيات .
* الله سبحانه ذي العظمة والكبرياء:
في قوله تعالى (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ )سورة الرحمن :78)
* قال ابن كثير :
أَيْ هُوَ أَهْلٌ أَنْ يُجَلَّ فَلَا يُعْصَى، وَأَنْ يُكْرَمَ فَيُعْبَدَ، وَيُشْكَرَ فَلَا يُكْفَرَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ ذِي الْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ.(تفسير ابن كثير 4/ 358)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قوله تعالى{ ذِي } أي: ذي العظمة والإكرام, بمعنى صاحب، وهي صفة لرب،
ـ قوله تعالى(الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ ) ذو الجلال والإكرام يكرم من يستحق الإكرام، وهو يكرم عباده الصالحون.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/269)
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَالسُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إِذَا سَلَّمَ لَا يَقْعُدُ يَعْنِي بَعْدَ الصَّلَاةِ إلا بقدر ما يقول:
«اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» « أخرجه مسلم في المساجد حديث 135، 136، وأبو داود في الوتر باب 23، والترمذي في الصلاة باب 108، والنسائي في السهو باب 58، 81، وابن ماجة في الإقامة باب 32.
تم بحمد الله تفسير سورة الرحمن
صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق