جزء الذاريات تفسير سورة الطور (1)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالطُّورِ * وَكِتابٍ مَسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ * وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ * وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ * وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ * إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دافِعٍ * يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً * وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً * فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ * يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا *هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ *أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ * اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّما تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ * فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ * وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ * يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لَا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ* وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ * قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) سورة الطور (1ـ 28)
1) مسائل العقيدة في الآيات :
* أقسم الله بهذه المخلوقات الدالة على عظمته تعالى:
في قوله تعالى (وَالطُّورِ * وَكِتابٍ مَسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ * وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ * وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ * وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ * إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دافِعٍ * يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً * وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً)سورة الطور (1ـ 9)
* قال ابن كثير :
أقسم تَعَالَى بِمَخْلُوقَاتِهِ الدَّالَةِ عَلَى قُدْرَتِهِ الْعَظِيمَةِ أَنَّ عَذَابَهُ وَاقِعٌ بِأَعْدَائِهِ، وَأَنَّهُ لَا دَافِعَ لَهُ عَنْهُمْ.
ـ قوله تعالى(فَالطُّورُ )هُوَ الْجَبَلُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ أَشْجَارٌ مِثْلَ الَّذِي كَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مُوسَى ، وَمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَجَرٌ لَا يُسَمَّى طُورًا إِنَّمَا يُقَالُ لَهُ جَبَلٌ .(تفسير ابن كثير 4/ 303)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قوله تعالى (وَكِتابٍ مَسْطُور) المراد بالكتاب المسطور القرآن الكريم.
ـ قوله تعالى { فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ } صفة لكتاب، ويحتمل أن تكون صفة لرق، والمعنى واحد.
والمراد بالمنشور: يعني المفرق الذي يكون بأيدي كل قارئ، وهذا يصدق تماماً على القرآن الكريم، فإنه بين يدي كل قارئ حتى الصغار من المسلمين يقرؤونه.
ـ قوله تعالى (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ)
قيل : بيت في السماء السابعة يقال له: الضراح، هذا البيت يدخله كل يوم سبعون ألف ملك يتعبدون فيه ثم لا يعودون إليه .
وقيل: إن المراد بالبيت المعمور بيت الله في الأرض وهو الكعبة؛ لأنه معمور بالطائفين والعاكفين، والقائمين، والركع السجود.
فهل يمكن أن تحمل الآية على المعنيين جميعاً؟
ليس هناك منافاة بين أن يكون المقسم به الكعبة، أو البيت المعمور في السماء، لأن كلا البيتين معظم، ذاك معظم في أهل السماء، وهذا معظم في أهل الأرض.
فالصواب أن الآية: شاملة لهذا وهذا، إلا إذا وُجد قرينة ترجح أن المراد به البيت المعمور في السماء.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 202ـ 203)
* قال ابن كثير :
البيت المعمور: هُوَ كَعْبَةُ أَهْلِ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَلِهَذَا وَجَدَ إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام مَسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، لِأَنَّهُ بَانِي الْكَعْبَةِ الْأَرْضِيَّةِ، وَالْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ، وَهُوَ بِحِيَالِ الْكَعْبَةِ.
وَفِي كُلِّ سَمَاءٍ بَيْتٌ يَتَعَبَّدُ فِيهِ أَهْلُهَا وَيُصَلُّونَ إِلَيْهِ وَالَّذِي فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا يُقَالُ لَهُ بَيْتُ الْعِزَّةِ.
ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ:
«ثُمَّ رُفِعَ بِي إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، وَإِذَا هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفًا لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ» « أخرجه البخاري في بدء الخلق باب 6، ومناقب الأنصار باب 42، ومسلم في الإيمان حديث 264، والنسائي في الصلاة باب 1، وأحمد في المسند 4/ 207، 209، 210..
يَعْنِي يَتَعَبَّدُونَ فِيهِ وَيَطُوفُونَ به كَمَا يَطُوفُ أَهْلُ الْأَرْضِ بِكَعْبَتِهِمْ .(تفسير ابن كثير 4/ 303)
ـ قوله تعالى{ وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ } هو السماء، وسماه الله سقفاً .
أقسم الله تعالى بالسماء لما فيها من الآيات العظيمة من نجوم وشمس وقمر، وإحكام وإتقان.
ـ قوله تعالى {وَالْبَحْرِ } كلمة البحر قيل: إن المراد به البحر الذي عليه عرش الرحمن .
.ـ قوله تعالى{ الْمَسْجُورِ}
قيل: ممنوع من أن يفيض على الأرض فيغرق أهلها، وهذه آية من آيات الله.
وقيل: المراد بالمسجور الذي سيسجر، أي: يوقد
كما قال الله تعالى: {وإذا البحار سجرت} . أي: أوقدت. وهذا يكون يوم القيامة.
والمراد به المعنيان جميعاً: لأنه لا منافاة بين هذا وهذا، فكلاهما من آيات الله عز وجل.
ـ قوله تعالى {إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ} هذا هو جواب القسم، يعني لابد أن يقع عذاب الله الذي وعد.
ـ قوله تعالى(مَا لَهُ مِنْ دافِعٍ } أَيْ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ يَدْفَعُهُ عَنْهُمْ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهِمْ ذَلِكَ.(تفسير ابن كثير 4/ 305)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
عذاب الله على الكافرين: ليس له دافع، لا أحد يدفعه، لا قبل وقوعه ولا بعد وقوعه، ولهذا لا تنفعهم الشفاعة فيرفع عنهم العذاب.
أما عذاب الله للمؤمن: المذنب فإن الأصل أنه واقع لكنه , قد يرفع بفضل من الله
بالشفاعة، وقد يرفع بأعمال صالحة تغمر الأعمال السيئة.
ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفَّعهم الله فيه». أخرجه مسلم، كتاب الجنائز، باب من صلى عليه مائة شفعوا فيه (947)
ـ قوله تعالى (يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً )
والمور بمعنى الاضطراب، يعني أن السماء تضطرب وتتشقق.
ـ قوله تعالى (وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً ) أي: تسير سيراً عظيماً، وذلك أن الجبال تكون هباءً منثوراً.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 205)
2) الوعد والوعيد في الآيات .
* الوعيد في الآية :
في قوله تعالى (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ * يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا * هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ* أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ * اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّما تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)سورة الطور (11ـ 16)
* قال ابن كثير :
ـ قوله تعالى(فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) أَيْ وَيْلٌ لَهُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وعِقَابِهِ لَهُمْ .
ـ قوله تعالى(هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ) أَيْ هُمْ فِي الدُّنْيَا يَخُوضُونَ فِي الْبَاطِلِ وَيَتَّخِذُونَ دِينَهُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا.
ـ قوله تعالى(يَوْمَ يُدَعُّونَ ) أَيْ يُدْفَعُونَ وَيُسَاقُونَ .
ـ قوله تعالى(إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) قَالَ مُجَاهِدٌ: يُدْفَعُونَ فِيهَا دَفْعًا .
ـ قوله تعالى (هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) أَيْ تَقُولُ لَهُمُ الزَّبَانِيَةُ ذَلِكَ تَقْرِيعًا وَتَوْبِيخًا.
ـ قوله تعالى (أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ اصْلَوْها) أَيِ ادْخُلُوهَا دُخُولَ مَنْ تَغْمُرُهُ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ .
ـ قوله تعالى (فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ) أَيْ سَوَاءٌ صَبَرْتُمْ عَلَى عَذَابِهَا وَنَكَالِهَا أَمْ لَمْ تَصْبِرُوا لَا مَحِيدَ لَكُمْ عنها ولا خلاص لكم منها.
ـ قوله تعالى (وإِنَّما تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أَيْ وَلَا يَظْلِمُ الله أحدا بل يجازي كلا بعمله.(تفسير ابن كثير 4/ 305ـ306)
* الوعد في الآية :
في قوله تعالى (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ * فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ* كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ * وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ * يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لَا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ * وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ * قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) )سورة الطور (17ـ 28)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قوله تعالى(إِنَّ الْمُتَّقِينَ) والمتقون هم الذين قاموا بطاعة الله امتثالاً لأمره واجتناباً لنهيه.
ـ قوله تعالى { فِي جَنَّاتٍ } ، وجنات جمع جنة، وهي الدار التي أعدها الله تعالى للمتقين في الآخرة.
ـ قوله تعالى (وَنَعِيمٍ } أي نعيم البدن، ونعيم القلب، فهم في سرور دائم، وهم في صحة دائمة.(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/206ـ207)
* قال ابن كثير :
ـ قوله تعالى (فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ) أَيْ يَتَفَكَّهُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنَ النَّعِيمِ مِنْ أَصْنَافِ الْمَلَاذِّ مِنْ مَآكِلَ وَمَشَارِبَ وَمَلَابِسَ وَمَسَاكِنَ وَمَرَاكِبَ وَغَيْرِ ذَلِكَ .
ـ قوله تعالى (وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ ) أَيْ وَقَدْ نَجَّاهُمْ مِنْ عَذَابِ النَّارِ
وَتِلْكَ نِعْمَةٌ مُسْتَقِلِّةٌ بِذَاتِهَا عَلَى حِدَتِهَا مَعَ مَا أُضِيفَ إِلَيْهَا مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ الَّتِي فِيهَا مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خطر على قلب بشر.(تفسير ابن كثير 4/ 306)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قوله تعالى (كُلُوا) فعل أمر، وهذا الأمر ليس تكليفاً وإنما الأمر هنا للتكريم، أي يقال لهم: كلوا من كل ما في الجنة من النعيم.
ـ قوله تعالى (وَاشْرَبُوا) مما فيها من الأنهار
أربعة :
ـ أنهار من ماء غير متغير.
ـ أنهار من لبن لم يتغير طعمه.
ـ أنهار من خمر لذة للشاربين.
ـ أنهار من عسل مصفى.
ـ قوله تعالى { هَنِيئاً } الهنيء هو الذي لا يكون له عاقبة سيئة.
ـ قوله تعالى { بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } أي: بسبب ما كنتم تعملون
(فالباء) هنا للسببية، وليست الباء للعوض،
لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:
«لن يدخل الجنة أحد بعمله» أخرجه البخاري، كتاب المرضى، باب نهي تمني المريض الموت (5673) ومسلم، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب لن يدخل أحد الجنة بعمله بل برحمة الله تعالى (2816)
فإن قيل: إن الله تعالى قال: { بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } ، فجعل الله تعالى ذلك بسبب العمل، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لن يدخل الجنة أحد بعمله» ؟
يدخل الجنة بعمله، فالمعنى السببية .
وإذا قال: لن يدخل الجنة أحد بعمله، فالمعنى البدلية.
فلو أننا حوسبنا على أعمالنا بالمعاوضة والمبادلة لكانت نعمة واحدة تستوعب جميع العمل , إن الباء للسببية وليست للبدلية.
ـ قوله تعالى { مُتَّكِئِينَ } أي : حال كونهم متكئين، والمتكئ تدل هيئته على أنه في سرور وانشراح وطمأنينة .
ـ قوله تعالى (عَلى سُرُرٍ) جمع سرير، وهي الكراسي الفخمة المتهيئة أحسن تهيئة للجالس عليها.
ـ قوله تعالى { مَصْفُوفَةٍ }أي مصفوف بعضها إلى بعض، يصفها الخدم والولدان.
ـ قوله تعالى { وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ }أي: قرناهم بحور عين.
والحور: جمع حوراء, والأصل الحور هو البياض.
والعين : جمع عيناء، وأما العيناء فهي التي كانت جميلة العين في سوادها وبياضها، فهن حسان الوجوه، حسان الأعين.
ـ قوله تعالى { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ } أي: الذين آمنوا واتبعتهم الذرية بالإيمان .
ـ قوله تعالى { أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ } أي: جعلنا ذريتهم تلحقهم في درجاتهم وهم الذرية الصغار.
وأما الكبار الذين تزوجوا فهم مستقلون بأنفسهم في درجاتهم في الجنة، لا يلحقون بآبائهم, لأن لهم ذرية فهم في مقرهم.
ـ قوله تعالى { وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ } أي: نقصناهم، يعني أن ذريتهم تلحق بهم، لا يستلزم النقص من ثواب ودرجات الآباء.
ـ قوله تعالى { كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ } كل واحد فإنه رهين بعمله لا ينقص منه شيء
أما الزيادة فهي فضل من الله تبارك وتعالى على من شاء من عباده.
ـ قوله تعالى { وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ } أي: أعطاهم عطاء مستمراً إلى الأبد بفاكهة وهي ما يتفكه به من المأكولات.
ـ قوله تعالى { وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ } أي: مما يشتهونه ويستلذونه، وقد بين الله نوع هذا اللحم بأنه لحم طير، وهو أشهى ما يكون من اللحم.
ـ قوله تعالى { يَتَنازَعُونَ } أي: أن أهل الجنة ينازع بعضهم بعضاً على سبيل المداعبة، وعلى سبيل الأنس والانشراح.
ـ قوله تعالى { كَأْساً } والمراد بها كأس الخمر.
ـ قوله تعالى { لَا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ } خمر الآخرة ليس فيها لغو ولا تأثيم
أي: لا يلغو بعضهم على بعض، ولا يتكلمون بالهذيان، ولا يعتدي بعضهم على بعض.
ـ قوله تعالى { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ } أي: يتردد على أهل الجنة وهم على سررهم متكئين .
ـ قوله تعالى { غِلْمانٌ لَهُمْ } أي: غلمان مهيئون لهم في الخدمة التامة المريحة
ـ قوله تعالى { كَأَنَّهُمْ } أي: الغلمان
ـ قوله تعالى { لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ } أي: محفوظ عن الرياح وعن الغبار وعن غير
ذلك مما يفسده.
ـ قال تعالى { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ } أي صار بعضهم يسال بعضاً، لكنه على وجه الأدب يتكلم معه .
ـ قال تعالى { قالُوا } أي: قال بعضهم لبعض
ـ قال تعالى { إِنَّا كُنَّا قَبْلُ } أي: في الدنيا
ـ قال تعالى { فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ } أي خائفين من عذاب الله .
ـ قال تعالى { فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا } أي: أنعم علينا بنعمة عظيمة.
ـ قال تعالى { وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ } أي: عذاب النار
ـ قال تعالى { إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ } أي: قبل أن نصل إلى هذا المقر، وذلك في الدنيا
ـ قال تعالى { نَدْعُوهُ } أي: نعبده ونسأله.
يشمل :
دعاء العبادة: كالصلاة، والصدقة، والصيام، والحج، وبر الوالدين وصلة الأرحام، كل هذا دعاء.
ودعاء مسألة: لا يسألون غير الله ولا يلجئون إلا إلى الله.
ـ قال تعالى { إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ } بمعنى الواسع الإحسان والرحمة، ومن ذلك البرية، للمكان الخالي من الأبنية، فالمعنى أنه جل وعلا واسع الإحسان والعطاء والجود
ـ قال تعالى (الرَّحِيمُ) أي ذو الرحمة البالغة، يرحم بها من يشاء من عباده تبارك وتعالى، وفي هذه الآيات بيان نعيم أهل الجنة.
صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين