جزء قَدْ سَمِعَ (سورة المجادلة (3)
قـــــال تـــعـــالــى
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ * أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ * لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ * يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ * اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ * كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ * لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) سورة المجادلة (12ـ 22)
1) الأحكام الشرعية في هذه الآيات.
* الأمر بتقديم الصدقة عند مناجاة الرسول عليه الصلاة والسلام.
في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ)سورة المجادلة (12ـ 13)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قوله تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )
يأمر تعالى المؤمنين بالصدقة أمام مناجاة رسوله محمد صل الله عليه وسلم تأديباّ لهم وتعليماّ وتعظيماّ للرسول عليه الصلاة والسلام
فإن هذا التعظيم خير للمؤمنين وأطهر أي: بذلك يكثر خيركم وأجركم ,وتحصل لكم الطهارة من الأدناس ,التي من جملتها ترك احترام الرسول صل الله عليه وسلم والأدب معه بكثرة المناجاة التي لا ثمرة تحتها .
فإنه إذا أمر بالصدقة بين يدي مناجاته صار هذا ميزاناّ لمن كان حريصاّ على الخير والعلم فلا يبالي بالصدقة .
ومن لم يكن له حرص ولا رغبة في الخير , وإنما مقصوده مجرد كثرة الكلام ,فينكف بذلك عن الذي يشق على الرسول ,هذا في الواجد للصدقة ,
وأما الذي لا يجد الصدقة ,فإن الله لم يضيق عليه الأمر , بل عفا عنه وسامحه , وأباح له المناجاة بدون تقديم صدقة لا يقدر عليها.
ـ قوله تعالى(أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ) ثم لما رأى تبارك وتعالى شفقة المؤمنين ,ومشقة الصدقات عليهم عند كل مناجاة سهل الأمر عليهم ,ولم يؤاخذهم بترك الصدقة بين يدي المناجاة ,وبقي التعظيم للرسول والاحترام
لأن هذا الحكم من باب المشروع لغيره ,ليس مقصوداّ لنفسه ,وإنما المقصود هو الأدب مع الرسول والإكرام له .
ـ قوله تعالى (فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا) أي: لم يهن عليكم تقديم الصدقة ,ولا يكفي هذا ,فإنه ليس من شرط الأمر أن يكون هيناّ على العبد ,ولهذا قيده بقوله
ـ قوله تعالى (وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ) أي: عفا لكم عن ذلك.
ـ قوله تعالى (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) بأركانها وشروطها ,وجميع حدودها ولوازمها
ـ قوله تعالى (وَآتُوا الزَّكاةَ) المفروضة في أموالكم إلى مستحقيها , وهاتان العبادتان هما أم العبادات البدنية والمالية .
ـ قوله تعالى (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ) وهذا أشمل ما يكون من الأوامر ,ويدخل في ذلك طاعة الله وطاعة رسوله ,بامتثال أوامرهما واجتناب نواهيهما ,وتصديق ما أخبرا به والوقوف عند حدوده.
ـ قوله تعالى (وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) فيعلم تعالى أعمالهم ,وعلى أي: وجه صدرت ,فيجازيهم على حسب علمه بما في صدورهم .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 323)
2) الفوائد المستنبطة من الآيات .
* صفات المنافقين
في قوله تعالى(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ * لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ * يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ * اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ)سورة المجادلة (14ـ 19)
* قال ابن كثير :
يقول الله تَعَالَى مُنْكِرًا عَلَى الْمُنَافِقِينَ فِي مُوَالَاتِهِمُ الْكُفَّارَ فِي الْبَاطِنِ. وَهُمْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا مَعَهُمْ وَلَا مَعَ الْمُؤْمِنِينَ
ـ قوله تعالى ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ) يَعْنِي الْيَهُودَ الَّذِينَ كَانَ الْمُنَافِقُونَ يمالونهم ويوالونهم في الباطن
ـ قوله تعالى (مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ ) أَيْ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ لَيْسُوا فِي الْحَقِيقَةِ لَا مِنْكُمْ أَيُّهَا المؤمنون، ولا من الذين يوالونهم وهم اليهود.
ثم قال تعالى( وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) يَعْنِي الْمُنَافِقِينَ يَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ، وَهُمْ عَالِمُونَ بِأَنَّهُمْ كَاذِبُونَ فِيمَا حَلَفُوا وَهِيَ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ
فَإِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا، وإذا جاءوا الرسول حلفوا له بالله أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ يَكْذِبُونَ فِيمَا حَلَفُوا بِهِ، لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ صِدْقَ مَا قَالُوهُ ، وَلِهَذَا شَهِدَ اللَّهُ بِكَذِبِهِمْ فِي أَيْمَانِهِمْ وَشَهَادَتِهِمْ لِذَلِكَ.
ثُمَّ قَالَ تعالى(أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ) أَيْ أَرْصَدَ اللَّهُ لَهُمْ عَلَى هَذَا الصَّنِيعِ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ, عَلَى أَعْمَالِهِمُ السَّيِّئَةِ وَهِيَ مُوَالَاةُ الْكَافِرِينَ وَنُصْحُهُمْ وَمُعَادَاةُ الْمُؤْمِنِينَ، وَغِشُّهُمْ.
وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى( اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) أَيْ أَظْهَرُوا الْإِيمَانَ وَأَبْطَنُوا الْكُفْرَ وَاتَّقَوْا بِالْأَيْمَانِ الْكَاذِبَةِ، فَظَنَّ كَثِيرٌ مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ حَقِيقَةَ أَمْرِهِمْ صِدْقَهُمْ فَاغْتَرَّ بِهِمْ، فَحَصَلَ بِهَذَا صَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لِبَعْضِ النَّاسِ.
ـ قوله تعالى(فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) أَيْ فِي مُقَابَلَةِ مَا امْتَهَنُوا مِنَ الْحَلِفِ بِاسْمِ اللَّهِ الْعَظِيمِ فِي الْأَيْمَانِ الْكَاذِبَةِ الْحَانِثَةِ.
ثُمَّ قَالَ تعالى( لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً ) أَيْ لَنْ يَدْفَعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ بَأْسًا إِذَا جَاءَهُمْ( أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ )
ثم قال تعالى( يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً) أَيْ يَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ آخِرِهِمْ فَلَا يُغَادِرُ مِنْهُمْ أَحَدًا.
ـ قوله تعالى ( فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ) أَيْ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْهُدَى وَالِاسْتِقَامَةِ كَمَا كَانُوا يَحْلِفُونَ لِلنَّاسِ فِي الدُّنْيَا ، وَيَعْتَقِدُونَ أَنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ كَمَا كَانَ يَنْفَعُهُمْ عِنْدَ النَّاسِ فَيُجْرُونَ عَلَيْهِمُ الْأَحْكَامَ الظَّاهِرَةَ وَلِهَذَا قَالَ
ـ قوله تعالى (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ ) أَيْ حلفهم بذلك لربهم عز وجل.
ـ قوله تعالى (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ) مُنْكِرًا عَلَيْهِمْ حُسْبَانَهُمْ فَأَكَّدَ الْخَبَرَ عَنْهُمْ بِالْكَذِبِ.
قال تعالى(اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ) أَيِ استحوذ على قلوبهم الشيطان حَتَّى أَنْسَاهُمْ أَنْ يَذْكُرُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ،
ـ قوله تعالى (أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ) يَعْنِي الَّذِينَ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ . .(تفسير ابن كثير 4/418ـ 419)
ـ قوله تعالى ( أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ) الذين خسروا دينهم وديناهم وأنفسهم وأهليهم .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 324)
3) الوعد والوعيد في الآيات:
في قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ * كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) سورة المجادلة (20ـ 21)
* قال الشيخ محمد العثيمين:
هذا وعد وعيد , وعيد لمن حاد الله ورسوله بالكفر والمعاصي ,أنه مخذول مذلول ,لا عاقبة له حميدة ,ولا راية له منصورة
ووعد لمن آمن به ,وبرسله ,واتبع ما جاء به المرسلون ,فصار من حزب الله المفلحين ,أن لهم الفتح والنصر والغلبة في الدنيا والآخرة ,وهذا وعد لا يخلف ولا يغير ,فإنه من الصادق القوي العزيز الذي لا يعجزه شيء يريده. .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 324)
4) مسائل العقيدة في الآيات.
* محبة أهل الإيمان وموالاتهم:
في قوله تعالى (لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)سورة المجادلة (22)
* قال الشيخ محمد العثيمين :
ـ قوله تعالى (لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) أي: لا يجتمع هذا وهذا , فلا يكون العبد مؤمناّ بالله وباليوم الآخر حقيقة , إلا كان عاملاّ على مقتضى الإيمان ولوازمه , من محبة من قام بالإيمان وموالاتهم ,وبغض من لم يقم به ومعاداته, ولو كان أقرب الناس إليه ,وهذا هو الإيمان على الحقيقة.
ـ قوله تعالى(أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ ) وأهل هذا الوصف هم الذين كتب الله في قلوبهم الإيمان أي: رسمه وثبته وغرسه غرساّ , لا يتزلزل , ولا تؤثر فيه الشبه والشكوك
ـ قوله تعالى(وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) هم الذين قواهم الله بروح منه أي: بوحيه ومعونته , ومدده الإلهي وإحسانه الرباني
ـ قوله تعالى(وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها) لهم جنات النعيم في دار القرار , التي فيها من كل ما تشتهيه الأنفس , وتلذ الأعين .
ـ قوله تعالى (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) أكبر النعيم وأفضله , وهو أن الله يحل عليهم رضوانه فلا يسخط عليهم أبداّ , ويرضون عن ربهم بما يعطيهم من أنواع الكرامات , ورفيع الدرجات بحيث لا يرون فوق ما أعطاهم مولاهم غاية ,ولا فوقه نهاية .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 324)
تم بحمد الله تفسير سورة المجادلة
صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق