جزء تبارك سورة نوح(2)
قــــال تــعــالــى
(قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَساراً * وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً * وَقالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً * وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً * مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصاراً * وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فاجِراً كَفَّاراً * رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَباراً) سورة نوح (21ـ 28)
* القصص القرآنية
* تكذيب قوم نوح لنبيهم نوح عليه السلام:
في قوله تعالى (قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَساراً * وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً * وَقالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً * وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً)سورة نوح (21ـ 24)
* قال الشيخ محمد العثيمين:
ـ قوله تعالى (قالَ نُوحٌ) شاكياّ لربه: إن هذا الكلام والوعظ والتذكير مانجع فيهم ولا أفاد.
ـ قوله تعالى (إِنَّهُمْ عَصَوْنِي) فيما أمرتهم به.
ـ قوله تعالى (وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ) أي: عصوا الرسول الناصح الدال على الخير , واتبعوا الملأ والأشراف الذين لم تزدهم أموالهم ولا أولادهم إلا خسارا.
ـ قوله تعالى (إِلاَّ خَساراً) أي: هلاكاّ وتفويتاّ للأرباح فكيف بمن انقاد لهم وأطاعهم؟!
ـ قوله تعالى (وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً) أي: مكراّ كبيراّ بليغاّ في معاندة الحق.
ـ قوله تعالى (وَقالُوا) لهم داعين إلى الشرك مزينين له.
ـ قوله تعالى ( لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ) فدعوهم إلى التعصب على ما هم عليه من الشرك.
ـ قوله تعالى (آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) ثم عينوا آلهتهم
وهذه أسماء رجال صالحين لما ماتوا زين الشيطان لقومهم أن يصوروا صورهم لينشطوا بزعمهم ـ على الطاعة إذا رأوها ,ثم طال الأمد ,وجاء غير أولئك
فقال لهم الشيطان: إن أسلافكم يعبدونهم , ويتوسلون بهم ,وبهم يسقون المطر ,فعبدوهم ,ولهذا أوصى رؤساؤهم للتابعين لهم أن لا يدعوا عبادة هذه الآلهة.
ـ قوله تعالى (وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً ) أي: وقد أضل الكبار والرؤساء بدعوتهم كثيراّ من الخلق
ـ قوله تعالى (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً) أي: لو كان ضلالهم عند دعوتي إياهم بحق , لكان مصلحة , ولكن لا يزيدون بدعوة الرؤساء إلا ضلالاّ فلم يبق محل لنجاحهم ولا لصلاحهم .(التفسير الثمين الشيخ محمد العثيمين 10/ 381)
* بيان عقوبة قوم نوح على تكذيبهم :
في قوله تعالى (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصاراً * وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فاجِراً كَفَّاراً * رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَباراً)سورة نوح (25ـ 28)
* قال ابن كثير :
ـ قوله تعالى (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا)
أَيْ مِنْ كَثْرَةِ ذُنُوبِهِمْ وَعُتُوِّهِمْ وَإِصْرَارِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ وَمُخَالَفَتِهِمْ رَسُولَهُمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا أَيْ نُقِلُوا مِنْ تَيَّارِ الْبِحَارِ إِلَى حَرَارَةِ النَّارِ.
ـ قوله تعالى ( فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصاراً) أَيْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مُعِينٌ وَلَا مُغِيثٌ وَلَا مُجِيرٌ يُنْقِذُهُمْ مِنْ عَذَابِ الله.
ـ قوله تعالى (وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) أَيْ لَا تَتْرُكْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنْهُمْ أَحَدًا ولا دومريا وَهَذِهِ مِنْ صِيَغِ تَأْكِيدِ النَّفْيِ
قَالَ الضَّحَّاكُ: دَيَّاراً وَاحِدًا
وَقَالَ السُّدِّيُّ: الدَّيَّارُ الَّذِي يَسْكُنُ الدَّارَ.
فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ فَأَهْلَكَ جَمِيعَ مَنْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ حَتَّى وَلَدَ نُوحٍ لِصُلْبِهِ الَّذِي اعْتَزَلَ عَنْ أَبِيهِ، وَنَجَّى اللَّهُ أَصْحَابَ السَّفِينَةِ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُمُ الَّذِينَ أمره الله بحملهم معه.
ـ قوله تعالى (إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ ) أَيْ إِنَّكَ إِنْ أَبْقَيْتَ مِنْهُمْ أَحَدًا أَضَلُّوا عِبَادَكَ، أَيِ الَّذِينَ تَخْلُقُهُمْ بَعْدَهُمْ .
ـ قوله تعالى (وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً ) أَيْ فَاجِرًا فِي الْأَعْمَالِ كَافِرَ الْقَلْبِ وَذَلِكَ لِخِبْرَتِهِ بِهِمْ وَمُكْثِهِ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا.
ـ قوله تعالى (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً )
قَالَ الضَّحَّاكُ: يَعْنِي مَسْجِدِي، وَلَا مَانِعَ مِنْ حَمْلِ الْآيَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا وَهُوَ أَنَّهُ دَعَا لِكُلِّ مَنْ دَخَلَ مَنْزِلَهُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ.
ـ قوله تعالى( وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) دُعَاءٌ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَذَلِكَ يَعُمُّ الْأَحْيَاءَ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ.
وَلِهَذَا يُسْتَحَبُّ مِثْلُ هَذَا الدُّعَاءِ اقْتِدَاءً بِنُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَبِمَا جَاءَ فِي الْآثَارِ وَالْأَدْعِيَةِ الْمَشْهُورَةِ الْمَشْرُوعَةِ.
ـ قوله تعالى (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً )
قَالَ السُّدِّيُّ: إِلَّا هَلَاكًا
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: إِلَّا خَسَارًا أَيْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.(تفسير ابن كثير 4/548ـ549)
تم ولله الحمد تفسير سورة نوح
صل الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق